أتمنى أجد إجابة شافية ومقنعة، من أصحاب القرار في المؤسسة العامة للتأمينات ومصلحة المعاشات والتقاعد، حول واحدة من المشكلات التي تعترض طريق الموظف ولم يُلتَفَت لها حتى تاريخه، وهي تضطره لمصادمة واقع حسابات مفاجئ مزعج، وكذلك وأرقام مخجلة تلغي كل الخطط المرسومة لِعُمر ما بعد التقاعد، وان انعدمت أو تضاءلت فرص الإقناع فمن أصحاب القرار، فليُمْنَح جل الموظفين مهدئات ومسكنات مؤقتة من فئة أن الأمر قيد الدراسة أو «محط العناية» حتى وإن كان المهدئ والمُسَكِن لسنين قادمة طويلة فنحن نحب الانتظار إن لم يكن مرتبطاً بطابور! واعتدنا بالتدريج الوعود الطويلة الأمد و غير المستندة على تاريخ ثابت. ألخص المشكلة بمثال سريع لموظف حكومي حاصل على شهادة البكالوريس في أربع سنوات - إن كان مجتهداً - ولم يتأخر لظروف طارئة، وسيكون بالأيام المعدودة قد تجاوز الثانية ال20 من العمر مع الأخذ بعين الاعتبار أن المدة المقررة للدراسة الجامعية أربعة أعوام ولم تكن خمساً أو أكثر، مع العلم أن الذين يغادرون المرحلة الجامعية بشكل مثالي يشكلون القلة، وهذا المثال - افتراضاً - حصل على وظيفة فور تخرجه بمساندة ومساعدة الأخت العزيزة/ «وثيقة التخرج» ودعم الفيتامينات والعلاقات وأبناء القبيلة والأنساب والمعارف، وهي إشارات العبور للوظائف التي تأتي قطرةً قطرة. المضمون: إذا أراد هذا الموظف البسيط أن يحصل على التقاعد قبول بلوغه سن ال60 وهي السن التي عليه أن يغادر فيها كرسي الوظيفة باستثناء أن كان الموت أو المرض عرفاه قبل هذه السن، فَسيُضرَب مرتبه الذي كان يحصل عليه لحظة رغبته في التقاعد أياً كان في «عدد سنوات الخبرة» ليقسم المجموع المغري على 40 سنة لمن يندرج تحت مصلحة التقاعد و50 سنة لمن هو داخل نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية وبحسبة صف ثالث ابتدائي تقريباً سيذهب من المرتب «رقم لا يمكن فقده»، ويخرج المرتب التقاعدي خالصاً من كل البدلات والشوائب التي كانت تدعم الحال زمنا طويلاً. السؤال: لماذا لا توجد آلية مقنعة لا تذهب في حال التقاعد بنصف الراتب أو قريبا منه حتى يشعر المغادر ببساطة وسعة عيش في ما تبقى من العمر إن كان هناك متبقٍّ؟! في مقر عملي أتحدث مع رجل طاعن في السن والخبرة وهو الذي تجاوز ال34 خبرة/ لا سناً، أنهتكه أمراض متفاوتة لأنه كان يحمل هموم العمل فوق رأسه، في حين أن غيره يعرف يوم الراتب ولحظات الفطور وتوزيع الصحف، تحدثت معه وسألته: لماذا لا يترك الكرسي لينعم بالراحة، ويتفرغ لصحته وأسرته التي تضع أياديها على القلوب كلما غادر عائلها إلى مقر عمله، أجابني: سأحاول أن اسْتَمِرّ، ما كانت الأقدَام تدفعني للأمام أو تستطيع حمل جسدي المتعب، لأن كل يوم يمضي وأنا على الكرسي يمنحني ريالاً إضافياً في صالح المرتب التقاعدي. هذا الموظف المنهك يقدم ما يستطيع ولكنه لم يعد يملك نشاطه السابق، فالعمر مراحل انتقالية لكل منها تبعاتها وظروفها، سألته مرة أخرى بطيب متناهي لما لم تغادر في سن التقاعد المبكر أي بعد 25 سنة من الخبرة فقال بأسى: أحصل على نصف الراتب فقط لحظة رغبة المغادرة المبكرة، قلت بصمت: هنا "المعاناة" بشقيها المبكر والمتأخر، ولعل شيئاً من هذا هو ما دفع أصحب القرار للمطالبة برفع التقاعد إلى 65 سنة وهو حل مطروح، لكنه غير منطقي إطلاقاً، فمن غير المعقول أن كل موظفي الدولة يصلون للستين وعطاءهم يثلج الصدر، وأنا متأكد أنه في ما لو كان هناك نهاية خدمة مجزية ومقبولة لغادر من على الكرسي مَسَاكِينَ كُثر، بات همهم الأول والأخير أن يصل الراتب التقاعدي إلى أعلى رقم ممكن! [email protected]