عقد من الزمان انتهى بكل صعوباته وآلامه ومرارته، ليس لأنه حمل اسم الإرهاب والحرب على الإرهاب فقط، وإنما لما ألحقه من ضرر وظلم بأكبر عدد من البشر في كل قارات الأرض، وبالأخص بين الدولة الأولى والأكبر في العالم، وهي الولاياتالمتحدة الأميركية مع خُمس سكان الكرة الأرضية من المسلمين. بنهاية الفصل الأخير من مسلسل الحرب على الإرهاب بقتل أسامة بن لادن، يتطلع المحللون إلى إنهاء الحرب الإعلامية والأيديولوجية والعسكرية، ليس فقط على التنظيم الذي أصبح في حكم المنتهي، وإنما أيضاً على الحركات الإسلامية التي ترفع شعارات الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان كافة، ويأمل المحللون أن تطوى صفحة الماضي المظلم إلى غير رجعة على الصعيدين الأميركي والإسلامي، وأن تفتح صفحة جديدة من الصداقة والمصالحة والمصالح المشتركة. لقد كشفت الثورات العربية المعاصرة أنها لا تحمل حقداً ولا كراهية لأميركا ولا لشعبها، وأن الشعوب العربية تتطلع إلى أن تحكم بالقيم والمثل الأميركية والغربية والإسلامية العادلة، وهي تتطلع إلى أن تبادر الإدارة الأميركية الحالية والإدارات القادمة إلى تبنّي إستراتيجيات صداقة مع العرب والمسلمين في العالم أجمع، وأن تعلن ان لا حروب مع المسلمين لأسباب دينية، ولا حروب معهم لأسباب شخصية، وحتى لو وقع حدث إجرامي هنا أو هناك، وبصرف النظر عن فاعله والجهة الموجه ضدها، سواء كانت عربية أو مسلمة أو أميركية، فلن تأخذ أكثر من مستواها الإجرامي في المحاكمة وتحمُّل المسؤولية، فلا جريرة للدول أن تتحمل وزر خطأ يقوم به مواطن منها، ولا وزر على شعب أن يحاكَم نيابة عن فرد واحد منهم، ولا وزر على أمة إذا أخطأ شخص منها. إن المسلمين في أميركا وفي العالم يتطلعون إلى علاقات أفضل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، فقد ثبت للجميع أن المرحلة السابقة كانت خاسرة على الجميع من دون استثناء، ولقد كان المسلمون في العقد الماضي من أكثر ضحايا الحرب على الإرهاب، وأنه آن الأوان لرفع كافة القيود التي فرضت على المسلمين في أمريكا وأوروبا، وبالأخص على العرب، الذي أثبتت ثوراتهم السياسية المعاصرة أنها ثورات اجتماعية على الظلم والاستبداد، وأنها موجهة للأنظمة الفاسدة، وتمد يدها إلى الشعوب الغربية لتدعمها في حركات الإصلاح، وحمايتها من الأنظمة المستبدة والفاسدة والقاتلة والفاقدة للشرعية. إن شعوب الثورات العربية المعاصرة إذ تفتح صفحة جديدة مع الغرب نحو الصداقة والتعاون والمصالح المشتركة، فإنها تمثل وتعبر عن حقيقة الشعوب العربية الأخرى، التي لم تستطع حتى الآن التعبير عن موقفها بحرية واستقلال وإرادة، وإن على الشعوب الغربية أن تبادل الشعوب العربية والإسلامية بالمشاعر نفسها، فلا جدوى من الحروب التي لا يستفيد منها إلا المغامرون وتجار الحروب والسلاح، وإن اللحظة المعاصرة أمام الشعوب الغربية من الأهمية بمكان، إذا لم تحسن التعامل معها فإنها سوف تخسر الكثير، فالشعوب الآن تبحث عن الأصدقاء، وقد قالت الآن كلمتها بحرية وشجاعة وقوة: حربنا اليوم مع الظلم والفساد والاستبداد الداخلي. * كاتب تركي