ينال الجسم الإعلامي المصري، معارضاً كان او موالياً، مع كل تغيير داخلي، حصته من ردود فعل القوى والاحزاب والتيارات السياسية، وبما أن وسائل التواصل الإجتماعي باتت اداة اعلام وتعريف مؤثرة، فإنها الأكثر عرضة لاجراءات الرقابة والحجب والدعاوى القانونية. ومع وصول المشير عبد الفتاح السيسي إلى سدة الرئاسة في مصر، أُعلن عن توقف برنامج "البرنامج" الذي يقدمه باسم يوسف، والذي ساهم بشكل أو بآخر في إسقاط حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ممثل جماعة "الاخوان المسلمين"، بسبب "ضغوط قاهرة" تعرضت لها قناة "إم بي سي مصر"، فيما قررت وزارة الداخلية المصرية مراقبة شبكات التواصل الإجتماعي معتبرة ذلك "انجازاً علمياً" وليس قمعاً للحريات. وترافق ذلك مع مطالبة وزارة الداخلية المصرية شركات أجنبية باعتماد نظام إلكتروني لمراقبة وسائل التواصل الإجتماعي بهدف الحد من "الإرهاب"، بعدما تحولت الى "مواقع تشجع على العمليات الإرهابية وزعزعة أمن البلاد". وقال مساعد وزير الداخلية للعلاقات العامة والإعلان المصري اللواء عبد الفتاح عثمان، إن مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بحثاً عمن يصنعون المتفجرات "إنجاز علمي يُحسب لوزارة الداخلية". وأكد ان "هدفنا اصطياد من يقومون بتصنيع التفجيرات التي تستهدف الأبرياء، ولا نسعى للتدخل في خصوصية أي كان". وتابع عثمان أن "أميركا تراقب المكالمات، فاذا وجدت ما يضر الأمن القومي تضعه تحت المراقبة، وهذا النظام الذي وضعته وزارة الداخلية لا يمكن أن ينتهك خصوصية أحد"، مضيفاً "سنضع كلمة متفجرات مثلا، فإذا تكلم عنها أي شخص ستظهر لنا بدلاً من تصفح عشرات الآلاف من المواقع". وجاء تصريح عثمان بعد اتهامات للوزارة بأنها تحاول عبر هذا النوع من البرامج، انتهاك الخصوصية الفردية. ووصف بعض الناشطين هذه الخطوة بأنها "عودة الى حكم مبارك وانتهاك للدستور المصري". وانتشر على مواقع التواصل الإجتماعي هاشتاغ "احنا متراقبين"، وتصدر المرتبة الأولى في مصر بعد ساعات على اطلاقه، وفق تقرير صادر عن موقع "تويتر". وتناول الهاشتاغ مراقبة السلطات لمواقع التواصل الإجتماعي، ورأى الناشطون أن الحكومة تتدخل لمنع التعبير عن الرأي. وشكلت هذه الخطوة سابقة في التعاطي مع وسائل التواصل الإجتماعي، اذ لم تشهد أي من العهود السابقة اجراءات من هذا النوع، على رغم شيوع استخدام هذه الوسائل في التعبير عن الآراء السياسية. فخلال فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك لعبت مواقع التواصل الإجتماعي والإعلام الجديد دوراً رئيسياً في إشعال فتيل الثورة، وساهمت في تنظيم الأحتجاجات وجعلها أكثر فاعلية أمام ممارسات النظام والقوى الأمنية. وعمد المتظاهرون الى الدعوة التظاهرات والإعتصامات عبر هذه الوسائل، هرباً من الرقابة التي فرضتها السلطة. وإضافة الى تعاملها مع المتظاهرين بعنف، لجأت السلطات المصرية الى قطع الإنترنت وشبكات الهاتف في عهد مبارك، ما دفع شركات الإنترنت وخصوصا "غوغل" الى تأمين خطوط مباشرة للمصريين لتنظيم التظاهرات والإحتجاجات ونشر الصور ومقاطع الفيديو. أما في عهد خلفه مرسي، فلجأ الناشطون الى أسلوب جديد في مواجهة رأس السلطة. إذ اعتمدوا اسلوبا ساخرا وحادا في مهاجمة الرئيس المعزول والتيارات الإسلامية. وساهم برنامج "البرنامج" خصوصا في اسقاطه، بعدما عمد مقدمه باسم يوسف الى انتقاد الإعلام الإخواني في تعاطيه مع الازمات، اضافة الى اللعب على الشخصية الرئاسية التي تتمتع برمزية تاريخية للشعب المصري. وفي المقابل، استعانت السلطات المصرية الجديدة بالقضاء لمواجهة الإعلام المعارض لها، واستخدمت قوانين قديمة او مستجدة للحد من فاعلية وسائل التواصل الإجتماعي والإعلام الجديد، بعدما شرعت في ملاحقة عناصر جماعة "الإخوان المسلمين" الناشطين على هذه المواقع، ومنعت استخدام شعار "رابعة". *إعداد