اعتبر كريم ماسيموف رئيس الوزراء الكازاخستاني أن ترؤس كازاخستان هذه السنة منظمة المؤتمر الإسلامي تزامن، مع مشكلات وقضايا معلقة، في دول عربية عدة، معبراً عن اعتقاده أن كازاخستان تستطيع، ويجب عليها، أن تقوم بدور محدد في حل تلك القضايا، وتسوية الأزمات في بعض تلك الدول في شكل سلمي. وقال في حديث الى «الحياة»: «تستضيف كازاخستان هذا الشهر، قمة وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي حيث ستشارك 55 دولة، ووزارة الخارجية الكازاخستانية ستتقدم بمبادرة محددة لتسوية قضايا بعض تلك الدول، وأكد أن الاهتمام بحياة الناس البسطاء هو أساس الحل لجميع المشاكل التي تواجهنا... يرأس كريم ماسيموف الحكومة الكازاخستانية منذ عام 2007 وسبق أن كان وزيراً للاقتصاد، ومستشاراً للرئيس الكازاخستاني، وكذلك رئيساً للبنك الوطني في بلاده، وهو يتحدث الروسية والصينية والإنكليزية والكزاخية والعربية. وهنا نص الحديث: أبدأ من الأزمة المالية العالمية، هل كانت كازاخستان مستعدة لها؟ أم كنتم تعتبرون أنكم بمنأى عنها؟ أو ستكون أقل تأثيراً فيكم من باقي دول المنطقة؟ إذ إن مستوى دخل الفرد في كازاخستان هو الأعلى بين دول آسيا الوسطى وحتى في رابطة الدول المستقلة؟ - الأزمة المالية التي بدأت عامي 2007 - 2008 عموماً لم تكن متوقعة للاقتصاد العالمي ككل، وليس فقط في كازاخستان، كان هناك تحذيرات من بعض الاقتصاديين من ظهور أزمة اقتصادية كبيرة كهذه، وفي كازاخستان كانت هناك مشاكل اقتصادية محددة، عملت الحكومة على حلها، وأثّرت الأزمة المالية في كازاخستان على صعيدين في المرتبة الأولى، وخلقت مشكلتين في التمويل والبنوك، وكذلك البناء والإعمار، ونحن شعرنا بهذا، لكننا اتخذنا إجراءات في مواجهة تلك الأزمة، وخصصنا رأس مال من الصندوق الوطني السيادي بحوالى 10 بلايين دولار لحل جميع تلك المشاكل، وأريد القول إنه في أول أيار (مايو) من العام الحالي 2011 تم حلّ هذه المشاكل التي ظهرت في البداية على صعيد البنوك وقطاع البناء، وما تبعها من تداعيات على تطور المشاريع التجارية المتوسطة والصغيرة. لكن نحن نعتبر وفي شكل عام أن الأزمة المالية العالمية ما زالت بعيدة من الحل الكامل، وحالياً نراقب مشكلة جديدة، تتمثل في ارتفاع أسعار مواد الطاقة، والمواد الغذائية، لذلك نقوم اليوم بالكثير من الإجراءات لحماية أنفسنا من تداعيات هذه المشاكل مستقبلاً. كيف تتعامل حكومة كازاخستان مع هذه الأزمة؟ وهل لديكم برنامج اقتصادي يختلف عن باقي دول المنطقة نظراً إلى تجربتكم الاقتصادية المختلفة عن دول محيط كازاخستان؟ - حكومتنا لديها برنامج خاص للوقوف في وجه التحديات الجديدة التي قد تواجه كازاخستان، وحالياً يعتبر الجميع أن ارتفاع أسعار النفط، والمواد الغذائية، سيستمر لوقت طويل، نحن نستعدّ لتطور هذا السيناريو. ولكنْ، هناك احتمال كبير أن الاقتصاد العالمي لن يصمد أمام الأسعار العالية للنفط، وارتفاع أسعار مواد أخرى للطاقة، وهناك إمكانية تكرار سيناريو مشابه لسيناريو الأزمة المالية العالمية، في هذه الحال المشكلة ستتكرر، وحكومة كازاخستان يجب أن تكون مستعدة، ونحن لدينا برنامج عمل لهذا الاحتمال. كيف تنظرون الى مستوى العلاقات العربية – الكازاخستانية؟ - تطورت العلاقات بين كازاخستان والعالم العربي سياسياً إلى مستويات عالية، فلدينا علاقات مباشرة مع جميع دول العالم العربي، ومع المملكة العربية السعودية لدينا علاقات جيدة جداً. ولكن الفرص في المجال الاقتصادي أمامنا لا تزال كثيرة لتطوير التعاون المشترك. كان لدي الكثير من اللقاءات مع معظم رؤساء حكومات الدول العربية، وناقشنا مسائل تطوير الاستثمارات المتبادلة، ورفع حجم التبادل التجاري، واعتبر أن المسألة الرئيسة لتطوير العلاقات المستقبلية هي تطوير البنية التحتية، ومسألة النقل بين الدول العربية وكازاخستان حتى الآن لم تحل في شكل نهائي، ونحن نأمل كثيراً بتطوير وفتح ممرات جديدة، منها ممر القوقاز عبر البحر الأسود، والموانئ التركية التي تتيح لنا مجال خفض أسعار المواد المستوردة والمصدرة في التجارة بين دولنا، وأنا أنظر إلى ذلك في شكل واقعي كبير. باعتبار كازاخستان دولة نفطية، هل ترون أن علاقتكم مع السعودية يمكن أن تكون علاقة شراكة، ولا سيما إذا أخذنا بالاعتبار الخبرة السعودية الطويلة في قطاع النفط؟ - المملكة العربية السعودية قوة اقتصادية ضخمة تلعب دوراً مهماً ليس فقط في العالم العربي، وإنما لها أهمية لدى معظم الدول الإسلامية، وأهمية عالمية أيضاً. وخبرتها الطويلة المتراكمة في القطاع النفطي والمتمثلة بجذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، تدرس باهتمام من جانب كازاخستان وحكومة كازاخستان، ومن شركاتنا النفطية الوطنية، ونحن نريد تعزيز هذه العملية، وتعميقها. هل لدى كازاخستان نوايا للاستفادة من خبرة البنوك الإسلامية أو التعاون معها في ظل الأزمة المالية العالمية؟ - نحن نعتبر، وهذا موقف مبدئي لنا، أن تطوير التمويل الإسلامي والبنوك الإسلامية، هو شيء مهم لكازاخستان وله معنى كبير، وأقررنا قانوناً خاصاً يسمح بتطوير عمل البنوك الإسلامية في كازاخستان، وحالياً أول بنك إسلامي يعمل في كازاخستان هو بنك الهلال من الإمارات العربية المتحدة وهو افتتح له فرعاً في كازاخستان، ونأمل كذلك في أن تهتم بنوك من السعودية بسوق كازاخستان، ونستطيع فتح آفاق جديدة للعمل، وهذه سوق جديدة كبيرة وغير معروفة لنا في شكل جيد حتى الآن. كما هو معروف، لكازاخستان علاقات كبيرة عسكرية واقتصادية مع واشنطن، ومع موسكو، ومع بكين كذلك. كيف تستطيع كازاخستان التوفيق في علاقاتها بين هذه الدول العملاقة؟ والتي هي أصلاً في حالة تنافس للسيطرة على آسيا لوسطى، وكازاخستان هي الدولة الأكبر والأغنى من حيث الثروات؟ - تمتلك كازاخستان الاقتصاد الأكبر في آسيا الوسطى، ومن البداية وفق تعليمات الرئيس نور سلطان نزارباييف قمنا بتطوير علاقات الاقتصاد والصداقة مع جميع الجهات، ويعتبر ذلك شيئاً مبدئياً وأساسياً لتطورنا، أكبر مستثمر في كازاخستان هو أميركا، وأكبر شريك تجاري لكازاخستان الاتحاد الأوروبي، مع روسيا الاتحادية لدينا أطول حدود، ونحن ندخل مع روسيا في اتحاد جمركي موحد، وتطور الاقتصاد الصيني بسرعة وديناميكية، ما سمح لنا بتصدير واستيراد وتوسيع حجم التبادل التجاري في شكل أكبر مع جارنا الصيني العملاق، وأعتقد أن نجاح كازاخستان يكمن في أن لنا علاقات صداقة مع الجميع، ونريد تطوير علاقاتنا في شكل متساوٍ مع جميع الأطراف. يشهد العالم العربي هذه الأيام ثورات وانتفاضات شعبية، ما هو موقفكم من هذه الثورات، كون بلادكم تترأس هذا العام منظمة المؤتمر الإسلامي، ولها دور العام الماضي في حل أزمة السلطة في قرغيزستان خلال رئاستكم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا؟ - كازاخستان ترأست منظمة الأمن والتعاون في أوروبا العام الماضي، والرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف رئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لعب دوراً رئيساً في حل أزمة السلطة في قرغيزستان، وهذه السنة كازاخستان تترأس منظمة المؤتمر الإسلامي وتزامن ذلك مع الثورات في دول عربية عدة، أعتقد أن كازاخستان تستطيع، ويجب عليها، أن تقوم بدور محدد في حل تلك القضايا، وتسوية الأزمات في بعض تلك الدول العربية في شكل سلمي، وتستضيف كازاخستان الشهر الجاري حزيران (يونيو) قمة وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي حيث سيشارك 56 دولة، وستتقدم وزارة الخارجية الكازاخستانية بمبادرة محددة لتسوية قضايا بعض تلك الدول، والسبب الجذري وفق رأينا لتلك المشكلات يكمن في حياة الناس البسطاء. يجب الاهتمام بهم، وتحسين مستواهم المعيشي. الاهتمام بحياة الناس البسطاء هو أساس الحل لجميع المشاكل التي تواجهنا... لكازاخستان علاقات مميزة مع إسرائيل، ألا تتوقعون أن يؤثر ذلك في علاقاتكم بالدول العربية والإسلامية؟ - لكازاخستان علاقات صداقة كذلك مع حكومة إسرائيل، ونحن نعتبر أن ذلك فرصة جيدة للعالم العربي والإسلامي، ونحن أيضاً نعتبر أنفسنا جزءاً من العالم الإسلامي حيث نستطيع أن نوصل موقف العالم الإسلامي من حكومة إسرائيل.