الصراع على صوت الاتحاد الإنكليزي في انتخابات الاتحاد الدولي لكرة القدم الرئاسية المقبلة بين السويسري جوزيف بلاتر ومحمد بن همام بلغ أوجه منذ وقت باكر، ويعود السبب إلى المكاسب الإعلامية من هذا «الصوت». بلاتر كان الأسبق إلى زيارة الاتحاد الأقدم في العالم، وهو استبق هذه الخطوة بمحاولة لتحسين صورته في إنكلترا خصوصاً بعد مواقفه في التصويت على استضافة نهائيات كأس العالم 2018 و2022، إذ شنت خلالها وسائل الإعلام الإنكليزية حملة شعواء ضد «عجوز الفيفا» وهو ما دعاه إلى تعيين الصحافي الإنكليزي المخضرم بريان ألكسندر الذي يمتلك خبرة عملية عريقة في صحف عدة فضلاً عن عمله في ال «بي بي سي» التي كان لها حضورها «المؤذي» خلال مرحلة الإعلان عن الملفات الفائزة باستضافة «المونديال»، وذلك للعمل ضمن الطاقم الإعلامي في حملته الانتخابية، وهو ما يعني أن رجل «الفيفا» الحالي سعى إلى استباق زيارته برسم صورة ذهنية جديدة له في الساحة الإنكليزية، فضلاً عن الحصول على دعم إعلامي لاحق لزيارته. والصوت الإنكليزي لن يكون سهلاً على بلاتر بعد خسارة الإنكليز ملف استضافة كأس عام 2018 وتلميحاتهم أو بالأصح تصريحاتهم بأنهم سيدعمون أي منافس لجوزيف بلاتر. أهمية الصوت الإنكليزي هي السبب ذاته الذي دعا القطري محمد بن همام إلى القيام بزيارة تبعت زيارة بلاتر للاتحاد الإنكليزي، في إطار ترويج ابن همام لملفه الانتخابي، وهي الزيارة التي تلقّى فيها وعوداً مبدئية بدرس مقترحاته وربما منحه الصوت الذي تم إرجاء اتخاذ قرار بشأنه من أعضاء الاتحاد الإنكليزي إلى ال 19 من الشهر الجاري. وعلى رغم أن الإنكليز يغردون خارج السرب «الأوروبي» في العادة، إلا أن قرار اللجنة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بدعم السويسري جوزيف بلاتر لولاية رابعة ب «الإجماع» أثار توقعات بأن يذهب الصوت الإنكليزي لبلاتر، خصوصاً أن اللجنة تضم رئيس الاتحاد الإنكليزي السابق جيف طومسون، فضلاً عن أن اللجنة التنفيذية طالبت الاتحادات ال53 المنضوية تحت لوائها بدعم بلاتر. وجاء في بيان الاتحاد الأوروبي: «قررت اللجنة التنفيذية منح دعمها بالإجماع لجوزيف بلاتر في الانتخابات الرئاسية المقبلة للاتحاد الدولي، وتوصي بشدة جميع الاتحادات القارية أن تحذو حذوها». وفي وقت كان فيه الجميع يترقب قرار الاتحاد الإنكليزي، الذي لاذ بالصمت طوال الفترة الماضية قبل أن يعلن موقفه المفاجئ هو «الامتناع عن التصويت» في انتخابات رئاسة «الفيفا»، وجاء ذلك في بيان صحافي رسمي أصدره رئيس الاتحاد الإنكليزي ديفيد برنستين الخميس الماضي قال فيه: «هناك مجموعة من القضايا أثيرت أخيراً وكذلك في الوقت الحالي، يرى مجلس إدارة الاتحاد أنها تجعل من الصعب دعم أي من المرشحين (لرئاسة الفيفا)». وأضاف: «الاتحاد الإنكليزي يقدر علاقاته مع شركائه الكرويين الدوليين بشكل كبير، إننا نعتزم لعب دور نشيط ومؤثر من خلال تمثيلنا في الاتحاد الأوروبي والفيفا، وسنواصل العمل بجدية لإحداث أية تغييرات نعتقد أنها ستعود بالنفع على كرة القدم على المستوى الدولي». موقف الاتحاد الإنكليزي استفز «المرشحين للرئاسة»، إذ حثّ رئيس الاتحاد الآسيوي القطري محمد بن همام المرشح لمنصب رئيس الاتحاد الدولي للعبة، الاتحاد الإنكليزي على إعادة النظر في قراره الامتناع عن التصويت في الانتخابات المقررة في الأول من حزيران (يونيو) المقبل. وقال ابن همام إنه متفاجئ من هذا القرار، ونقلت عنه شبكة «بي بي سي» البريطانية: «مؤسف عندما يقرر اتحاد ما عدم محاولة التغيير من الداخل. الاتحاد الإنكليزي بصفته أقدم اتحاد في العالم، في إنكلترا مهد كرة القدم الحديثة، هو أحد أهم المؤسسات في عالم كرة القدم». وتابع ابن همام: «نتيجة لذلك عليهم العمل مع فيفا وبقية المعنيين في عالم كرة القدم لتحسين وتطوير كرة القدم. من خلال الامتناع عن التصويت، يتخلى الاتحاد الإنكليزي لسوء الحظ عن هذا الحق». وأضاف ابن همام (62 عاماً): «أدرك أن لديهم أسبابهم الخاصة، لكن آمل بأن يعدلوا عن قرارهم في الأيام المقبلة». بلاتر أيضاً أبدى إحباطه من موقف الاتحاد الإنكليزي، قائلاً: «الأمر يدعو إلى الغرابة في ألا يستطيع الاتحاد الكروي الأول في العالم اتخاذ قرار حاسم في الاختيار بين مرشحين فقط». وعلى رغم أن الاتحاد الإنكليزي لم يبدِ صراحة الأسباب التي دعته إلى اتخاذ هذا الموقف، إلا أن مزاعم الرشاوى التي تلقاها أعضاء في «الفيفا» في صراع استضافة مونديالي 2018 و2022 هي السبب، خصوصاً أن ديفيد بيرنشتين ألمح قائلاً: «هناك بعض الأمور الدائرة التي أدت إلى صعوبة دعم أحد المرشحين». وكان رئيس الاتحاد الإنكليزي السابق لورد تريسمان زعم أمام مجلس العموم البريطاني أن هناك أعضاء في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي حاولوا الحصول على رشوة في مقابل التصويت لملف إنكلترا لمونديال 2018. وتطاول الاتهامات رئيس الاتحاد الأفريقي عيسى حياتو، خصوصاً في ظل ادعاءات صحيفة «صنداي تايمز» إضافة إلى رئيس الاتحاد التايلاندي ووراوي ماكودي والنيجيري آموس أدامو، والأخيران تم إيقافهما من لجنة الانضباط في «الفيفا» ولم يصوّتا على ملف الاستضافة.