تقول رئيسة القسم العربي في القناة ناهدة نكد ل «الحياة» إن الثوار الشباب في ميدان التحرير كانوا يلقبون القناة ب «24»، وإنها عرفت من زملاء صحافيين لها كانوا في الميدان أن للقناة حضوراً قوياً كمصدر للمعلومات وكوسيلة لنشر المعلومات كذلك بين المتظاهرين طوال أيام الثورة. ورغم ذلك، تعترف نكد بأن «فرانس 24» لم تلق، ربما، المقدار ذاته من المشاهدة الذي حظيت به قنوات مثل «بي بي سي العربية» و«الجزيرة»! وهي تعزو ذلك لسببين رئيسيين: أولهما أن المصريين متأثرون بالثقافة الإنكليزية أكثر من الفرنسية، ولذلك يجدون أنفسهم منجذبين في متابعة مثل هذه الأحداث وبحاجة لاستقاء الأخبار من القنوات البريطانية مثل «بي بي سي». والسبب الثاني هو حداثة «فرانس 24» وعدم توافر وسائل الدعاية والإعلان الضخمة المتوافرة لقنوات أخرى. ورغم ذلك، فهي تؤكد أن الإحصاءات تشير إلى أن القناة بدأت تحقق انتشاراً أكبر منذ اندلاع الثورة المصرية. «كثيرون من شباب التحرير كانوا يعرفون صحافيينا المتواجدين في الميدان، لكننا بالتأكيد لم نصل إلى درجة الانتشار ذاتها التي نحظى بها في دول المغرب العربي والأردن». وإذا كان انتشار وشعبية «فرانس 24 « في تونس والمغرب والجزائر يرتكز إلى عوامل ثقافية وارتباط وثيق بالفرانكوفونية، فإن شعبية القناة في الأردن مازالت تمثل لغزاً سعيداً للقناة. وكانت قناة «فرانس 24» من أوائل القنوات التي ابتكرت فكرة الصحافة التشاركية التي يرسل فيها المواطنون من المشاهدين أفلاماً التقطوها بأنفسهم أو معلومات توصلوا إليها، وتقوم القناة بدورها ببثها بعد التحقق منها، وذلك قبل أربع سنوات كاملة. تقول نكد: «لدينا شبكة كاملة من أولئك المواطنين المراسلين، نعرف أسماءهم، وأماكن إقامتهم في كل أنحاء العالم، ونتواصل معهم بصفة يومية. وقد خصصنا لأولئك موظفين مهمتهم التواصل معهم». وقد تكون مصادفة أن يخرج برنامجا «أصوات الشبكة» و«المراقبون» اللذان تقدمهما وتعدهما الإعلامية تاتيانا الخوري قبل أسابيع قليلة من اندلاع الثورة التونسية، ولكن كانت النتيجة أنه وقت بدء الثورة في تونس كانت لدى القناة من خلال برنامج «مراقبون» شبكة كاملة من المراسلين من داخل الحدث، بالإضافة إلى التقنية اللازمة للتأكد من الصدقية. وبهذا سبقت «فرانس 24» وكالات الأنباء في بث خبر التونسي بوعزيزي الذي أشعل النيران في نفسه. تقول نكد: «حين رأى المشاهدون التونسيون اهتمامنا بما يحدث في تونس قبل التأكد من أنها ثورة، تحمسوا ليرسلوا إلينا مزيداً من المواد الفيلمية لنبثها، ودارت العجلة». ولأن كثراً من الصحافيين التونسيين العاملين في «فرانس 24» كان لهم أصدقاء في الشارع التونسي وقت الثورة، فقد مكّن ذلك القناة ليس فقط من التواجد الفعلي على أرض الثورة، بل في المشاركة الحقيقية في مجريات الأمور. وضع مشابه للمشهد الثوري التونسي يحدث في سورية، كما تؤكد ناهدة نكد التي تقول: «السوريون يرون أننا موجودون على أرض الواقع السوري من خلال ما نبثه على الشاشة، وبالتالي يتحمسون للتشارك والتفاعل معنا، وإرسال ما لديهم من لقطات وأفلام. أما اليمن فالمشكلة الحقيقية أننا غير قادرين على إرسال صحافيينا إلى هناك». ويبدو واضحاً من خلال ما تتلقاه «فرانس 24» من لقطات مصورة أن بعض الأنظمة العربية فهم قواعد لعبة الإعلام الشعبي أو الاجتماعي وآثاره الجمة. تقول نكد: «بدأ خبراء ينتمون إلى تلك الأنظمة في تحميل أفلام وإرسالها. وللأسف أن «رويترز» وقعت في الفخ وبثت فيلماً يفترض أنه مصور في سورية، لكن لهجة المتحدثين كانت لبنانية وليست سورية».