دمشق، نيقوسيا، باريس، نيويورك - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - في أكبر تظاهرة تشهدها سورية منذ بدأت الحركة الاحتجاجية منتصف آذار (مارس)، قتل العشرات وأصيب مئات المدنيين السوريين امس في واحد من أعنف أيام الجمعة في الأسابيع الأخيرة، وذلك عندما أستخدمت قوى الأمن والقناصة الرصاص الحي لتفريق عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين خرجوا في حماة ودرعا ودير الزور وأدلب والقامشلي وحمص ودمشق وبانياس والعمودا ومناطق أخرى. وتحدث ناشطون وشهود عن مقتل ما لا يقل عن 34 مدنيا في حماة وجرح المئات. وتحدث نشطاء عن نداءات اطلقتها مستشفيات المدينة للسكان للتبرع بالدم لانقاذ المصابين. وفيما وجّهت فرنسا انتقادات شديدة الى سورية امس، قائلة إن باريس لا ترى تطبيقاً لاعلان العفو الذي أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد «بل ترى تفاقماً» للوضع الامني والانساني، داعية الى وقف «الاعمال الوحشية»، قال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون إن تصاعد اعمال العنف في سورية يثير «الصدمة»، متحدثا عن حصيلة للضحايا تجاوزت الف قتيل. وعن التطورات الميدانية، قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن ما لا يقل عن 34 شخصا قتلوا في حماة عندما فتحت قوات الامن النار على المتظاهرين. وابلغ رامي عبد الرحمن مدير المرصد وكالة «رويترز» انه يتوقع ارتفاع عدد القتلى «نظرا لان عددا كبيرا من الناس اصاباتهم خطيرة... والارقام لا تشمل كل المستشفيات». وقال ثلاثة من سكان المدينة إن أفراد الامن والقناصة فتحوا نيران أسلحتهم الآلية على آلاف المتظاهرين وسط المدينة، والذين تردد ان عددهم يصل الى نحو 50 الفا. وجرى نقل عشرات الجرحى الى مستشفى قريب. وقال شاهد من حماة ل»رويترز»: «يبدو لي وكأنه قد أصيب مئات الاشخاص لكنني كنت في حالة من الذعر واردت البحث عن ساتر. بدأت جنازات الشهداء بالفعل». كما قال سكان من المدينة إن قوات الأمن، ومن بينها قناصة، فتحت نيران أسلحتها على آلاف المتظاهرين في البلدة القديمة وفي ساحة العاصي القريبة منها. وقال احد الناشطين: «لقد قاموا بإطلاق النار بشكل مباشر على المتظاهرين ولم يحاولوا تفريقهم بالغاز المسيل للدموع. استخدموا الغاز المسيل للدموع فقط بعد أن قاموا بإطلاق النار». وأكد الناشط أن المتظاهرين كانوا يرددون «بشكل سلمي» هتافات مطالبة بالحرية وتدعو الى اسقاط النظام. وتحدث ناشط آخر عن عدد اكبر من القتلى «قد يتجاوز الخمسين». في المقابل اعلن التلفزيون الرسمي السوري عن «مقتل ثلاثة مخربين خلال اقتحامهم وحرقهم مبنى حكومي في حماة وتصدي قوات الشرطة لهم». وفي شمال سورية، احتشد عشرات آلاف الأشخاص أتوا من المناطق المجاورة، في معرة النعمان، كما قال ناشط. كما تظاهر اكثر من خمسة آلاف في القامشلي وراس العين وعامودا. وفي الساحل الغربي، تظاهر اكثر من خمسة آلاف شخص في مدينة بانياس. وفي الجنوب، أطلقت قوات الأمن النار في الهواء لتفريق تظاهرة في جاسم قرب درعا. واحتشد آلاف المتظاهرين أيضاً في دمشق وقرى ريفها. وأكدت وكالة الأنباء السورية (سانا) من جهتها أن «مئات الأشخاص» احتشدوا في حماة وتحدثت عن تجمعات في محافظة ادلب (شمال غرب). كما تحدث التلفزيون السوري عن «حوالى 10 آلاف» متظاهر في حماة. وفي نيويورك، اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن «قلقه الشديد» لتصاعد اعمال العنف التي تمارسها السلطات السورية بحق المتظاهرين، متحدثا عن حصيلة للضحايا تجاوزت الف قتيل. وقالت الناطقة باسم الاممالمتحدة فانينا ميستراتشي إن «الامين العام قلق بشدة ازاء تصعيد العنف في سورية الذي يعتقد بانه اوقع ما لا يقل عن سبعين قتيلا خلال الاسبوع المنصرم وحده، ما يرفع عدد الضحايا الاجمالي... الى اكثر من الف قتيل وعدد اكبر من ذلك بكثير من الجرحى والاف المعتقلين». وهذه اول حصيلة للقتلى خلال التظاهرات تصدر عن الاممالمتحدة. وقالت الناطقة ان بان يشعر ب»قلق شديد ازاء استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان بما في ذلك التقارير المقلقة عن مقتل اطفال جراء التعذيب والرصاص الحي والقصف. يجب اجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف في كل اعمال القتل». واشار الامين العام الى اعلان الرئيس السوري لعفو عام واطلاق حوار وطني. غير ان الناطقة لفتت الى ان بان «يشدد على وجوب وقف القمع العنيف الذي تمارسه قوات الامن والجيش فورا من اجل قيام حوار حقيقي يشمل الجميع ويقود الى اصلاحات شاملة وتغيير يدعو اليه الشعب السوري». وتزامن موقف الاممالمتحدة مع اعلان وزارة الخارجية الفرنسية أمس إن «سكان بضع مدن سورية ولا سيما الرستن وتلبيسة ودرعا، يواجهون في هذا الوقت اوضاعاً غير انسانية: فهم محرومون من الماء والمواد الغذائية والكهرباء والخدمات الصحية، ويتعرضون لعمليات قتل واعتقالات عشوائية بما في ذلك في المستشفيات». وحضت باريس دمشق «الى وقف أعمال العنف الوحشية».