أعاد الرئيس السوداني عمر البشير أمس على نحو مفاجئ، الفريق صلاح عبد الله الشهير ب «قوش»، مديراً عاماً لجهاز الأمن والاستخبارات، خلفاً لنائبه السابق الفريق محمد عطاالمولى عباس، في خطوةٍ اعتُبرت بمثابة بداية عودة «الحرس القديم». وتمثل عودة «قوش» إلى منصبه السابق بعد مرور أكثر من 8 سنوات على إقالته، مفاجأةً كبرى، بخاصة وأنه اعتُقل بعد إقالته بتهمة التخطيط لانقلاب على نظام الحكم، واعتُقل 8 اشهر قبل الإفراج عنه بعفو رئاسي. ويُرجح أن البشير قرر الاستعانة بخدمات «قوش» المعروف ب «الرجل القوي» لمجابهة تحديات داخلية وخارجية، بعدما أمسك البشير بالملفات الأمنية والعسكرية والاقتصادية في الفترة الماضية لعدم قناعته بأداء بعض مساعديه، ما اضطره للبحث عن شخصيات قوية لمساعدته في التصدي لمهددات للحكم. ويُتوقع أن يجري البشير قريباً تغييرات أخرى في الحكومة والحزب الحاكم تعيد بعض رموز «الحرس القديم» الذين أبعدهم في نهاية العام 2013. ورغم تدهور علاقات البشير مع «قوش» منذ إقالته من منصبه الأمني ثم موقعه الاستشاري قبل 7 سنوات، توثقت صلاتهما خلال الفترة السابقة، فأُرسل الأخير بمهمات سرية في داخل البلاد وخارجها، كما برز كأحد أبرز المطالبين بتعديل الدستور لإعادة ترشيح البشير لدورة جديدة، وهي خطوة يعارضها نافذون في الحزب الحاكم. وعلمت «الحياة» أن البشير لم يتهم مدير الأمن المُقال بالتقصير، لكن «الظروف الاستثنائية» التي تعيشها البلاد تحتاج إلى شخصية قوية لمواجهة «القطط السمان» (حيتان المال) التي يحملها الرئيس مسؤولية الأزمة الاقتصادية، والتصدي لتهديدات المعارضة بتصعيد الاحتجاجات ضد تدهور الاقتصاد والغلاء وتسريع خطوات شطب اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب بخاصة أن «قوش» بدأ التعاون الأمني مع واشنطن. وذكرت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن الفريق محمد عطا سيُعيَّن قريباً سفيراً لدى واشنطن، نظراً إلى دوره في التعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب في المنطقة، وفعاليته في الفريق السوداني الذي قاد الحوار الذي أفضى إلى رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عن السودان، وبدء حوار جديد لشطب اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب. وأعفى البشير صلاح قوش من رئاسة جهاز الأمن والاستخبارات في آب (أغسطس) 2009، وأوكل إليه إدارة مستشارية للأمن، التي كان عليها إدارة حوار مع القوى السياسية المعارضة، لكن خلافات متعاظمة نشبت بينه ومساعد الرئيس ونائبه في الحزب الحاكم وقتها، نافع علي نافع حتّمت إقالته من المستشارية وتجريده من مناصبه التنفيذية والتنظيمية. وكان ينظر إلى «قوش» باعتباره الرجل القوي في النظام السوداني، لكن جماعات حقوقية غربية تتهمه بلعب دور في انتهاكات ارتُكبت في إقليم دارفور، وتعزز خلال عهده التعاون بين الاستخبارات السودانية ونظيرتها الأميركية «سي. آي. أيه». ويحتفظ الرجل، بعلاقات وثيقة مع دوائر وأجهزة استخبارات إقليمية ودولية، لا سيما جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية التي تعاون معها جهاز الأمن السوداني في مجالات مكافحة الإرهاب إبان إدارته له. واعتّقل قوش في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، مع ضباط آخرين منتمين إلى الإسلاميين في جهاز الأمن والجيش وأُفرج عنهم بموجب عفو رئاسي. وبرغم التنكيل الشديد الذي مورس ضده بعد إقصائه، إلا أن «قوش» ظل على الدوام بعيداً عن العداء للنظام وقيادته، واتجه إلى العمل التجاري في التصدير والاستيراد. وقال عقب إخلاء سبيله إنه ما زال «ابن نظام الإنقاذ منها وإليها وفيها ولم تتغير مبادئه وإنه ما زال إبن الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم».