تتسابق وسائل الإعلام العالمية هذه الأيام نحو المحللين، فالربيع العربي يحتاج لمحلل سياسي من نوع خاص، و«جيرولد بوست» هو الأنسب لهذه المهمة كونه خبيراً في الطب النفسي، وتحليل الشخصية والسلوك السياسي، وذا قراءة متعمقة في سلوكيات الطغاة والمستبدين سياسياً، فكثيراً ما صدقت نبوءته عن وكيم يونغ وصدام حسين، وسلوبودان ميلوزفيتش، وأسامة بن لادن، ولكن خبرته في تحليل السلوك السياسي العربي خذلته لاحقاً، فوجد نفسه حائراً في زنقات معمر القذافي، وجبال علي عبدالله صالح، وتخوم بشار الأسد. بدأ بوست يأخذ مكانه اللائق بين معشر المحللين بعدما قام بإعداد نبذة سياسية نفسية عن صدام حسين بعد غزو الكويت. ونال شهرة إعلامية دولية واسعة جرّاء تحليله شخصية حارس البوابة الشرقية للأمة العربية أبو عدي. تم استدعاؤه أمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس النواب الأميركي، ولجنة الشؤون الخارجية فقدم شهادته حول أزمة الخليج متضمنة تحليلاً معمقاً لشخصية صدام وسلوكه السياسي. في العام 1997، بدأ نجم «جيرولد بوست» في السطوع، إذ شغل منصب خبير الطب النفسي بوزارة العدل الأميركية، وذلك خلال محاكمة أبو نضال، وفي تموز (يوليو) 2001 قدم بوست شهادته كخبير في الإرهاب حينما بدأت المحاكمة الفيدرالية في نيويورك لأحد عناصر أسامة بن لادن، والمسؤول عن تفجير السفارة الأميركية في تنزانيا. وما هي إلا أيام فتحل كارثة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) فيبدأ السباق الإعلامي المحموم باستضافة من يُسمون ب«خبراء الإرهاب» وهكذا يكون ل«جيرولد بوست» نصيب الأسد، فهنا يُدعى ليُدلي بشهادته بشأن الإرهاب الحيوي أمام لجنة الأمن الوطني التابعة لمجلس النواب، وأمام لجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ حول دوافع الإرهابيين، وهناك يقدم شهادة أخرى عن سيكولوجية الإرهاب النووي أمام الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة. اشتهر بوست بتحليلاته المتعددة في وسائل الإعلام المحلية والدولية حول مواضيع شتى تتعلق بالزعامة، ومرض الرؤساء، والخيانة، وسيكولوجية الإرهاب، وسلوبودان ميلوزفيتش، وياسر عرفات، وأسامة بن لادن، وصدام حسين وكيم يونغ. ولكن «الربيع العربي» جاء ثقيلاً على بوست، إذ ذهبت توقعاته أدراج الرياح، فلا الثوار سيطروا على ليبيا ولا غادر ملك ملوك أفريقيا باب العزيزية، وبقي بشار الأسد وعلي عبدالله صالح عكس ما توقعه جيرولد بوست. تخرج بوست في جامعة ييل بتقدير امتياز لمرحلة البكالوريوس والدكتوراه، وتلقى تدريبه فيما بعد الدكتوراه بمدرسة هارفرد الطبية، وفي المعهد الوطني للصحة العقلية، وتلقى تأهيلاً عالياً في مدرسة جون هوبكينز للدراسات الدولية المتطورة. ويعمل أستاذاً للطب النفسي، وعلم النفس السياسي والعلاقات الدولية ومدير برنامج علم النفس السياسي في جامعة جورج واشنطن. خلال 21 سنة من مشواره المهني مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية CIA أسس فيها وقام بإدارة مركز تحليل الشخصية والسلوك السياسي. من بين مؤلفاته العديدة نذكر كتاب «التقويم النفسي للزعماء السياسيين، مع نبذة عن صدام حسين وبيل كلينتون» (2003) و«الزعماء وأتباعهم في عالم خطر: سيكولوجية السلوك السياسي» (2004). وحصلت تحليلاته لشخصية صدام حسين، وميلوزفيتش وبن لادن وآخرين على تغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية والدولية. قدم شهادته أمام الكونغرس والأمم المتحدة في خمس مناسبات. ولعب دوراً رئيسياً في إعداد «نبذة» عن مناخيم بيغن وأنور السادات خلال اجتماعات كامب ديفيد لفائدة الرئيس جيمي كارتر. واعترافاً بإدارته المميزة للمركز، حصل الدكتور بوست على ميدالية الاستحقاق في مجال الاستخبارات سنة 1979، ونال جائزة الدراسات في مجال الاستخبارات سنة 1980. كما حصل على جائزة نيفيت سانفورد Nevitt Sanford Award للإسهامات المهنية المميزة في مجال علم النفس السياسي سنة 2002.