في الوقت الذي سيشهد عودة مقترح رفع الحد الأدنى لرواتب السعوديين الخاضعين للتأمينات الاجتماعية، ومقترح المادة ال77 من نظام العمل، بما يضمن الأمان الوظيفي وتحقيق أفضل معدلات الرضا في هذا القطاع لمجلس الشورى السعودي، أكد المحلل الاقتصادي عبدالرحمن الجبيري ل«الحياة» أن هذا التوجه سيخلق استقراراً للموظفين والموظفات، في ظل التسرب الوظيفي، الذي أظهرته نشرة سوق العمل الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، مشيراً إلى أن أسباب التسرب تكمن في انخفاض معدلات الحد في الأجور، التي تزيد كثيراً في الإناث، إضافة إلى استغلال بعضهم المادة 77 بالفصل التعسفي. وشدد الجبيري على أن نجاح التوظيف باحترافية عالية يكمن في معالجة ذلك، بحيث تشير أفضل الممارسات الخاصة ببيئة العمل إلى أن توفير حزمة من الحوافز المادية والمعنوية تضمن الاستقرار الوظيفي والأمان، ثم تحقيق أعلى معدلات الأداء الوظيفي، وأضاف: «من الأهمية بمكان أيضاً أن يتجه القطاع الخاص إلى تنظيم مسارات موظفيه، وتحديث برامجه التي تتعلق بالمهمات الوظيفية والهياكل التنظيمية، وتوصيف الوظائف وفق أحدث المعايير الإدارية الحديثة، وهذا سيضيف للموظف رؤية واضحة المعالم في شأن مستقبله الوظيفي». وعن تعزيز فرص توظيف المرأة السعودية، قال: «إن مخرجات رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 رسما خريطة طريق في هذا الاتجاه، من خلال منظومة متكاملة من الفرص الأفقية في مختلف التخصصات، وبخاصة تلك التي تتواءم مع إمكانات المرأة السعودية، مثل إنشاء واحات المدن الصناعية، والصناعات الغذائية والدوائية، وغيرها كثير من المبادرات. ولذلك، يُعول على القطاع الخاص بأن يكون لديه حس مهني احترافي لاستشراف مستقبل الدعم والحفز السخي الذي حظي ويحظى به، وأن تكون انطلاقته ذات تنظيم وأداء عالي الجودة، وأن يبدأ من اليوم في تطوير «ميكنته» الإدارية التنظيمية أولاً، ثم خلق الفرص المتساوية بين الذكور والإناث». وعن الفجوة المتوقعة بين أجور الإناث والذكور، قال الجبيري: «إنها مشكلة عالمية تعاني منها كثير من الدول المتقدمة»، مشيراً إلى أن وجودها في المملكة يرجع إلى انخفاض أجور السعوديات في القطاع الخاص، وأن ذلك يعود إلى أسباب عدة، منها أن الإناث يمثلن العدد الأكثر، إذ وصل معدل البطالة لديهن إلى 32.7 في المئة من إجمالي معدل البطالة، مقارنة بالذكور 7.4 في المئة، أي أكثر من 332 في المئة وفقاً لنشرة سوق العمل، وهذا يسهم في خفض أجورهن بمثابة أداة من أدوات سوق العمل بأن التزام الإناث وكفاءتهن عالية، وبالتالي فإن قطاعات الأعمال تستقطب أعداداً أكبر بأجر أقل، بحيث يصل أجر سعوديتين في مقابل سعودي واحد تقريباً، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في كفاءة سوق العمل بإحداث خلل تراكمي مستقبلي إلى الأسفل في مسألة مستويات الأجور ومساراتها، كما أن قلة الفرص المتاحة أمامها تجعلها تتمسك بوظيفتها أكثر من الذكور، ما يضطرها إلى قبول العمل بأي أجر، كون الفرص المتاحة لهن أقل. وتابع: «لتقليص هذه الفجوة، يتحتم وضع حد أدنى للأجور، مع عدم التفريق بين الجنسين في مسألة الكفاءة، بل فقط في نوعية وحاجة العمل إلى أي من الجنسين، مع خلق مزيد من الفرص الوظيفية والأمان الوظيفي، وتطوير المسارات المستقبلية في الاتجاهات كافة».