بيروت - رويترز - بالنسبة لآلاف المحتجين الذين يتظاهرون في شوارع سورية ضد الرئيس بشار الأسد فإن الخوف يستبد بهم من أن تخطفهم أيد خفية من بين الحشود. وهو ما يعني انهم وقعوا في قبضة عنصر أمن بملابس مدنية اندس بين الحشود في اشارة الى بداية رحلة ربما تنطوي على الاعتقال والضرب وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين مع الشتائم كنوع من العقاب. وتحدثت «رويترز» مع ثلاثة أشخاص شاركوا في الاحتجاجات في دمشق الذين سردوا روايات مفصلة عن القمع على أيدي القوى الامنية السورية عندما كانوا رهن الاعتقال. وقال احدهم الذي تمت معاملته بشكل قاس جداً أنه اضطر ان يقسم بأنه سيبقي سراً تفاصيل معاملته خلال الاحتجاز وعدم ذكر اسماء وتفاصيل اخرى عن مكان الاحتجاز والتظاهرات التي شاركوا فيها بسبب الخوف من التعرف عليهم. وعلى رغم ان شهادتهم لا يمكن التأكد منها بشكل مستقل ولكنها متشابهة مع الشهادات التي قامت منظمات حقوقية منها منظمة «هيومان رايتس ووتش» بتوثيقها. مراسل «رويترز» الذي كان قد اعتقل في سورية في آذار (مارس) كان قد شهد حالات تعذيب من بينها رجال كانوا يتلقون صعقات من الكهرباء وتم تعليقهم بأرجلهم وتم ربط اعضائهم بأسلاك بلاستيكية. ورفض مسؤول في الاعلام السوري التعقيب على اقوال الشهود. وبشكل عام فان السلطات السورية لا تعلق على الوسائل التي تتبعها من اجل قمع المعارضة. وأجمع الرجال الثلاثة على انهم تعرضوا للضرب بالعصي والهراوات وجرتهم القوى الامنية بعيداً من موقع الاحتجاجات التي انضموا اليها. وقال شاب عمره 22 عاماً واحتجز لأكثر من ثلاثة اسابيع: «عندما وصلنا فوراً وضعوا القيود في ايدينا وأغمضوا أعيننا وطبعاً استلمونا بالضرب وكان هناك حفل الاستقبال قبل ان يحققوا معنا وقبل كل شيء اي انهم ألقوا بنا ارضاً وكان عناصر الامن يقفون على ظهورنا ويمعسوننا ويعمل وثب على ظهرنا ويقفز عليه بحدود خمس الى ست عناصر قفزوا علينا هكذا... يقفز واحد وينتهي دوره ويأتي الذي يليه أي بالتناوب». كما قال انه تعرض للصعق بالكهرباء عند حلمتي ثدييه والرسغين والمرفقين والركبتين والكاحلين لرفضه الكشف عن اسماء اصدقاء له شاركوا في التظاهرة. واضاف: «اول ستة ايام لم يأخذوني الى الزنزانة. بقيت في الممر مغمض العينين ومقيد اليدين. وممنوع من النوم وكنا نشرب الماء كل يومين وكان معنا 30 ثانية في الحمام في حال تأخرت اكثر من 30 ثانية يتعاقب الواحد على الدولاب. اذا الواحد تأخر اكثر من 30 ثانية في التواليت يضعوه على الدولاب». لقد خسر الاحساس بركبتيه وساقيه بعد الجلوس القرفصاء لفترة طويلة وطلب مقابلة طبيب السجن. واضاف: «اخذوني عند طبيب السجن الذي سألني لماذا لا تستطيع ان تمشي قلت له ان ركبي تجمع الدم فيهما ولم استطع ان احركهما فراح يركلني عليهما برجليه وقال لي هل هكذا افضل... وصفعني على وجهي.» وكان الرجل اعتقل في اذار الماضي عندما لم تكن الاضطرابات قد توسعت الى مناطق عديدة من البلاد بعد. وليلة واحدة عقب توسع الاحتجاجات الى اماكن اخرى «كان الضرب مستمر طول الليل». وبخلاف التعذيب الجسدي فان قوات الامن تستخدم الطرق التي تنال من نفسية السجناء. وقال رجل انه طوال فترة اعتقاله فان القوات الامنية كانت توحي بانهم سيصبحون خارج الزنزانة قريبا لكنها تعود عن ذلك. وقال «الطريقة التي كانوا يفتحون بها ويغلقون الباب كانت طريقة مخيفة. انت تستيقظ بفزع عندما تسمع صوتاً من هذا القبيل فإنك تعتقد انها طلقات نارية». واضاف الشاهد البالغ من العمر 23 عاما ويعيش في دمشق «انا كنت بين التفكير اننا سنخرج من هنا بعد ساعتين او ان يقتلوننا في هذه الزنزانة». في حين شملت عمليات الاستجواب اسئلة حول لماذا شاركوا في الاحتجاج وكيف كانوا يعرفون بها واسئلة اخرى بدا ان هدفها هو تعزيز رواية السلطات بان الاضطرابات تغذيها مؤامرة خارجية بواسطة الاسلاميين وقوى خارجية. وقال: «سألوني هل انا عضو في حزب البعث» و»وسألوا هل انا مسلم. هل اطبق تعاليم الاسلام». واضاف: «غرض هذا السؤال هو معرفة ما اذا كنت تدعم جماعة الاخوان المسلمين. كانوا يحققون في ملابسك في لحيتك والطريقة التي تتكلم بها واذا قال انك تطبق تعاليم الاسلام فان هذه تكون نقطة ضدك». وقال رجل ثالث انه تم سحبه بعيداً من احتجاج حيث كان المتظاهرون يرددون النشيد الوطني ويحملون لافتات كتب عليها «انهاء الحصار في درعا» في اشارة الى المدينة الجنوبية التي اندلعت فيها الاحتجاجات لاول مرة في 18 اذار. وقال: «شعرت بالخوف لا نعرف الى اين ذاهبون لا نعرف اذا كنا سنخرج لا نعرف اذا العالم يعرف عنك شيئا.... كانوا يهددون بأنك لن تخرج ولن ترى الشمس مرة اخرى». وقال ان قوات الامن كانت على وجه التحديد اكثر وحشية مع سجناء كبار السن او اولئك الذين يعانون من ظروف طبية. وأضاف: «اجبرونا ان نقف عراة في بعض الاحيان ضرب غير ممنهج....حبسونا في غرفة صغيرة كنا 27 شخصا في غرفة لا تتعدى مترين او ثلاثة امتار». وقال الشخص الذي اعتقل في وقت سابق هذا الشهر: «شعرنا بهذه الغرفة بأن تعليمات الامن ان لا تقتلوا أحداً ولكن اذا قمتم بذلك فلا مشكلة».