لم تكن مصادفةً أن تختار اللجنة المنظمة لمهرجان «ويا التمر أحلى 2017» في نسخته الرابعة، الذي تنظمه أمانة الأحساء في مركز المعارض وعلى مدى 20 يوماً، واجهة المهرجان لتكون المكان الأرحب لجلوس نحو 15 سيدة من الأمهات العصاميات صانعات الخوصيات، وتظللهن العماريات في صورة تعيدنا إلى السنين الخوالي، فالمكان رسالة من الأمانة مفادها أن الحفاظ على تراثنا ومورثنا الشعبي المستمد من النخلة هو صنوان لا ينفك عن اقتصادنا القائم على التمور، فكلاهما مكمل للآخر، وهي تلكم العناصر التي بلغت بها الأحساء اليونيسكو كمدينة مبدعة جمعت التراث بالفن والثقافة، وأضافت الأمانة لها الاقتصاد الزراعي والسياحي لتكتمل المنظومة، لتزاحم الأحساء بذلك 116 مدينة من 54 دولة على مستوى العالم. أنامل وأكف الأمهات صانعات الخوصيات تنثر إبداعها في المهرجان بأكثر من 20 منتجاً من (خوص النخلة)، ووضعت الأمهات المشاركات خبرة أكثر من ستة عقود من ممارسة الحرفة بين أيدي زوار المهرجان، فأم محمد (70 سنة) تصنع الخوص الملون، الذي تزينه بأصباغ متنوعة لتجذب المشترين لشراء منتجاتها من (السفرة والقفة والمخرف وغيرها الكثير)، فيما تجلس إلى جوارها أم حسن العقل وأم عبدالعظيم اللتان تصنعان منتجات خوصية. اما أم هاني، وأم عبدالله العبداللطيف، وأم علي القطان، وأم جاسم العاشور فلم يخفين فرحتهن بالمشاركة في المهرجان صانعات الخوصيات، فهو يعيد لهن الأمل بعد الله في استمرار حرفة وفّرت لمعظمهن لقمة العيش الكريم للإنفاق على أسرهن. وشهد المهرجان (سمبوسة التمر) الخالية من المواد الحافظة إقبالاً كبيراً من الزائرين، إذ أبانت نوف الحميد أن سمبوسة التمر الخالية من المواد الحافظة حظيت بإقبال هائل من الزوار منذ بداية المهرجان، وحققت إيرادات وطلبات عالية عليها. فيما حظي المهرجان بزيارة 30 إعلامية من المنطقة الشرقية، حرصن على الاستزادة بصورة أشمل عن انضمام الأحساء للمدن المبدعة، والتعرف على الموروث التاريخي والتراثي والشعبي للأحساء، كما اعتبر المهرجان محطة مهمة من اهتمامات الأندية الرياضية داخل الأحساء وخارجها، من خلال زيارة فرق السباحة في نادي الفتح من الأحساء ونادي الصفا من صفوى لمشاهدة المهرجان، والتعرف على أنواع التمور ومنتجاتها التحويلية. وفي الساحة الخارجية للفكلورات الشعبية، جذبت فرق الفنون الشعبية المشاركة زوار المهرجان، من خلال ما يتم تقديمه من التعريف باللون المؤدى ومميزاته، ولاقى فن العاشوري تفاعلاً من الزوار، إذ يعرف بأنه يؤدى حينما يصل موكب زفة العريس إلى بيت العروس، وهو فن طربي ذو شجون. كما تواصلت ورش العمل داخل معرض عبير للفنون التشكيلية وسط إقبال ومشاركة كبيرة من الفنانين التشكيليين، بالرسم على جدارية عبير السلام بمشاركة للفنانين التشكيليين ممثلة أحمد السبت، ومحمد الحارثي، وعادل الحاسري، ومحمد منتن، ويوسف إبراهيم، وعمر كمال الطيب، وسعدون السعدون. فيما أشاد الفنان التشكيلي محمد الحارثي بمهرجان «ويا التمر أحلى»، وبمعرض عبير الأحساء، مؤكداً أنه حضر خصيصاً من الطائف من أجل المشاركة، وأنه سعد كثيراً بالالتقاء بفنانين تشكيليين من مختلف المناطق، موضحاً أنه حرص على رسم لوحة (المزهرية من المدرسة التأثيرية)، مشيداً في الوقت ذاته بالمعرض وباهتمام القائمين عليه. صناعة الفخار يقف زوار ركن القيصرية في المهرجان، أمام مهارة الحرفي حسن الغراش المتخصص بصناعة الفخار، التي اكتسبها من والده الذي مارس ولا يزال يُمارس هذه المهنة، التي ورثها من والده أيضاً، ويعد أحد من يتقنون هذه الحرفة في الأحساء، مشيراً إلى أنه تعلم هذه المهنة منذ الصغر، لافتاً إلى أن هذه الحرفة كانت في السابق ذات أهمية كبيرة، ولها مكانة خاصة لدى الأهالي، مبيناً أن الطين المستخدم للأعمال الفخارية كان في السابق يجلب من أماكن مختلفة من المحافظة، إلا أنه في هذه الأيام يصعب الحصول عليه، مؤكداً أنه لا يملك سوى هذه الحرفة التي يعيش منها، وأنه يعتز كثيراً بمن يرغب في تعلُّم هذه الحرفة.