كشفت دراسة أجريت أخيراً أن ملك إنكلترا ريتشارد الثالث كان شخصاً نشيطاً وحسن الهيئة على رغم إصابته بتقوس في العمود الفقري، مبينة أن الطريقة التي تناوله بها الروائي الإنكليزي الأشهر ويليام شكسبير في أعماله كانت تبالغ في تشويه صورته الخارجية. جاء ذلك في دراسة نشرتها مجلة «لانست» البريطانية، أجريت على رفات ريتشارد الثالث (1452-1485) الذي تم العثور عليه عام 2012، وسمح للخبراء بمعرفة بعض المعلومات الجديدة عن هذا الملك الذي لم يستمر في الحكم سوى عامين فقط. وتبين أن ريتشارد الثالث كان يعاني من انحراف جانبي في العمود الفقري -وهو مرض معروف طبياً باسم الجنف- بما يتراوح بين 65 و85 درجة، ولكن يبدو أن الملك كان يخفي هذا الأمر عبر الملابس التي يرتديها. أجرى هذه الدراسة علماء من جامعة ليستر البريطانية، واكتشفوا أيضاً أن إصابة الملك ب«الجنف» لم تمنعه من أن يكون شخصاً نشيطاً، ويتمكن من قيادة الجيش في ساحة القتال. وتؤكد الدراسة أن شكسبير بالغ في تشويه الصورة الخارجية لريتشارد الثالث عندما وصفه في أعماله بأنه أحدب. ومن جانبه قال رئيس جمعية ريتشارد الثالث فيل ستون، إن «التاريخ يؤكد على أن الملك كان محارباً ولم يعان من مشكلات بالغة بسبب إصابته بتقوس في الظهر، على عكس ما ظهر في أعمال أدبية». وقالت الدراسة إن الملك كان طوله 174 سم، وهو طول مناسب بالنسبة لشخص يعاني من تقوس في الظهر. يذكر أن الملك ريتشارد الثالث ولد عام 1452، وبعد وفاة شقيقه الأكبر الملك إدوارد الرابع تم توريث الحكم إلى ابنه البالغ 12 عاماً فقط وهو أمر لم ينل إعجاب ريتشارد، ما جعله يقوم بمناورة لكي يتمكن من السيطرة على العرش. وقام ريتشارد الثالث بسحب وتجميد كل الصلاحيات الممنوحة للملكة الأم واعتقال أبنائها إدوارد الخامس ولي العهد وأخيه ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في برج لندن الواقع على نهر التايمز. في نفس الوقت قام أسقف ويلز بإعلان بطلان زواج الملك إدوارد الرابع وإليزابيث، ما يعني أن جميع الأولاد من ذريتهما غير شرعيين. وبذلك تم تمهيد الطريق أمام تنصيب ريتشارد كملك على إنكلترا وهو ما تم في 26 حزيران (يونيو) عام 1483 في دير ويستمينستر، ولكن حكمه استمر لعامين فقط، إذ قتل في آب (أغسطس) من عام 1485. وتم العثور على رفات الملك ريتشارد الثالث في آب (أغسطس) من 2012، إذ كان مدفوناً أسفل موقف سيارات في منطقة ليستر في وسط إنكلترا. ومن المعروف أن الروائي الإنكليزي ويليام شكسبير كان تطرق إلى شخصية الملك ريتشارد الثالث في عمل يحمل نفس الاسم عام 1591، بهدف تسليط الضوء على فترة حكمه وما تخللته من أحداث تاريخية هامة أدت إلى مقتله في نهاية المطاف.