تصاعدت المواجهات العسكرية بين شمال السودان وجنوبه أمس في منطقة ابيي التي يتنازع عليها الطرفان. وسقط مئات الضحايا، بينهم مدنيون، ما ادى الى امتداد التوتر على جانبي الحدود بين شطري البلاد. وأعلن حزب المؤتمر الوطني الحاكم أن الجيش الشمالي قرر اجتياح أبيي والسيطرة عليها «رداً على استفزاز القوات الجنوبية ورد الصاع صاعين»، وسط تدخل دولي لتهدئة الأوضاع الأمنية مع وصول وفد من مجلس الأمن إلى الخرطوم. وبدأ وفد المجلس، وهو برئاسة مشتركة روسية - اميركية، بمناقشة ترتيبات فك الارتباط بين شطري البلاد وتسريع تسوية القضايا العالقة بينهما. لكن تدهور الوضع الامني دفعه الى تعليق زيارته المقررة لمنطقة أبيي غداً الاثنين، في الوقت الذي دعت فيه الأممالمتحدة القوات الشمالية والجنوبية إلى وقف فوري للنار وضبط النفس وحماية المدنيين. وقال نائب رئيس الحزب الحاكم في ولاية الخرطوم مندور المهدي، لدى مخاطبته كتيبة إستراتيجية من حزبه، ان «الحركة الشعبية لتحرير السودان» الحاكمة في الجنوب قابلت صبر الحزب «بالسبّ والجفاء وعدم الوفاء حتى وصفونا بالضعف والهوان». واتهم الجيش الجنوبي بخرق اتفاق السلام 12 مرة خلال الفترة الماضية، و «ليس لنا خيار غير أن نرد الصاع والآن قواتنا علي مشارف أبيي وستدخلها ليروا منا قوة وثباتاً ويعلموا أننا عند البأس كيف نكون». لكن الناطق العسكري باسم الجيش الجنوبي فيليب أغوير اتهم القوات المسلحة الشمالية بالاستمرار في قصف قرى قرب أبيي براً وجواً مستخدمة طائرات من طراز «ميغ» و «سوخوي» و «انتونوف»، وقصف قرى بالمدفعية الثقيلة بقوات برية، ما أوقع مئات الضحايا بين قتيل وجريح غالبيتهم من المدنيين. وقال ل «الحياة» هاتفياً إن القوات الشمالية قررت الحرب من جانب واحد، مؤكداً تمسك «الحركة الشعبية» باتفاق السلام. لكنه اضاف: «سندافع عن أنفسنا ولن نقف مكتوفي الأيدي»، لافتاً الى أن الجيش الشمالي يجري استعدادات منذ بداية العام الحالي للاستيلاء على أبيي. واتهم القوات الشمالية بحشد قوة قرب منطقة أم كويك بين ولايتي النيل الأبيض في وسط السودان وأعالي النيل الجنوبية، بعد مقتل شرطي شمالي، موضحاً انه لا توجد قوات جنوبية في المنطقة وإنما قوة صغيرة من الشرطة. وأكد حاكم منطقة ابيي دينق اروب الذي ينتمي إلى «الحركة الشعبية» القصف الجوي الشمالي لسبع مناطق في ابيي، مشيراً الى معارك ومواجهات مباشرة بين مشاة القوات الشمالية وشرطة أبيي في بلدة توداج. الى ذلك، تعرضت قوة صغيرة من البعثة الأممية لحفظ السلام في السودان (يونميس) ليل الخميس الماضي إلى إطلاق نار بينما كانت ترافق 200 جندي سوداني خارج ابيي لتنفيذ اتفاق لإعادة الانتشار، ولقي 22 جندياً من الجيش الشمالي مصرعهم في الهجوم كما لا يزال 176 آخرون في عداد المفقودين. وكانت أبيي شهدت اشتباكات عنيفة مطلع الشهر الجاري بين جنود من الجيش السوداني وقوات جنوبية أسفرت، وفق الأممالمتحدة عن مقتل 14 شخصاً. وأقر مجلس الدفاع المشترك بين شمال السودان وجنوبه في 12 الشهر فك الارتباط بين الوحدات المشتركة من الجانبين في أبيي على أن تنسحب وحدات شمال السودان شمال أبيي والجيش الجنوبي جنوبها. يذكر أن منطقة أبيي الغنية بالنفط شهدت تصعيداً في أعمال العنف منذ استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في كانون الثاني (يناير) الماضي والذي أسفرت نتائجه عن تأييد ساحق لانفصال الجنوب الذي سيصبح دولة مستقلة في تموز (يوليو) المقبل.