ظهر أمس تبايناً استراتيجياً بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والقيادة الفلسطينية في شأن المسار الذي يمكن اتباعه لإحياء مفاوضات السلام، والدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا، ففي وقت رأى الملك خلال جلسة حوارية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس أنه «لا يمكن أن يكون هناك عملية سلام أو حل سلمي من دون دور الولاياتالمتحدة»، مكتفياً بدعوة الأوروبيين إلى «بناء الثقة بين الفلسطينيينوواشنطن»، كررت السلطة رفضها التعاطي مع «أي أفكار أميركية للسلام، قبل التراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل». وشددت على «شراكة أوروبية فاعلة في عملية السلام». ويأتي ذلك في وقت أعلن الكرملين أمس أن الرئيس فلاديمير بوتين سيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الاثنين المقبل. وشكك الملك الأردني في قبول نتانياهو «حل الدولتين» كأساس لتسوية النزاع مع الفلسطينيين، غداة محادثات أجراها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مدينة دافوس السويسرية. وقال خلال جلسة حوارية رداً على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن نتانياهو يؤمن بحل الدولتين، إنه «مما نراه اليوم، ولا أريد أن نطلق أحكاماً، لدي شك في ذلك». وأشار إلى أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأن القدس أدى إلى «رد فعل قوي وواسع، لأنه أحبط الفلسطينيين الذين باتوا يشعرون بأن واشنطن ليست وسيطاً نزيهاً»، لكنه أكد أن «الجميع ينتظر إعلان الأميركيين خطتهم»، مضيفاً أن «المشكلة الآن الإحباط الكبير الذي يعانيه الفلسطينيون الذين لا يشعرون بأن الولاياتالمتحدة وسيط نزيه، لكنهم في ذات الوقت توجهوا إلى الأوروبيين وهذا يدل على أنهم متمسكون بالسلام»، مؤكداً أهمية العمل على «بناء الثقة بين الفلسطينيينوواشنطن لنتمكن من إعادة الأميركيين والفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات». في المقابل، شدد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات على رفض «أي أفكار أو مبادرات ستقدمها الولاياتالمتحدة لتحقيق السلام، طالما لم تتراجع عن إعلان القدس، وتعترف بدولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس»، مؤكداً في تصريحات أبرزتها وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، أن الإدارة الأميركية «أخرجت نفسها كراعٍ ووسيط لعملية السلام». وكان العاهل الأردني عقد جلسة محادثات في دافوس مساء الأربعاء، مع الرئيس الفرنسي بحث فيها العلاقات الثنائية وجهود مكافحة الإرهاب. وأفادت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» بأن اللقاء تناول تطورات القضية الفلسطينيةوالقدس. وأكد الملك عبدالله ضرورة العمل على تحريك عملية السلام، وإطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبما يفضي إلى قيام دولة مستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، مشدداً على أن القدس «هي مفتاح تحقيق السلام في المنطقة». إلى ذلك، شدد السفير الفلسطيني لدى واشنطن حسام زملط، خلال استقباله وفداً من ممثلي الاتحاد الأوروبي في بروكسيل، والقدسالمحتلة، وواشنطن على «أن فلسطين لم ولن تتفاوض على المبادئ التي أقرها الاتحاد الأوروبي والمنظومة الدولية، وعلى رأسها القدسالشرقية عاصمة لدولة فلسطين كاملة السيادة». وأضاف خلال اللقاء الذي عقد في مقر السفارة في واشنطن أن «إعلان ترامب لا يؤهل الولاياتالمتحدة لتولي دور الوسيط المحايد، خصوصاً في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرفة، تسعى لتقويض فرص السلام». وشدد على أن الفرصة الآن مواتية لتفعيل دور جميع الأطراف الدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي، لما تتمتع به أوروبا من أهمية جغرافية وسياسية واقتصادية، ما يجعله شريكاً مهماً لمساعي السلام. في غضون ذلك، تبحث القمة الأفريقية التي تعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بعد غد (الأحد) ويحضرها الرئيس محمود عباس في حزمة مشاريع تتعلق بالقضية الفلسطينية، تتضمن رفض إعلان ترامب في شأن القدس، والتأكيد على دعم كفاح الشعب الفلسطيني من أجل قيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 والقدسالشرقية عاصمتها، وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.