أعلنت جنوب أفريقيا أمس الثلثاء أن العقيد معمر القذافي «ليس مستعداً» لمغادرة ليبيا، داعية إلى وقف «فوري» لاطلاق النار في البلاد، بينما قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني في بنغازي إن «نظام القذافي انتهى». وغداة زيارة قام رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما لليبيا حيث التقى القذافي، قالت رئاسة جنوب افريقيا إن الزعيم الليبي «غير مستعد لمغادرة بلاده». وقالت الرئاسة في بيان إن القذافي أكد خلال لقائه زوما انه «غير مستعد لمغادرة بلاده على رغم الصعوبات». وكان يُعتقد أن زوما انتقل إلى طرابلس عارضاً صيغة حل على القذافي تتضمن قبوله المنفى، كما يصر الغرب والثوار الليبيون. وقالت وزيرة خارجية جنوب افريقيا مايتي نكوانا ماشاباني أمام البرلمان في مدينة الكاب: «بموجب قرار الاتحاد الافريقي حول ليبيا، نكرر دعوتنا إلى وقف فوري ويمكن التحقق منه لاطلاق النار لتشجيع الأطراف المتحاربة على بدء حوار من اجل انتقال ديموقراطي». وأضافت: «نحن على إقتناع بأن حل المشكلة الليبية لا يمكن أن يكون عسكرياً بل يجب أن يمر بحوار سياسي». وتأتي هذه التصريحات غداة لقاء في طرابلس بين زوما والقذافي لمناقشة «خريطة طريق» أعدها الاتحاد الافريقي وتنص على وقف لاطلاق النار ووقف عمليات القصف التي يقوم بها حلف شمال الاطلسي وبدء مرحلة انتقالية تؤدي إلى انتخابات ديموقراطية. وقال زوما بعد اللقاء ان العقيد القذافي «مستعد» لتطبيق هذه الوثيقة. لكن المجلس الوطني الانتقالي الذين يمثّل المتمردين الليبيين يرفض أي حوار بوجود القذافي في السلطة. وتأتي المبادرة الديبلوماسية لجنوب افريقيا فيما كثّف الحلف الأطلسي عمليات القصف لتوجيه ضربة قاصمة للنظام. وتقول السلطات الليبية إن 11 شخصاً قتلوا الاثنين في عمليات القصف التي شنها الحلف على زليتن التي تبعد 150 كلم شرق طرابلس. وكانت مصادر لم تحدد في رئاسة جنوب أفريقيا قالت ل «فرانس برس» قبل زيارة زوما طرابلس، انه «سيبحث في استراتيجية لرحيل» القذافي. لكن لم تتسرب أي معلومات في هذا الصدد. وأشارت الصحف إلى أن جنوب افريقيا يمكن أن تستقبل الزعيم الليبي إذا وافق على مغادرة السلطة. وكتبت صحيفة «التايمز» الجنوب افريقية الثلثاء ان مكتب محامين في جنوب افريقيا يجري مشاورات للدفاع عن الزعيم الليبي إذا اتهمته المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم ضد الانسانية. وأضافت الصحيفة أن مسؤولين ليبيين وقعوا في بداية أيار (مايو) «اتفاقاً تفويضياً» مع شركة لانغا ايتورنيز لتقدم نصائح قانونية الى القذافي وبعض القريبين منه. ونقلت عن مصدر لم تحدده ان «الاتفاق يلحظ الدفاع عن مسؤولين ليبيين كبار في حال ملاحقتهم بجرائم ضد الانسانية امام المحكمة الجنائية الدولية». في غضون ذلك، وصل وزير الخارجية الإيطالي فراتيني الثلثاء إلى بنغازي لتدشين قنصلية لبلاده في هذه المدينة. وقال في مؤتمر صحافي مع المكلف الشؤون الخارجية في المجلس الوطني الانتقالي علي العيسوي إن «نظام القذافي انتهى، عليه أن يتنحى، عليه أن يغادر البلاد». وأضاف أن «مساعديه القريبين تركوه، لم يعد لديه دعم دولي، قادة دول مجموعة الثماني يرفضونه: عليه أن يرحل». وقال: «أعرب عن تقديري الكبير لكون المجلس الوطني الانتقالي هو فعلاً ممثل الشعب الليبي. واؤكد دعمنا الكامل للمجلس الوطني الانتقالي (...) ولهذا السبب نعمل على اقامة قنصلية في بنغازي بعد اقفال سفارتنا في طرابلس». وقال فراتيني إن شركة النفط الايطالية ايني أكبر شركة نفط أجنبية في ليبيا تساهم في حزمة لمساعدة المجلس الوطني الانتقالي بالمال والوقود. ووقع فراتيني مذكرة تفاهم قال إنها تشمل حزمة مساعدة «لكميات ضخمة من الوقود ومبالغ كبيرة من المال بمئات الملايين من اليورو». ولم يذكر أرقاماً محددة. وتدعو إيطاليا القوة الاستعمارية السابقة في ليبيا والتي كانت شريكاً اقتصادياً مهماً لنظام القذافي، الى تنحي الزعيم الليبي. وهي من البلدان التي اعترفت بالمجلس الوطني الانتقالي بصفته محاوراً شرعياً في ليبيا. وقد أعلن المجلس