للديكور أهمية كبيرة في العمل المسرحي، فهو من العناصر التي تساهم في تشكيل الإطار المكاني لأحداث العروض المسرحية. ويمكن أن يحمل الديكور رمزيته المستقلة المستوحاة من هذه الأحداث وأماكنها، وهو يساهم بدرجة كبيرة في فهم العمل، ويعبر عن خصائص العرض من طريق الصورة واللون والإضاءة والمجسمات وغيرها من التفاصيل. يحتاج مصمم الديكور إلى دراسة وافية للنص المسرحي ومن ثم يتولى تصميم العناصر والأجزاء المهمة والمؤثرة في هذا النص ويترجمها في النهاية إلى مشهد بصري. قد يحتاج مصمم الديكور في كثير من الأحيان إلى بحث مكثف حول الحالة الثقافية والمعمارية وطبيعة قطع الأساس في الفترة التاريخية أو الحقبة التي يستهدفها النص، مختزلاً ذلك في عناصر بسيطة وموحية، فهو عمل يعتمد على معرفة وإلمام حقيقيين بالكثير من الفنون المختلفة كالعمارة والتصوير والرسم والأزياء وغيرها. عُرف الديكور المسرحي في مصر منذ ظهور الفرق المسرحية الحديثة في القاهرة خلال القرن التاسع عشر. وحين أُسس معهد الفنون المسرحية، كان الديكور واحداً من أهم أقسامه. وتمت الاستفادة في تدريس الديكور من جهود فنانين كثر، كان لهم فضل كبير في تطور هذا الفن في مصر، من أبرزهم صلاح عبدالكريم الذي عمل في معهدي السينما والفنون المسرحية لسنوات عدة. وقد وضع خلال مسيرته الممتدة من الخمسينات وحتى وفاته في ثمانينات القرن الماضي الكثير من ديكورات العروض المسرحية التي قُدّمت على خشبة المسرح القومي، خصوصاً في الستينات والسبعينات. هذه التصاميم الأولية التي وضعها صلاح عبد الكريم واحتفظت بها عائلته لم تعرض من قبل على الجمهور، وهي أقرب إلى الدراسة الفنية، وتحمل الكثير من الإشارات والتوجيهات التي كتبها بخط يده للاسترشاد بها أثناء التنفيذ. وهناك جانب من هذه الدراسات أو التصورات المسرحية التي رسمها صلاح عبد الكريم يُعرض حالياً في قاعة «سفر خان» في القاهرة تحت عنوان «موعد مع الرواد». هذه التصاميم تعد ثروة، فهي توثق لحقبة من تاريخ المسرح المصري، وتلقي الضوء على جانب مهم في العرض المسرحي، وتصلح لأن تكون نواة عرض متحفي عن تاريخ المسرح المصري. إلى جانب الديكورات المسرحية ضمّ المعرض مجموعة متنوعة من تصاميم الشخصيات والأزياء المسرحية. وتقول شيرويت شافعي مديرة القاعة إنها أرادت من خلال هذا المعرض تقديم جانب مختلف من أعمال صلاح عبدالكريم المعروف عنه أنه كان محباً للعمل على وسائط مختلفة، وعرف تحديداً بأعماله النحتية المصنوعة من الحديد الخردة. وهو فنان معروف باشتغاله على مجموعة مختلفة ومتنوعة من الوسائط الفنية، ومن بينها الديكور المسرحي، فهو يعد واحداً من المجددين في مجال الديكور المسرحي في مصر. وأضاف وجوده في التدريس في قسم الديكور بمعهد السينما والفنون المسرحية لأجيال أتت بعده وسارت على دربه في هذا المجال. يضم المعرض مجموعة متنوعة من التصاميم لمسرحيات عالمية ومحلية شهيرة، من بينها «هاملت» لشكسبير، و«موت بائع متجول» لآرثر ميلر، و«المحروسة» لسعد الدين وهبة، و «ليلة مصرع غيفارا» لميخائيل رومان، و «شهرزاد» لتوفيق الحكيم، وغيرها من مسرحيات عرضت على خشبة المسرح القومي المصري في الستينات من القرن الماضي. وهي الفترة التي شهدت ازدهاراً مسرحياً كبيراً على مستويات التأليف والإخراج والترجمة والتجريب، وبرز خلالها عدد من الأسماء اللامعة في مجال التأليف المسرحي مثل سعد الدين وهبة، ويوسف إدريس، ونعمان عاشور، وصلاح عبد الصبور، وألفرد فرج، وميخائيل رومان.