سيطر شباب الفنانين والفنانات خلال السنوات السبع الماضية على غالبية المسلسلات التلفزيونية في مصر، وتراجع في صورة كبيرة دور كبار الفنانين، بداعي قلة الطلب عليهم من القنوات الفضائية، ومن ثم الإعلانات، وهو ما صعّب وجودهم كأبطال للدراما التلفزيونية كما كان يحدث معهم طوال العشرين السنة الماضية. من هنا فضّل بعضهم الابتعاد تماماً استسلاماً للأمر الواقع، وانتظاراً لما ستسفر عليه مجريات الأمور، ومنهم من رضي بمشاركات ضعيفة لا تتناسب مع تاريخه أو قيمته الفنية، في مسلسلات شباب الفنانين. ويشهد العام الحالي حدثاً درامياً ربما يغير كثيراً من نظريات العرض والطلب في سوق المسلسلات، ويتمثل في عودة الفنانة سميرة أحمد بعد غياب ثمانية أعوام منذ قامت مع محمود ياسين ببطولة مسلسل «ماما في القسم» العام 2010. وتأتي عودتها عبر قيامها ببطولة مسلسل جديد يحمل عنوان «بالحب هنعدي» من تأليف يوسف معاطي وإخراج رباب حسين اللذين تعاونا معها من قبل في «ماما في القسم» الذي حقق نجاحاً لافتاً على المستويين النقدي والجماهيري، وتناول قصة سيدة تسوء علاقتها بأبنائها نتيجة بعض الظروف، ويحاول أحد جيرانها الذي يرتبط معهم بعلاقة طيبة أن يعيد تلك العلاقات بينهم إلى طبيعتها، كما قدم معالجة وحلولاً لعدد من مشكلات المجتمع بأسلوب كوميدي ساخر. وقرأت أحمد طوال سنوات ابتعادها وترقبها عدداً من السيناريوات التي لم تجذبها أو تروق لها، لإصرارها على نص بعينه، على أن تكون بطلته الأولى مثلما حدث منذ تركيزها على الدراما التلفزيونية بداية عام 1997 حين قامت ببطولة مسلسل «ضد التيار» وقدمت بعده «امرأة من زمن الحب» و «أميرة في عابدين» و «يا ورد مين يشتريك» و «أحلام في البوابة» و «دعوة فرح» و «جدار القلب». وعلى رغم تفاوت النجاح بين هذه المسلسلات، فإنها أصرت على أن تكون البطلة الأولى فيها، وساعدها في ذلك وجود زوجها المنتج صفوت غطاس كمنفذ لتلك الأعمال، قبل أن يتوقف هو الآخر عن الإنتاج طوال السنوات الماضية لظروف السوق المرتبكة. والجديد أن أحمد تستعين في «بالحب هنعدي» بعدد من كبار النجوم الذين كان يقوم كل واحد منهم بالبطولة المطلقة حتى وقت قريب، ومنهم حسن يوسف وهو من جيل أحمد، وتشاركا سوياً في عدد من الأفلام السينمائية، منها واحد من أهم أفلامها «الخرساء» و «نساء ضائعات» و «مشاكل البنات» و «السيرك» و «خان الخليلي» و «نمر التلامذة» و «مع الناس» و «أم العروسة» و «الشيطان الصغير» وغيرها. وكانت أسهم يوسف تراجعت كثيراً بعدما قام ببطولة عدد من المسلسلات الدينية، ومنها «إمام الدعاة: الشيخ الشعراوي» و «ابن ماجة» و «الإمام النسائي» و «الإمام المراغي» و «الإمام عبدالحليم محمود»، إذ شارك بأدوار ثانية وثانوية في مسلسلات «زهرة وأزواجها الخمسة» و «كلمة سر» و «دنيا جديدة». الأمر ذاته ينطبق على يوسف شعبان الذي جاءت آخر مشاركاته عام 2015 عبر مسلسل «أوراق التوت»، وكان أعلن في بداية آب (أغسطس) الماضي اعتزامه اعتزال الفن اعتراضاً على أوضاعه التي وصفها بالسيئة، وابتعاد المنتجين منه وجلوسه في بيته من دون عمل، وهو وافق على «بالحب هنعدي» من دون تردد، لا سيما أنه يجسد فيه شخصية قاضٍ على المعاش، يعيش مع زوجته التي تجسد دورها سميرة أحمد. ويشارك في المسلسل أيضاً حسين فهمي وخالد زكي، اللذان وعلى رغم وجودهما في أكثر من عمل صور وعرض في السنوات الأخيرة، إلا أنهما فقدا كثيراً من بريقهما الذي أهلهما لسنوات طويلة للبطولة المطلقة أو الأدوار الرئيسة. كما تعاقد على المشاركة في المسلسل إلى حين انتهاء المؤلف من كتابة بقية الحلقات وظهور شخصيات جديدة، كل من عزت أبوعوف ورانيا فريد شوقي وبشرى وأحمد داوود. وبعيداً من النجوم سيدخل مؤلف المسلسل يوسف معاطي في تحدٍ من نوع خاص، إذ إنه سيبتعد من نجمه المفضل عادل إمام الذي تعاون معه خلال السنوات الست الماضية عبر مسلسلات «فرقة ناجي عطا الله» و «العراف» و «صاحب السعادة» و «أستاذ ورئيس قسم» و «مأمون وشركاه» و «عفاريت عدلي علام». ويكمن التحدي الذي سيخوضه في إثبات أنه قادر على النجاح مجدداً مع نجوم غير إمام، كما حدث من قبل حين تعاون مع يحيى الفخراني في «عباس الأبيض في اليوم الأسود» و «سكة الهلالي» و «يتربى في عزو»، ومع محمد هنيدي في «مسيو رمضان أبو العلمين حمودة». وتعود رباب حسين بدورها إلى الإخراج بعد غياب ست سنوات منذ أخرجت «قضية معالي الوزيرة» لإلهام شاهين ومصطفى فهمي ويوسف شعبان عام 2012. وعلى رغم أن عنوان المسلسل «بالحب هنعدي» وإن كان يعبر عن مضمون الأحداث التي يتناولها، وتتمحور حول قدرة الحب على حل كل المشكلات التي تواجه حياتنا الأسرية والاجتماعية والعملية، إلا أنه يبدو للقريبين من فريق العمل، أن فيه إسقاطاً على إمكان عبور جيل الكبار من النفق المظلم الذي وضعتهم فيه التكتلات الإنتاجية الجديدة، وأن تقديمه في صورة جيدة يمكن أن يعيد الاعتبار إلى جيل الكبار، رغم التراجع اللافت في محاولة مشابهة في رمضان الماضي من خلال مسلسل «قصر العشاق» من بطولة عزت العلايلي وفاروق الفيشاوي وبوسي وسهير رمزي ورانيا فريد شوقي وكمال أبورية وإخراج أحمد صقر.