طغى تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان المبطن للبنان، لتلزيمه البلوك الرقم 9 في مياهه الإقليمية الجنوبية لشركات للتنقيب عن الغاز فيه واعتباره «عملاً استفزازياً»، مدعياً بأنه «ملك لنا»، على تفاعلات الأزمة السياسية الناتجة من تفاقم الخلافات بين رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، وكان آخر فصولها إساءة صهر عون رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل لبري، باستخدامه عبارات نابية في فيديو تسرّب الأحد الماضي. وفيما بقيت الأزمة الداخلية على حالها من التوتر إثر ردود الفعل الغاضبة على الأرض من أنصار بري، من دون بوادر مخارج للاحتقان المتصاعد، أتى الموقف الإسرائيلي قبل أيام من مراسم توقيع وزارة الطاقة اللبنانية في 9 شباط (فبراير) الجاري، عقد التنقيب عن الغاز مع كونسورسيوم من 3 شركات عالمية في البلوكين 9 في الجنوب و4 في الشمال، من المنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة. واستدعى اختراق تصريح ليبرمان المشهد اللبناني المتشنج ردوداً من كبار المسؤولين اللبنانيين بموازاة استمرار السجال الإعلامي حول ضرورة اعتذار باسيل لوصفه بري ب «البلطجي»، ومواصلة أنصار حركة «أمل» الوقفات التضامنية مع رئيس البرلمان، فاعتبر الرئيس عون أنه «تهديد للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية». ونبه بري من «خطورة كلام ليبرمان»، فيما رأى رئيس الحكومة سعد الحريري من أنقرة حيث اجتمع مع الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره بن علي يلدريم، أن ادعاء ليبرمان «باطل شكلاً ومضموناً، والحكومة ستتابع خلفيات هذا الكلام مع الجهات الدولية لتأكيد حقها في مياهها الإقليمية». وأعلن وزير الطاقة سيزار أبي خليل أن «ادعاء ليبرمان مردود، ولبنان قام بترسيم حدوده البحرية وفقاً للقوانين الدولية، وسيستعمل كل الوسائل لحماية نشاطاته البترولية». وأيّد «حزب الله» مواقف الرؤساء الثلاثة ضد هذا العدوان الجديد، وأكد على «موقفنا الثابت في التصدي الحازم لأي اعتداء على حقوقنا النفطية والغازية والدفاع عن منشآت لبنان». وقال رئيس الوزراء التركي بعد لقائه الحريري ان «بفضل حكمة السياسيين في لبنان، تم تدارك الأزمة التي حصلت وتعززت الوحدة الوطنية المهمة ». ووسط توقعات بأن تؤثر حدة الأزمة الداخلية في عمل الحكومة والبرلمان، نفى بري «كل كلام يشاع حول استقالة الحكومة»، ونقل عنه نواب قوله إن «عمل الحكومة قد يتعثر بسبب التشنج السياسي». والجديد أمس، قول بري إنه «يقدم اعتذاراً إلى كل اللبنانيين الذين لحق بهم أذى على الأرض»، في إشارة منه إلى تظاهرات مناصرين له قطعوا الطرقات ورفعوا شعارات نابية. وأكد أنه «لا هو ولا حركة «أمل» لهما علاقة بما حصل على الأرض». وقال زوار بري ل «الحياة» إنهم شهدوا كيف أجرى اتصالات الإثنين الماضي مع مسؤولي «أمل» طالباً منهم بلهجة صارمة وزاجرة، وقف الانفلات في الشارع وداعياً إلى معاقبة من أخلّ بالأمن. كما نقل وزير التربية مروان حمادة الذي زار بري تضامناً معه وكذلك نواب من «اللقاء النيابي الديموقراطي» الذي يرأسه وليد جنبلاط، عن رئيس البرلمان تأكيده أنه لا يريد توتير الأجواء. وقال بري للنواب إنه لم يطلب اعتذاراً (من باسيل) «بل المطلوب تقديم اعتذار إلى كل اللبنانيين عن الإساءات التي حصلت». وأكد غير نائب من كتلة بري أن بيان رئيس الجمهورية أول من أمس، عن أن «ما حصل خطأ كبير (يقصد التحرك في الشارع وقطع الطرقات والحملة عليه) بني على خطأ» (إساءة باسيل لبري) «لم يحقق الغرض». فبري اعتبر أن «السبب ليس مثل النتيجة». وفيما بذل غير سياسي جهوداً لدى عون كي يجري اتصالاً مع بري لإبلاغه عدم قبوله الإساءة، لتنفيس الاحتقان، رأت أوساط عون أنه وصف ما قام به باسيل بالخطأ، وأن ردود الفعل تناولته شخصياً وعائلته بعبارات مقذعة. ولدى استقباله وفداً من الرابطة المارونية، أكد عون تصميمه على «ممارسة الصلاحيات التي حددها الدستور لرئيس الجمهورية من دون زيادة ولا نقصان». وقال: «المكان الطبيعي لحل الخلافات هو المؤسسات الدستورية لا الشارع».