اختلفت قراءة الساحتين الحزبية والإعلامية في إسرائيل في قراءتها أبعاد توصيات الشرطة الإسرائيلية للمستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت بتقديم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى المحاكمة بتهم «الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة»، على مصير نتانياهو السياسي، إذ انقسمت بين مؤيد بأن يواصل مهماته إلى حين البت في التوصيات أو حتى بعدها إلى حين بت المحكمة، وبين معارض لبقائه في منصبه، في وقت تحوم فوق رأسه احتمالات محاكمته ما قد يدفعه إلى جر الدولة العبرية إلى مغامرات سياسية أو أمنية. من جهته أعلن نتانياهو أنه باقٍ في منصبه وأنه سيتبين في نهاية الأمر أنه «لن يكون أي شيء لأنه لم يكن شيء»، مضيفاً أن ائتلافه الحكومي متين وأنه باقٍ في منصبه. ولا ينص القانون على تنحي المشتبه بارتكاب مخالفات جنائية، فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهو ما تذرع به رؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي لتبرير بقائها في الائتلاف. وبالرغم من أن القانون لا يلزم نتانياهو بالاستقالة حتى في حال أوصى المستشار القضائي بتقديم لوائح اتهام ضده، إلا أن زعيم حزب «كلنا» وزير المال موشيه كحلون أوضح أنه سيطالبه بالاستقالة في حال تقرر محاكمته، فيما أوضح زعيم «إسرائيل بيتنا» وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أنه لن يطالب نتانياهو بالاستقالة إلا في حال تمت إدانته. في المقابل طالب قادة المعارضة نتانياهو بالتنحي فوراً أو الإعلان عن تعذره على البقاء في منصبه لفترة معينة إلى حين بت المستشار في التوصيات. ولم يعرف بعد الوقت الذي سيحتاج إليه المستشار القضائي للحكومة للبت في التوصيات، وسط توقعات أن يستغرق الأمر أشهراً، وسط تحذيرات أوساط في المعارضة من مماطلة لا لزوم لها، مستذكرين أن المستشار القضائي عيّنه نتانياهو نفسه. وكانت الشرطة الإسرائيلية قدمت مساء الثلثاء توصياتها إلى المستشار القضائي، بتوجيه الاتهام ضد نتانياهو بتلقي هدايا من رجلي الأعمال أرنون ميلتشن وجيمس بيكر (سجائر وشمبانيا وملابس فاخرة) بقيمة نحو 290 مليون دولار خلال عشر سنوات، في مقابل محاولة مساعدة ميلتشن من خلال سن قانون يمنح تخفيضات ضريبية تصل إلى ملايين الدولارات لمواطن عائد، ما سيستفيد منه ميلتشن، وهو ما اعتبرته الشرطة رشوة متبادلة فأوصت أيضاً بمحاكمة ميلتشن. كما أوصت الشرطة بمحاكمة نتانياهو بتهمة «طلب رشوة» من مالك صحيفة «يديعوت أحرونوت» أرنون موزس، فيما أوصت باتهام الأخير بتقديم اقتراح للرشوة. واتجهت الأنظار صباح أمس إلى ما الموقف الذي سيعلنه زعيم المستوطنين الوزير نفتالي بينيت. وأصابت التوقعات بأنه لن ينسحب من الحكومة لأن أجندتها تخدمه وحزبه كونها أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل. وانتقد بينيت تلقي نتانياهو هدايا بمثل هذه المبالغ ولفترة طويلة. واعتبر الأمر «غير لائق بزعيم دولة اليهود»، لكنه أضاف أن نتانياهو يملك حق البراءة طالما لم تثبت إدانته، «وأنا أثق بنزاهته ونزاهة طاقم معاونيه، أما الجانب الأخلاقي فأتركه للناخب». ولم يختلف موقف بينيت عن مواقف قادة أحزاب الائتلاف الآخرين في مقدمهم زعيم حزب «كلنا» وزير المال موشيه كحلون الذي قرر انتظار حسم المستشار القضائي، ما بعث على ارتياح في أوساط نتانياهو و»ليكود» التي كررت اتهاماتها للشرطة بأنها تسعى لإسقاط نتانياهو واليمين عن الحكم. وتصدرت كلمات «رشوة» بالبنط العريض عناوين غالبية الصحف، وتراوحت التعليقات بين «بداية العد التنازلي» و»طريق بلا عودة»، و»حزن وعفّن»، و»من بعده الطوفان».