الوطني الانتقالي من جهته أن قوات التمرد ستسمى من الآن فصاعداً «جيش التحرير الوطني»، مؤكداً بذلك «احترافيتها» المتزايدة. وفي الاسابيع الأخيرة، تقلص الدعم الخارجي للنظام الليبي وخصوصاً مع تبدل موقف روسيا الحليف التقليدي لطرابلس، ووقوفها إلى جانب البلدان الاجنبية المطالبة بتنحي القذافي. وفي اشارة أخرى إلى عزلة القذافي المتزايدة، انشق ثمانية ضباط ليبيين منهم خمسة جنرالات ودعوا الاثنين ضباطاً آخرين الى الاقتداء بهم وذلك خلال مؤتمر صحافي عقدوه في روما. وعلى الصعيد الإنساني، وصل حوالى ألف لاجئ هربوا من المعارك في ليبيا صباح الثلثاء على متن سفينة صيد الى بوتسالو في اقصى جنوب صقلية، كما ذكر خفر السواحل الايطاليون. وقال منسق الأممالمتحدة للشؤون الانسانية في ليبيا أمس إن امدادات الأغذية والأدوية المتناقصة هي «قنبلة موقوتة» في المناطق التي يسيطر عليها القذافي وان بعض المخزونات قد يبدأ في النفاد خلال أسابيع. وقال بانوس مومتزيس منسّق الأممالمتحدة لجهود الاغاثة في ليبيا انه حصل على معلومات من الحكومة الليبية كشفت انها تستخدم المخزون من الغذاء والأدوية والتي لا يمكن تعويضها بسبب العقوبات المفروضة على البلاد. وقال ل «رويترز» في طرابلس: «امدادات الاغذية والادوية إلى حد ما هي مثل قنبلة موقوتة. في الوقت الراهن هي تحت السيطرة إنها على ما يرام. لكن اذا استمر هذا الحال لبعض الوقت ستصبح هذه قضية مهمة». وفي وقت السلم كانت ليبيا تصدّر نحو 1.8 مليون برميل في اليوم وكانت الحكومة تستخدم الارباح في شراء الاطعمة التي توزع على السكان بأسعار مدعومة بشكل كبير. وتوقفت هذه التجارة الآن نتيجة للعقوبات. وقال مومتزيس: «لقد اعطونا بعض المعلومات عن المخزونات المتاحة لديهم. بالنسبة إلى بعض السلع الغذائية هي مسألة أسابيع وبالنسبة إلى أخرى ربما أشهر. الواضح أن هذا لا يمكنه ان يستمر لمدة طويلة جداً». وأضاف «انه تحت السيطرة في الوقت الراهن ولا أعتقد أن هناك مجاعة أو سوء تغذية. لكن كلما طال امد الصراع كلما بدأت مخزونات الطعام في النفاد انها مسألة أسابيع قبل أن تصل البلاد الى موقف حرج». وذكر انه ظهرت بالفعل بوادر على تنامي الغضب الشعبي في المناطق التي تسيطر عليها قوات القذافي بسبب نقص امدادات الوقود حيث تمتد الطوابير للحصول على بنزين ويقف سائقو السيارات بالأيام. وأضاف: «هناك غضب متصاعد بين السكان لأن الحياة الطبيعية معطلة أو تباطأت نظراً إلى نقص الوقود على وجه الخصوص». وصرح منسق الأممالمتحدة بأن الامدادات أفضل في شرق ليبيا الذي تسيطر عليه المعارضة حيث لا يوجد نقص في الوقود. وفي موسكو، عرض مسؤول روسي الثلثاء ارسال خبراء إلى ليبيا للتثبت من أن نجل القذافي قتل مع ثلاثة من أحفاده الرضّع في غارة للحلف الأطلسي أم أن الأمر يتعلق بخبر غير صحيح استخدم لغرض «الدعاية». وقال الكسندر لوكاشيفيتش الناطق باسم الخارجية الروسية: «بامكان السلطات الليبية دعوة خبراء مستقلين للقيام بالاختبارات الضرورية في مثل هذه الحالات». وأضاف في بيان انه في حال تقدمت ليبيا بمثل هذا الطلب «فإن الجانب الروسي مستعد لارسال خبراء مختصين إلى طرابلس». وأكد لوكاشيفيتش: «من المهم الحصول على توضيحات، لأن قضايا الحياة والموت لا يجب أن تستخدم لغايات الدعاية». وكانت السلطات الليبية اعلنت أن نجل القذافي سيف العرب قتل مع ثلاثة من أحفاد القذافي هم سيف (عامان) وقرطاج (عامان) ومستورة (اربعة اشهر) اضافة الى اصدقاء وجيران، في غارة للحلف الأطلسي على العاصمة الليبية في 30 نيسان (ابريل). غير أن رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلوسكوني قال في 25 آذار (مارس) إن الامر ليس سوى «دعاية» قام بها النظام الليبي وان سيف العرب لم يقتل وموجود مع احفاد القذافي الثلاثة خارج ليبيا. وفي باريس (رويترز)، قال وزير الدفاع الفرنسي جيرار لونغيه إن نشر طائرات هليكوبتر في ليبيا ربما يحدث قريباً. وتهدف الاستعانة بطائرات الهليكوبتر الأكثر عرضة لانظمة الدفاع الارضي من الطائرات التي استخدمت حتى الآن، إلى محاولة تسريع رحيل القذافي.