تقاسم الرفيقان والزوجان نذير الطنبولي وعلياء الجريدي بلوحاتهما ملء الفراغ في قاعة العرض في مركز «غريك كامبس» في الجامعة الأميركية في القاهرة، حيث نظم معرض بعنوان «يوميات البرج العاجي» يستمر حتى نهاية الشهر الجاري. قد لا تشبه الكتابة على الجدران النحت في الصخر أو النقش عليه، إلا في كونها أحد أنماط الفن التعبيري الذي ازدهر أخيراً في مصر (إبان ثورة 25 يناير) كوسيلة للتعبير عن آراء الطليعة الثورية من الفنانين الذين يمثلون إحدى أذرع «القوى الناعمة» في مصر. ولمعت في هذا النمط من الفنون أسماء كُثر ذاع صيتهم خارج مصر، منهم الفنان التعبيري المصري نذير الطنبولي وزوجته ورفيقة دربه علياء الجريدي، نشأ الطنبولي الذي يقيم الآن في العاصمة البريطانية لندن في عائلة فنية، إذ كان عمه الرسام الشهير إبراهيم الطنبولي والمصمم لطفي الطنبولي. ودرس نذير الفنون التعبيرية في جامعة الإسكندرية، إذ بدأ يعرض لوحاته السوريالية والرسوم المتحركة في الخارج، وحصل على العديد من الجوائز ضمن مشاركته في معرض«ساتشي» في لندن، وشغلت رسومه حيزاً كبيراً من الجداريات في كل شوارع العاصمة البريطانية. في المعرض الذي انتشرت اللوحات فوق جدرانه لم تقتصر المشاركة على أن الزوجين هما العارضان فقط بل امتدت إلى رغبتهما في السرد مع الاختلاف في الأسلوب العرضي المتمثل في حلول الفن والتعبير عن الذات والاستعانة بالأشكال الحكائية أو المرجع السردي الذي يستدعيانه من خلال السير الذاتية أو الممارسات اليومية والتفاصيل الحياتية لهما أو لأناس يعرفونهما. غلبت على لوحات نذير الطرافة المتعمدة المتبلورة في شكل قصص مصورة فوق اللوحات المختلفة في الشخوص أبطال الحكايات في الشكل واللون والطبيعية كما تختلف أيضاً في نوع الخط الذي يسرد به نذير القصة، متعمّداً أن يضفي على اللوحات الحس الكاريكاتوري ولكن برصانة تعبيرية. تُطلعك اللوحات في أعمال الطنبولي أن في الخلفية قصة على رغم أن في المجمل تضم اللوحة لقطات متفرقة غير متسلسلة في المعني لكنْ لها منطق واحد في التعبير الشكلي. وتباهت فوق الجدران في قاعة العرض لوحات علياء الجريدي في مشهد النسيج المتناسق في مزج الخيوط وتشابكها بحرفية متقنة، فاللوحة عند علياء عامل نسجته من مخيلتها أكثر منها صورة أو لقطة بالمعنى التعبيري، إذ يغلب على لوحاتها استدعاء أفكار تنظمها وتنسجها فوق القماش الخام غير المعالج وتتخللها فعلاً خيوط حقيقية مثل الخيوط المموهة. تستعير علياء في لوحاتها أشكال المخطوطات وتعتمد على أسلوب الترصيص في ظل الغياب التام لمركز اللوحة عن عمد، فلا تُعلي شيئاً فوق شيء داخل اللوحة ولا أبعاد محددة لنقاط تمركز، لذا فالمشاهدة للوحات عن مسافة ليست ببعيدة تختلف عن المشاهدة عن قرب. وتمزج الجريدي بين الواقع والخيال في أعمالها التي تستخدم فيها الرموز من عالم الحيوان، وكأنها تشير إلى البراءة والمثالية والرغبة في تصحيح الواقع الذي تشير إليه من خلال مرجعيتها في الحياة اليومية.