خرج العقيد معمر القذافي عن صمته المستمر منذ نهاية الشهر الماضي، وأعلن أنه لن يرحل عن طرابلس وسيبقى فيها حياً او ميتاً ومستعد ل «الاستشهاد». وشنّ حلف شمال الأطلسي (الناتو) غارات عنيفة على مقر القذافي في باب العزيزية في طرابلس قبل بث كلمة الزعيم الليبي وبعدها، في تصعيد واضح من الدول الغربية لزيادة القذافي عليه للتنحي والرحيل. وتزامن كلام القذافي مع تأكيد الرئيس باراك أوباما، خلال استقباله المستشارة الألمانية انغيلا مركل في البيت الأبيض، أن الضغط سيتواصل على العقيد الليبي حتى يتنحى، مشيراً إلى أن ذلك بات مسألة وقت فقط. وأوردت وكالة الجماهيرية الليبية الرسمية أن مقر القذافي في باب العزيزية تعرض لغارات عنيفة تضمت إسقاط قرابة 50 صاروخاً على مواقع عسكرية ومدنية. وأفاد مسؤول ليبي أن الغارات أصابت ثكنات للحرس الشعبي والحرس الثوري، مشيراً إلى أن ليس في الأمكان معاينة آثار القصف لأن المواقع المستهدفة يُحظر دخول المدنيين إليها. لكن السلطات الليبية سمحت لاحقاً للمراسلين الأجانب بمعاينة الدمار الهائل الذي لحق بالمواقع المقصوفة، في مؤشر ربما يعني أنها لم يعد لها أهمية عسكرية بعد تدميرها تدميراً كاملاً. وواضح أن القصف العنيف الذي يتعرض له مجمع باب العزيزية منذ أيام يتضمن «رسالة» إلى القذافي بأن الغرب جاد في إكمال مهمة إرغامه على التنحي. لكن الزعيم الليبي تعهد في خطاب بثه التلفزيون الحكومي على الهواء مباشرة بالقتال حتى النهاية. ونقلت عنه «رويترز»: «أمامنا خيار واحد وهو بلادنا ونحن فيها للنهاية... موت... حياة لا يهم». وقال: «نحن أقوى من صواريخكم... أقوى من طائراتكم. صوت الشعب الليبي أقوى من صوت الانفجارات وأقوى من حاملات الطائرات». واضاف أنه مستعد لاطلاق العنان لما بين 250 ألفاً ونصف مليون ليبي مسلح لتطهير البلاد من «العصابات المسلحة»، في اشارة الى المعارضة المسلحة التي تسيطر على شرق البلاد. وشوهد القذافي على التلفزيون الرسمي آخر مرة في 30 أيار (مايو) في لقطة تظهره مجتمعاً مع الرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما. وذكرت وكالة «فرانس برس» أن انفجارات جديدة هزت بعد ظهر الثلثاء العاصمة الليبية بعد دقائق على بث التسجيل الصوتي للقذافي. وفي واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مع المستشارة الألمانية ان الضغط سيتواصل على الزعيم الليبي معمر القذافي حتى تنحيه. وقال أوباما: «لقد كنا واضحين المستشارة وأنا: على القذافي التنحي عن السلطة وتسليمها إلى الليبيين، وسيتواصل الضغط عليه حتى يتنحى». وقال إن ذلك لم يعد سوى مسألة وقت فقط. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمام مجلس العموم بعد ظهر أمس «إننا نزيد الضغوط العسكرية والاقتصادية والديبلوماسية على نظام القذافي»، مشيراً إلى «أننا زدنا وتيرة الغارات الجوية على قوات النظام. هذه الغارات تتم (حالياً) بمعدل 50 غارة يومياً». وقال إن نظام القذافي «بات في عزلة وفي موقع دفاعي». على صعيد آخر، أفادت وكالة «أسوشيتد برس» أن محامين يمثّلون عائشة، إبنة العقيد القذافي، رفعوا دعويين في باريس وبروكسيل بزعم حصول «اغتيال» في أواخر نيسان (ابريل) الماضي راح ضحيته أفراد من عائلة الزعيم الليبي بغارة شنها حلف «الناتو» على طرابلس.