شيع العراق أمس رئيس كتلة «جبهة التوافق» البرلمانية النائب حارث العبيدي في جنازة رسمية شارك فيها رئيسا الوزراء نوري المالكي والبرلمان اياد السامرائي ونائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ونواب وشخصيات سياسة. وفيما اتهم الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبدالكريم خلف تنظيم «القاعدة» بالمسؤولية عن اغتيال العبيدي كشفت قيادة عمليات بغداد هوية منفذ الاغتيال وهو احمد جاسم ابراهيم، من مواليد 1984. وكان فتى مسلح اقتحم مسجد الشواف في منطقة اليرموك بغرب بغداد بعد صلاة الجمعة، أول من أمس، وتوجه مباشرة الى العبيدي الذي كان قد انتهى من الصلاة وأطلق عليه النار فقتل مع احد عناصر حمايته. ثم ألقى المسلح قنبلة يدوية على الاشخاص الذين احاطوا به قبل ان يحاول الفرار، ما ادى الى مقتل ثلاثة اشخاص واصابة 12 آخرين بجروح. ثم أطلق الحراس النار على المسلح وجرحوه. وعندما وجد انه لا يستطيع الافلات منهم فجّر قنبلة يدوية وقتل نفسه. وكشفت قيادة عمليات بغداد شخصية منفذ عملية الاغتيال، وأعلنت انه يدعى احمد جاسم ابراهيم، من مواليد 1984. وأضافت انه تسلل الى المسجد من احدى البنايات المجاورة قبل ان يقدم على اغتيال العبيدي مع زميل له ويلوذ بالفرار حيث اطلقت احدى نقاط التفتيش التابعة للفرقة السادسة النار عليه. وكانت وكالة «اسوشييتد برس» نقلت عن الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء عبدالكريم خلف ان «الأدلة تشير حتى الآن إلى مسؤولية تنظيم «القاعدة» عن اغتيال العبيدي». لكن خلف امتنع عن اعطاء تفاصيل بينما يستمر التحقيق في العملية. ووسط اجواء من الحزن والالم شيعت بغداد أمس العبيدي في جنازة رسمية انطلقت من مبنى مجلس النواب في المنطقة الخضراء شارك فيها كبار المسؤولين يتقدمهم رئيسا الوزراء والبرلمان وعادل عبدالمهدي. واتجه موكب التشييع من مجلس النواب الى جامع الشواف، حيث اغتيل العبيدي، واقيمت فيه الصلاة على روح الفقيد. وحمل حرس الشرف جثمان العبيدي وجثمان مرافقه وسكرتيره الشخصي وزوج اخته باسل فاضل الدليمي الذي قتل معه في الهجوم. ووضع الجثمانان على سيارة خاصة لتنطلق بهما الى مثواهما الاخير. ونعت الاوساط السياسية العراقية على اختلاف مشاربها العبيدي واستنكرت الاغتيال. وقال المالكي في مراسم التشييع ان العبيدي «رحمه الله كان نقطة التقاء وكان دائم الحرص على سلامة المسيرة ووحدة الموقف ووحدة الصف». ووصف نائب رئيس الجمهورية العبيدي بأنه «كان احد اركان العملية السياسية والاعتدال السياسي وركن مهم في مجلس النواب». واضاف ان «جبهة التوافق فقدت أحد أركانها مثلما فقدت العملية السياسية عنصراً مهماً من عناصرها المشهود لهم بالاعتدال السياسي» واضاف: «لا نعرف كيف تنتهك حرمات المساجد بالطريقة التي اغتيل بها العبيدي، وهي طريقة دنيئة لئيمة». من جهته، قال رئيس مجلس النواب في تصريحات صحافية عقب التشييع: «هذه هي الضريبة التي يدفعها مجلس النواب. والنائب حارث العبيدي لم يكن الوحيد الذي دفع حياته لأجل الاخلاص في عمله بل سبقه عدد من اعضاء مجلس النواب. كان العبيدي معتدلا، داعيا الى وحدة الصف وضد الطائفية» ، لافتا ان «هذا النوع من الرجال هم الذين يستهدفون من قبل القتلة والمجرمين». واعتبر الامين العام للحزب الاسلامي اسامة التكريتي في تصريحات تلفزيونية امس ان «اغتيال العبيدي يمثل رسالة موجهة الى جبهة التوافق والمشاركين في العملية السياسية برمتها تريد ان تعلن عن وجود كيد مبيت لتقويض امن العراق وامن المساجد من خلال استهداف المعتدلين في العملية السياسية». وحذر من ان «دعاة التطرف يستهدفون العملية السياسية برمتها من خلال استهداف المعتدلين فيها». وفي القاهرة، دان الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى «الاعتداء الآثم الذي تعرض له حارث العبيدي والذي أدى إلى وفاة صوت من أصوات الاعتدال وزعيم عراقي بارز». وعبر موسى عن أسفه وحزنه لهذا الحادث الأليم، مجدداً دعوته إلى مواصلة جهود المصالحة بين الطوائف العراقية والإسراع بها وتعميقها حتى يتوجه العراق إلى مستقبل آمن ومستقر. وكانت تحذيرات صدرت من قبل سياسيين ومراقبين عراقيين واجانب حذرت من احتمال تزايد وتيرة العنف في المرحلة التي ستعقب انسحاب القوات الاميركية من المدن والقرى العراقية بنهاية الشهر الجاري وقبل الانتخابات البرلمانية التي ستجري بداية العام المقبل. لم تشهد مدينة بغداد منذ 2003 جنازة رسمية كالتي جرت للعبيدي. وعمل العبيدي نائباً لرئيس لجنة حقوق الانسان البرلمانية. وكان من اشد الداعين والمدافعين عن حقوق الانسان. وانتقد مؤخرا الانتهاكات التي قيل انها تحدث داخل السجون العراقية وعمليات الاعتداء الجنسي والتعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة التي تمارس ضد السجناء. كما طالب العبيدي مرارا بإطلاق سراح جميع السجينات العراقيات من السجون. وباغتيال العبيدي ارتفع عدد النواب الذين تم اغتيالهم خلال العامين الماضيين الى ثلاثة، وهم النائب عن جبهة التوافق محمد عوض الذي اغتيل في حادث تفجير البرلمان العراقي في نيسان (ابريل) عام 2007، والنائب عن الكتلة الصدرية صالح العكيلي الذي اغتيل في منطقة الحبيبية في تشرين الاول (اكتوبر) العام الماضي اثر انفجار عبوة ناسفة بسيارته وهو في طريقه الى مجلس النواب، ثم حارث العبيدي أول من أمس.