أتمنى أن أجد إجابة شافية ومقنعة، من أصحاب القرار في المؤسسة العامة للتأمينات ومصلحة المعاشات والتقاعد، حول واحدة من المشكلات التي يتعرض لها الموظف ولم يُلتَفَت لها، ليصطدم بواقع الحسابات المفاجئ والأرقام التي تلغي كل الخطط المرسومة لِعُمر ما بعد التقاعد، وإن انعدمت أو تضاءلت فرص الإقناع فليمنح كل الذين يعانون «المشكلة» مهدئات ومسكّنات موضعية من فئة أن الأمر قيد الدراسة أو محط العناية وموضع النقاش، حتى وإن كان المهدئ والمسكّن لسنين قادمة طويلة فنحن نحب الانتظار إن لم يكن مرتبطاً بطابور، واعتدنا بالتدريج والعشق لغة الطمأنينة. ألخص المشكلة في مثال متطابق باختلاف الشهادات وسنين العمر، وهو لموظف حكومي حاصل على شهادة البكالوريس، أي إن كان مجتهداً ولم يتأخر لظروف طارئة فسيكون بالأيام المعدودة قد تجاوز ال22 من العمر، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المدة المقررة للدراسة الجامعية أربعة أعوام ولم تكن خمسة أو أكثر، وهؤلاء الذين يغادرون المرحلة الجامعية بشكل مثالي يشكلون القلة، والمثال السابق يتطلب فرضية الحصول على وظيفة وجهاً لوجه بمساندة ومساعدة الأخت العزيزة «وثيقة التخرج»، وهو ما لم يمكن أن يحدث في ظل الوظائف التي تأتي قطرة قطرة، إذا أراد هذا الموظف البسيط أن يحصل على التقاعد قبل بلوغه سن ال60، وهي السن التي عليه أن يغادر فيها كرسي الوظيفة باستثناء إن كان الموت أو المرض عرفاه قبل هذه السن، فَسيُضْرَب مرتبه الذي كان يحصل عليه لحظة رغبته في التقاعد، أياً كان في «عدد سنوات الخبرة»، ليقسم المجموع المغري على 40 سنة لمن يندرج تحت مصلحة التقاعد، و50 سنة لمن هو داخل نظام مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وبحسبة صف ثالث ابتدائي تقريباً يذهب رقم لا يمكن فقده، أي هكذا يخرج المرتب التقاعدي خالصاً من كل البدلات والشوائب التي كانت تدعم الحال زمناً طويلاً، السؤال: لماذا لا توجد آلية مقنعة لا تذهب في حال التقاعد بنصف الراتب أو قريباً منه؟ ليشعر المغادر ببساطة عيش في ما تبقى من العمر إن كان هناك متبقي. في مقر عملي أتحدث مع رجل طاعن في السن والخبرة وهو الذي تجاوز ال34 خبرةً لا سناً، أنهتكه أمراض متفاوتة لأنه كان يحمل هموم العمل فوق رأسه، في حين أن غيره يعرف يوم الراتب ولحظات الفطور وتوزيع الصحف، تحدثت معه وسألته لماذا لا يترك الكرسي لينعم بالراحة ويتفرغ لصحته وأسرته التي تضع أياديها على القلوب كلما غادر عائلها إلى مقر عمله، أجابني: سأحاول أن أستمر قدر ما الرجلين تدفعني للأمام أو تملك القدرة على حمل جسدي المتعب، لأن كل يوم يمضي وأنا على الكرسي يمنحني ريالاً إضافياً في صالح المرتب التقاعدي، هو يقدم ما يستطيع ولكنه لم يعد يملك نشاطه السابق، فالعمر مراحل انتقالية لكل منها تبعاتها وظروفها، سألته مرة أخرى بطيب متناهي لم لم تغادر في سن التقاعد المبكر أي بعد 25عاماً من الخبرة. فقال بأسى: أحصل على نصف الراتب فقط لحظة رغبة المغادرة المبكرة، قلت بصمت هنا «المعاناة» بشقيها المبكر والمتأخر! [email protected]