اخترق الفنان السعودي محمد عيسى الدراما التركية، إذ جدف عكس التيار، ليقف وحيداً بين عمالقة الدراما التركية، ليصبح أول فنان خليجي «مصنف» لدى جمعية الفنون التركية، التي منحته العضوية الفخرية بعد مشاركته في أكثر من 52 عملاً تركياً خلال السنوات الثلاث الماضية، لعب ضمنها 10 أدوار بطولة مطلقة، تنوعت بين المسلسلات والأفلام السينمائية القصيرة والطويلة. وفي حديثه ل «الحياة»، روى عيسى قصة التحول المفاجئ في مسيرته الدرامية، التي لم تشهد الكثير من الأعمال المحلية، على رغم البداية المبكرة له نهاية الثمانينات الميلادية، إبان اكتشافه من الفنان المخضرم محمد حمزة الذي يدين له عيسى بالفضل في صقل موهبته، إلى جانب الاسمين الإذاعيين الشهيرين عبدالستار صبيحي وهاني مدني «كانت نشأتي عادية في حي العزيزية بمكة، لم يكن فيها ما يشير إلى وجود موهبة فنية قبل أن أشارك في أول مسلسل من إنتاج شركة راديو وتلفزيون العرب مطلع التسعينات حمل اسم «لو كنت مكاني»، ثم جاءت الفرصة الأكبر عبر تجسيدي لشخصية «سمورة» في مسلسل الأطفال الشهير في ذلك الوقت «بابا فرحان»، من خلال الجزأين الثالث والرابع منتصف التسعينات، ثم شاركت في مسلسلي «البصيرة» و»البيت الكبير» على التوالي مع الفنان الكويتي الراحل غانم الصالح». لكن خطوة التحول الأكبر في مسيرة محمد عيسى تأخرت حتى العام 2009، إذ عاش خلال هذه السنة تجربته الأولى في الدراما التركية وبجرأة لافتة، عن تلك اللحظات يقول عيسى: «كان الأمر أشبه بالحلم، فالدراما والتمثيل كانا بالنسبة لي مجرد ذكريات، بعد انقطاع قارب السنوات العشر، عقب آخر عمل لي مع الفنان الراحل غانم الصالح عام 1999، لم أتوقع أن أعود إلى التمثيل من بوابة الدراما التركية، خصوصاً بعد أن أدارت لي الدراما المحلية ظهرها طوال عقد من الزمان»، ويسرد عيسى تفاصيل العمل الأول له بعد الانقطاع: «كنت أزور تركيا باستمرار لدوافع أسريه (زوجتي تعود لأصول تركية)، وكان أن التقيت المخرج التركي الشهير فاروق أكسول الذي أتاح لي الفرصة الأولى هناك عبر مشاركتي في الفيلم السينمائي «الفاتح»، الذي يحكي عن فتح مدينة القسطنطينية وتاريخ السلطان مراد الثالث، وجسدت دور وزيره في الفيلم، حينها كانت الرهبة تتملكني، فهي التجربة الأولى بعد انقطاع طويل وفي بيئة مختلفة تماماً، لكنني تجاوزت أصعب الاختبارات بنجاح، ما فتح لي الباب على مصراعيه، وتوالت الأعمال والعروض بعد ذلك». ولفت عيسى إلى جملة من الأعمال التي عرفه الجمهور التركي من خلالها بعد فيلم «الفاتح»، كان من أهمها فيلم «العزيزة في إسطنبول» للمخرج الفرنسي الشهير «كلود شيت»، ومسلسلات مثل «نفس» و»رجال أعمال» و»هل هذا القلب ينساك»، والتي وقف عيسى فيها أمام نجوم الدراما التركية المعروفين لدى الجمهور في الخليج العربي مثل توبا بويوكوستن (لميس)، سونقول دول (نور)، بولنت إينال (يحيى)، كيفانش تات (مهند)، وعكس ما تتوقعه الجماهير الخليجية يقول عن هؤلاء النجوم عيسى: «لا يعتبرون من نجوم الصف الأول في تركيا، ولكن بعد عرض مسلسل «سنوات الضياع» نهاية عام 2008 على شاشة «إم بي سي»، حدث تحول كبير في حياتهم الفنية، وأصبحوا من المشاهير بفضل الجمهور الخليجي وتعلقه الشديد بهم». علاقة الجماهير الخليجية القاصرة بنجوم الدراما التركية تبادلتها الجماهير التركية بالعلاقة نفسها، بحسب عيسى، إذ يؤكد أن الأتراك وعلى رغم احترامهم للدراما العربية، إلا أنهم لا يعرفون من الأسماء الخليجية إلا الفنانتين سعاد عبدالله وحياة الفهد. وعلى رغم تجربته الطويلة، ولحظات الانتصار المتعددة في مسيرته، إلا أن عيسى لا يتحدث عن أي من تلك اللحظات بلغة الفخر نفسها التي يتحدث بها عن لحظة التقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال زيارته لتركيا، إذ يقول عن هذا اليوم: «كانت الفرصة الأجمل في حياتي، أبلغت من السفارة بوصول الملك عبدالله، إذ طلبوا مني أن أقوم بمهمة الترجمة بين خادم الحرمين الشريفين ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان»، ويضيف: «كانت وما زالت كلمات الملك عبدالله ترن في أذني، إذ بادرني بالسؤال عن كيفية تعلمي «الرطانة»، وأجبته بأنني أقوم بخدمة حجاج تركيا منذ أكثر من 20 عاماً عبر إحدى مؤسسات الطوافة، ثم أبلغته بأنني حفيد الشيخ محمد سعيد المعصومي - أحد أئمة الحرم المكي - ليخبرني على الفور بمعرفته به»، وأشار عيسى إلى اعتزازه بالتوجيهات الحكيمة التي تلقاها من خادم الحرمين الشريفين، بعد أن علم باحترافه التمثيل، إذ طالبه بأنه يكون سفيراً مشرفاً لبلاده، وأن يبتعد عن المشاركة في أي دور يسيء للدين، أو يخدش الذوق العام. وكشف عيسى ل «الحياة» عن انتهائه من إنتاج وتصوير فيلم سينمائي يجمع نجوماً من خمس دول عربية.