حرصت إسرائيل من خلال الناطق باسم الجيش و»مسؤول رفيع المستوى» على التأكيد أن «وجهتها ليست نحو التصعيد» على حدودها مع سورية، في أعقاب إسقاط المضادات السورية طائرة حربية إسرائيلية صباح أمس. وأوعزت السلطات الإسرائيلية إلى البلدات في الشمال بمزاولة حياتهم العادية، ولم تمنع وصول عشرات آلاف المستجمّين إلى الجولان المحتلّ والمتنزهات القريبة من الحدود اللبنانية والسورية، ما يؤكد وجهتها، فيما أفادت تقارير صحافية أن إسرائيل توجّهت إلى روسيا بطلب «لجم» سورية وإيران لتفادي تصعيد عسكري، مضيفةً أن الحكومة الإسرائيلية كانت على اتصال دائم مع الإدارة الأميركية أيضاً. وكان سكان شمال إسرائيل أفاقوا فجر أمس على دوي صافرات إنذار ووقع تفجيرات جراء اعتراض طائرة إسرائيلية لطائرة إيرانية بلا طيار اخترقت الأراضي الإسرائيلية، وتم تفجير الطائرة في غور الأردن. وبعد أقلّ من نصف ساعة سُمع دوي انفجار هائل في سماء مدينة شفا عمرو، شرق حيفا (على بعد 70 كلم من الحدود) ليتبين لاحقاً أنه انفجار طائرة «أف 16» الحربية التي أصابتها المضادات السورية، فسقطت في أرض مفتوحة. ونجح الطيار ومرافقه في الهبوط بالمظلة قبل التحطم النهائي للطائرة، فأصيب الطيار إصابة بالغة فيما أصيب مرافقه بجراح أخف. وتكتم الجيش لأكثر من ساعتين على تفاصيل اعتراض الطائرة الإسرائيلية، وشرعت قنوات التلفزة التي لا تعمل عادة أيام السبت نظراً إلى قدسيته عند اليهود، ببث مباشر، لكن الارتباك لفّ المعلقين العسكريين الذين أقروا بأنهم مُنعوا عن نشر ما لا تسمح به الرقابة العسكرية. وأشار بعضهم إلى أن المفاجأة في الأوساط السياسية والعسكرية كبيرة جراء اختراق الصاروخ السوري الأراضي الإسرائيلية مسافة طويلة متخطياً كل منظومات الرادار. وردّت إسرائيل بقصف القاعدة التي انطلقت منها الطائرة المسيّرة في تدمر، فيما قال محللون إن الهجوم الإسرائيلي ضد مواقع إيرانية وسورية في سورية، طال مطارات عسكرية تستخدمها قوات روسية أيضاً. وقال ناطق عسكري إن «العمليات التي قامت بها إسرائيل اليوم هي عمليات دفاعية لمواجهة محاولة إيران انتهاك السيادة الإسرائيلية. وكانت مهمتنا اعتراض الطائرة بلا طيار في الموقع الذي اخترناه ونجحنا في ذلك والطائرة الآن في حوزتنا». وأردف أنه «خلال مهاجمة المنشأة التي أطلقت الطائرة الإيرانية في تدمر أطلقت قوات سورية نيراناً ثقيلة من مضاداتها الأرضية للطائرات، ما أدّى إلى إصابة الطائرة الإسرائيلية عندما كانت في الأجواء الإسرائيلية». وأشار إلى أن تقديرات الجيش تفيد أنه خلال الهجوم الإسرائيلي أطلق نحو 20 صاروخاً سورياً على الطائرات الإسرائيلية، وقعت شظايا أربعة منها في أراضٍ مفتوحة. ورداً على ذلك قصفت الطائرات الإسرائيلية منظومات المضادات الأرضية، إضافة إلى أربعة أهداف إيرانية. وأضاف المتحدث أنه لا يعلم بعد نتائج القصف الإسرائيلي «لكن ربما تفاجَأت إيران من المواقع التي اخترناها لأنها لم تتوقع مسبقاً أن إسرائيل تعلم بها». وتابع كأن السوريين والإيرانيين يلعبون بالنار بمجرّد أن السوريين يتيحون لإيران التحرك ضد إسرائيل من أراضيها»، مشدداً في الوقت ذاته على أن وجهة إسرائيل ليست في اتجاه التصعيد. وقالت وسائل الإعلام العبرية إنه خلال ساعات الصباح أغلقت السماء القريبة من مطار اللد الدولي وتم تأخير هبوط عدد من الرحلات القادمة إليه. وأضافت أنه في أعقاب جلسة المشاورات الطارئة التي ترأسها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بمشاركة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غادي أيزنكوت وأعضاء الهيئة في مقر الوزارة في تل أبيب، تقرّر التوجه إلى روسيا بطلب واضح للتدخل السريع لمنع تصعيد في الشمال. وأكدت أن إسرائيل أوضحت لروسيا أن تحذيراتها من اتساع النفوذ الإيراني في الأراضي السورية على نحو يهدد استقرار المنطقة تحققت على أرض الواقع مع دخول طائرة من دون طيار الأراضي الإسرائيلية. وتابعت أن الرسالة أوضحت أيضاً أنه على الرغم من الضربات التي وجهتها إسرائيل لقواعد إيرانية في سورية أمس، إلا أنها معنية ب «إغلاق الحادث الآن» وليس بتصعيد إضافي. وأشارت إلى أن إسرائيل نقلت رسالة بالروح ذاتها إلى الولاياتالمتحدة التي تتحرّك في الأيام ألأخيرة لمنع تسخين على الحدود بين إسرائيل ولبنان، في أعقاب الأعمال التي تقوم بها إسرائيل لإقامة سور على الحدود والخلافات حول الحدود الاقتصادية في البحر المتوسط. وفيما أمر نتانياهو وزراءه بعدم الإدلاء بأي تصريح، انتقد رئيس هيئة الأمن القومي سابقاً اللواء في الاحتياط غيورا أيلاند العمليات العسكرية، معتبراً أنه كان ممكناً عدم مهاجمة مواقع في سورية والاكتفاء بسقوط الطائرة الإيرانية. وأضاف أنه طالما بقي «حزب الله» جالساً بهدوء فإن وجهة إسرائيل ليست نحو التصعيد. من جهتها ربطت زعيمة «ميرتس» اليسارية زهافه غالؤون بين التصعيد الإسرائيلي وتحقيقات الشرطة مع نتانياهو في ملفات الفساد، وقالت إن «عمق التصعيد على الحدود يتناسب طريداً مع عمق التحقيقات»، فيما دعا نواب آخرون من المعارضة رئيس الحكومة إلى درس الخطوات المستوجبة بتروٍ لا بانفعال.