حقق مهرجان تمور الأحساء المصنعة (ويا التمر أحلى 2018)، والذي تنظمه أمانة الأحساء بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والغرفة التجارية بالأحساء الذي أقيم بمركز المعارض على مدى 20 يوماً نجاحاً كبيراً، ووفر الفرصة أمام الأسر المنتجة للمشاركة وتقديم أفضل ما لديها من إبداع، وبات المهرجان فرصة مهمة لها لتسويق منتجاتها في موقع يشهد تدفق آلاف الزوار يومياً. وحث أمين الأحساء المهندس عادل الملحم على تسهيل كل الأمور للأسر المنتجة وإتاحة الفرصة لها لخلق فرص عمل موسمية، واعتبرها شريكة في نجاح المهرجان. ولا يمكن للزائر أن يدلف إلى داخل مهرجان «ويا التمر أحلى» من دون أن تستوقفه مجموعة من الأمهات اللاتي يصنعن الخوصيات، إذ يجلسن جنباً إلى جنب لساعات طويلة وهن يصنعن ويعرضن منتجاتهن التي مصدرها جريد النخيل. أم حبيب (سبعينية)، وأم عبدالعظيم، وأم عبداللطيف، وأم هاني (ستينية)، سيدات عصاميات، ويمارسن منذ نعومة أظفارهن هذا العمل لنحو ستة عقود، ولم يكن اختيارهن لهذه المهنة وليد الصدفة، فقد عشن في أكبر واحة نخيل في العالم، فارتبطت مهنهن بعمتهن النخلة، فأكرموا النخلة طوال أعمارهن، فأعطتهن من خيراتها الكثير، فصار السعف والجريد المنتج الخام للكثير من الصناعات اليدوية التي تنتجها الأمهات مثل السفرة، والزبيل، والقفة، والمراحل، والقرطلة، والمنسف، والمخرف، وغيرها من صناعات جلها من النخلة، وكانت قيمة هذه المنتجات كبيرة قبل أكثر من نصف قرن من الآن، وحرصت هذه الأمهات على البقاء على ذات الصناعة لقيمتها التاريخية. وأتاح مهرجان تمور الأحساء المصنعة ومنذ نسخته الأولى حضور الأمهات صانعي الخوصيات، بل ووضعهن في صدارة وواجهة المهرجان اعترافاً وتقديراً من القائمين على المهرجان بفضلهن في الحفاظ على صناعة حفرنها بأناملهن. وتقول أم منيرة، إنها وشقيقتها أم عبدالعزيز، ومعهما فاطمة يقفن على مدى سبع ساعات يومياً في كشك صغير، وهن يقمن بطهي صنوف مختلفة من الأطعمة الخفيفة كورق العنب والذرة والخضار بالبشاميل والمحاشي وغيرها، ووصفوا المهرجان بأنه فرصة ممتازة للتسويق، مشيرات إلى أن حجم الإقبال على المهرجان كبير، ما يُسهم في زيادة مبيعاتهم كأسر منتجة أكثر مما توقعوه، وتمنوا من القائمين على المهرجان إقامته أكثر من مرة خلال السنة. وفي ركن الكشكات العديدة المخصصة للأسر المنتجة، يلفت الأخوان الشاب حسين السلطان (طالب بالصف الثاني متوسط) وشقيقه جاد (طالب بالصف الخامس) أنظار وإعجاب الزوار بالثقة العالية بالنفس التي يتمتعان بها، ويمضيان وقتيهما في إعداد وبيع البليلة، ولا يكتفيان بالبيع في المهرجان لكنهما يمارسان العمل نفسه في أوقات الفراغ طوال العام. وامتدح حسين الإقبال الجيد من الزبائن في المهرجان، وقال: «البيع والشراء يعلمان الاعتماد على النفس وكيفية التعامل مع الناس». وحرص الشقيقان على ارتداء البزة بشكل أنيق، ولم يخفيا فرحتهما بممارسة البيع أمام الحشود الكبيرة التي تزور المهرجان. كما يقف الشاب عبدالرحمن الجدعان (طالب في الصف الثاني ثانوي) أمام عربته التي تحمل الجمر وإبريقاً لإعداد المشروبات الساخنة مثل الشاي على الجمر، والنعناع، والقهوة، وبرر تجربته الأولى هذه إلى حرصه على الاستفادة من إجازة منتصف العام الدراسي، وتعلم مبادئ التجارة ومساعدة أهله، ولم يخف سعادته بنجاح تجربته. أما روز فهي طاهية أكلات شعبية كالهريس والجريش والمرقوق، وأنواع الرز الحساوي والسلطات وبوفيهات مفتوحة، وتصف تسويق ما تقوم بإعداده من أطباق في المهرجان بالأفضلية عن ما تستقبله من طلبات بمنزلها عبر وسائل التواصل. وهناك أم فهد التي تخصصت في إعداد اللقيمات بالدبس، وتصف الإقبال عليها بالجيد، وبينت أن نجاحها في مهرجان التمور شجعها للتفكير الجاد في افتتاح محل في أحد المجمعات التجارية. من جهة أخرى، استقبل المهرجان وفد جمعية البر بالمنطقة الشرقية يتقدمهم مساعد الأمين العام الجمعية يوسف المقرن، بحضور 14 قيادية في الأقسام النسائية بالجمعية، مؤكداً أن تمور الأحساء حققت قفزات متسارعة في مؤشر الإنتاج المحلي مما يشير إلى مستقبل عالمي لتمور الأحساء. وقالت رئيسة قسم العلاقات العامة والإعلام الاجتماعي في الفرع النسائي بالجمعية الدكتورة فاطمة البخيت، إن المهرجان يحوي فعاليات وبرامج عدة ويتميز بروعة التنظيم وحسن الضيافة، والتجديد الذي يشهده كل عام يشير إلى رغبة القائمين عليه في أن يصبح هذا المهرجان معلماً بارزاً للتسويق الفعال لمنتج نشتهر ونفخر به وهو التمور ذات القيمة الغذائية الكبرى.