احتفى المؤتمر السنوي للدورة السابعة والسبعين لمجمع اللغة العربية في القاهرة بثورة 25 يناير، «التي حررت مصر من طغيان وفساد كانا جاثمين على صدرها»، ونوه بانعقاده «في ظل انتفاضة واسعة، لكثير من شعوبنا العربية، التي ثارت وتثور من أجل حريتها وعزتها». ويحسب للقائمين على المؤتمر إصرارهم على عقده «في ظل ظروف صعبة»، دفعت إلى إلغاء فعاليات ثقافية بارزة، منها معرض القاهرة الدولي للكتاب ومهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، على سبيل المثال لا الحصر. وشارك في المؤتمر أعضاء عاملون ومراسلون وخبراء من مصر والسعودية وسورية والكويت والأردن والمغرب والجزائر وفلسطين والعراق والسودان وليبيا وألمانيا وغيرها. وخاطب الأمين العام للمجمع الشاعر فاروق شوشة المشاركين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الذي عقد أخيراً تحت عنوان «اللغة العربية ومؤسسات المجتمع المدني»، قائلا: «تجيئون في هذه المرة إلى المؤتمر، ومصر غيرُها بالأمس، بعد أن تحررت من طغيان وفساد كانا جاثميْن على صدرها، واستردَّت حريتها وحقها في الحياة الكريمة ومبادراتها في العمل من أجل حاضر جديد يتشكل يوماً بعد يوم، ومستقبل حافل، يكون لائقاً بها وبتاريخها وبدورها». واختتم المؤتمر أعماله التي شملت 19 جلسة على مدى أسبوعين، بتجديد التحية لثورة 25 يناير، لافتاً إلى «إعجاب العالم وانبهاره بها نموذجاً للثورة الوطنية السلمية». وعقب ختام مؤتمر مجمع القاهرة، عقد اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية، اجتماعه السنوي الدوري على مدى ثلاثة أيام ناقش خلالها ما تم إنجازه في شأن القائمة الأولية لمصادر المعجم التاريخي للغة العربية وخطة العمل التالية، وموازنة عام 2010، ومشروع إنشاء مبنى مستقل للاتحاد في القاهرة. واستهل بيان توصيات مؤتمر مجمع اللغة العربية في القاهرة والذي يرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1932 ويعرف باسم «مجمع الخالدين» بالإعراب عن تقديره واعتزازه بالدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني – في الوطن العربي – القائمة على خدمة اللغة العربية، والحفاظ عليها، والعمل على نشرها، والدعوة إلى استخدامها. ورأى البيان نفسه في توجّه المجمع إلى هذه المؤسسات المعنية باللغة العربية في هذا العام تكاملاً لما تقوم به المجامع اللغوية العربية من ناحية وهذه المؤسسات من ناحية أخرى. وأشاد بمشاركة عدد من المسؤولين والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني المعنية باللغة العربية، وقيامهم بعرض خبراتهم ووجهات نظرهم وخلاصة أبحاثهم، والمشاركة بالرأي في تطوير هذا الدور الذي تقوم به المؤسسات وإثرائه بالمزيد من الوعي والتجربة، وتبادل الفائدة بين الجميع. ودعا المؤتمر المسؤولين عن التعليم والإعلام والثقافة في الأقطار العربية إلى الاهتمام بدعم مؤسسات المجتمع المدني المهتمة باللغة العربية، علميّاً وماديّاً ومعنويّاً، حتى يمكنها العمل المتصل والفعّال في كل ما تقوم به من خدمة تطوعية وعمل وطني وقومي، ومواجهة ما تلقاه من صعاب وتحديات وما يتطلبه نضالها اليومي المستمر من إمكانات وموازنات. ولفت المجمع إلى ما صدر من قرارات وتوصيات عن المؤتمريْن السابقيْن، اللذين تناولا قضية اللغة العربية في التعليم والإعلام، مناشداً المسؤولين – في مصر والعالم العربي – أن تأخذ سبيلها إلى التنفيذ طبقاً لما نصّ عليه قانونه المعدّل، الذي عهد إلى وزير التعليم العالي في مصر بمهمة نشر هذه القرارات في الجريدة الرسمية، ومتابعة تنفيذها لدى الوزراء المعنيِّين ورؤساء المؤسسات والهيئات العاملة في مجال اللغة العربية والمستخدمة لها. وشدد على ضرورة الاهتمام بالنظر في أوضاع تعليم اللغة العربية في البلاد العربية والاهتمام بتطوير هذا التعليم في أهدافه ومضمونه ووسائله، حتى يكون مواكباً لروح العصر، مُسايراً للجديد في آفاق الفكر التربوي، والاهتمام ثالثاً بتعلّم اللغة العربية ودراسة ما يتصل بالنشء المتعلم في المدرسة والطالب في الجامعة، بحيث تكتمل مفاهيم التعليم والتعلم في منظومة تربوية واحدة. وحذر المؤتمر من ظاهرة اتساع التعليم باللغات الأجنبية في مرحلتيْ التعليم العام والجامعي، ورأى في انتشارها خطراً كبيراً على الهوية والانتماء لدى المتعلم الذي سيصبح مواطناً فاقداً لما يربطه بوطنه ثقافة وتاريخاً ومعرفة، وخطراً كبيراً على اللغة العربية التي ينبغي أن تكون لها السيادة في العملية التعليمية، بدلاً من الوضع القائم الذي يؤدي إلى انكماش هذه اللغة وفقدانها دورها الأصيل في العملية التعليمية وافتقادها بالتالي التطوير والثراء المعرفي الذي يجعلها وافية بمطالب العصر واحتياجاته، وازدهار نهضته العلمية والتقنية. وثمّن المؤتمر الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال اللغة، في مواجهة اللهجات والعاميات السائدة في مجتمعاتنا العربية، ونزعات التغريب المتمثلة في إطلاق الأسماء الأجنبية على المحال والمنشآت والمؤسسات، وتجنب التسميات العربية، وأيضاً في القيام بدور مهم في التوعية اللغوية الصحيحة من خلال ما تقوم به من مبادرات وأنشطة وفاعليات في إطار حركتها اليومية الدائبة.