استمرت المعارك العنيفة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس بين القوات الحكومية ومسلحي الزعيم القبلي الشيخ صادق الأحمر، وارتفعت حصيلتها الى نحو 70 قتيلا وقرابة 200 جريح، في حين دعت الولاياتالمتحدة مختلف الاطراف الى وقف العنف فوراً. وقتل 24 شخصاً في المعارك التي جرت ليل الاربعاء - الخميس، وقال مصدر قبلي ان 18 شخصاً قتلوا وجرح العشرات في المواجهات ليلاً بين الحرس الجمهوري وعناصر من قبيلة ارحب شمال مطار صنعاء، وهي قبلية من تحالف قبائل بكيل التي يتزعمها الاحمر. وتحدثت معلومات عن اغلاق موقت للمطار وتحويل الرحلات الى مطار عدن (جنوب)، لكن مصدراً رسميا نفى ذلك. وفي حي آخر من العاصمة قتل ستة اشخاص، هم أربعة مدنيين وعنصران من قوات الامن، واصيب اكثر من عشرون آخرون بجروح في المعارك التي استمرت طوال الليل. وبذلك ارتفع عدد القتلى الى 68 والجرحى الى نحو 200 منذ بدء المعارك الاثنين الماضي، الا ان الحصيلة يمكن ان ترتفع لأن سيارات الاسعاف لم تتمكن من دخول مناطق المعارك امس وسط افادات شهود عن وجود عدد من الجثث في الشوارع. وبين القتلى 12 عنصراً من الحرس الجمهوري. وكان مصدر رسمي اعلن امس ان 28 شخصاً قتلوا في انفجار في مخزن ذخائر في صنعاء يعود لقبيلة حاشد. وجاء في رسالة نصية من موقع وزارة الدفاع الالكتروني «26 سبتمبر» ان مخزن الذخيرة تابع لحميد الاحمر شقيق الشيخ صادق. ولم يتسن تأكيد هذه المعلومات من مصدر مستقل. وفي خطوة تصعيدية، أمر الرئيس اليمني بالقبض على الشيخ صادق الاحمر واشقائه، واعلن موقع وزارة الدفاع اليمنية في رسالة نصية «صدور أمر من الرئيس صالح بالقبض القسري على المتمردين اولاد الاحمر بغية محاكمتهم بالتمرد المسلح». وفي المقابل، دعا الاحمر القبائل الموالية له الى الالتفاف حوله بسرعة في وجه الرئيس اليمني لكنه طلب منها التعقل متهماً علي عبدالله صالح بالسعي الى جر البلاد الى حرب اهلية. وأكد زعيم قبائل حاشد النافذة انه مستعد لوقف النار اذا ما اوقفت النار قوات الرئيس اليمني التي خاض معها معارك دامية لليوم الرابع على التوالي. وقال في تصريح الى قناة «الجزيرة» القطرية انه ما زال في منزله في حي الحصبة في صنعاء وهو بخير، داعياً القبائل الى «الا يتأخروا» والى «دعم اخوانهم المجاهدين الواقفين» في وجه قوات صالح. لكنه دعا القبائل في الوقت نفسه الى «التعقل»، متهماً صالح بأنه «كذاب يريد جر البلاد الى حرب اهلية». واكد ضرورة «ردع البلطجية» التابعين له. وقال انه لا فرصة للوساطة مع الرئيس علي عبدالله صالح وتعهد بأن يجعله يغادر البلاد حافي القدمين. ودعا الاحمر الدول الخليجية والولاياتالمتحدة وبريطانيا والاتحاد الاوروبي الى «الضغط على صالح» لوقف القتال. واعرب عن استعداده «من موقع قوة» لوقف النار. وقال في هذا السياق للقناة القطرية: «اذا التزم علي صالح بوقف النار انا مستعد من هذه اللحظة لوقف النار. مستعد استعدادا كاملا لوقف النار اذ اوقف صالح الحرب». الا انه شدد على انه «مستعد للقتال لسنين، واقول هذا من موقع قوة». واشار الشيخ القبلي الاكثر نفوذا في اليمن الى ان لديه سبعين عنصراً من قوى الامن «سلموا انفسهم او قتلوا» مؤكدا ان الوساطة القبلية «انتهت من قبل أمس». وفي «ساحة التغيير» قبالة جامعة صنعاء، حيث يعتصم الشباب المطالبون باسقاط النظام منذ 21 شباط (فبراير)، تقلصت اعداد المحتجين الى حوالى 1500 شخص امس بينما بدت عشرات الخيام فارغة. وقال الشاب المعتصم باسم الحاكمي: «اذا استمرت الاوضاع على هذا النحو فثورة الشباب لن تصل الى نتيجة وقد نكون مضطرين للاسف لمغادرة الساحة». الا ان القيادي في حركة الشباب وليد العماري قال ان الشباب يدعون لجمعة تظاهر كبيرة اليوم الجمعة. واضاف: «نحاول ان ندعو لحشد الجمعة تحت عنوان جمعة الثورة السلمية» فيما انصار الرئيس سيتظاهرون تحت عنوان «جمعة النظام والقانون». في هذا الوقت، دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون أمس اطراف النزاع في اليمن الى وقف القتال فوراً، وقالت على هامش قمة مجموعة الثماني في باريس: «نحن قلقون جداً من الاشتباكات الدائرة وندعو جميع الاطراف الى الوقف الفوري لأعمال العنف». واصدرت واشنطن الاربعاء أمراً لافراد عائلات الموظفين الاميركيين في اليمن وعدد من الموظفين غير الاساسيين بمغادرة اليمن، وطلبت من الاميركيين «توخي الحيطة والحذر بسبب الوضع الامني المتدهور وخشية تعرضهم لاعمال ارهابية واضطرابات». وأوضحت في بيان ان «وزارة الخارجية طلبت من المواطنين الاميركيين عدم السفر الى اليمن ومن الموجودين في اليمن المغادرة فور توافر رحلات تجارية». وقال مسؤول من وزارة الخارجية في وقت سابق ان «العنف تصاعد خلال الايام الماضية. نراقب الوضع عن كثب بالتأكيد ومن الواضح اننا نولي الاهمية الكبرى لسلامة المواطنين الاميركيين». واضاف ان «كل ما استطيع قوله هو اننا نقوم بتقييم الوضع ساعة بساعة. واذا شعرنا ان هناك ضرورة للانتقال الى المرحلة التالية، فسنفعل ذلك».