أكدت وزيرة المال في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية ريّا الحسن، أن «الخزينة اللبنانية تعاني نقصاً في السيولة لا إفلاساً»، إذ أوضحت أن ما أعلنته أخيراً حول هذا الموضوع «حُوّر». وشددت في حديث إلى «الحياة»، على أن «الخزينة تعوّل على جزء من إيراداتها من قطاع الاتصالات التي لم تُحوّل بعد». وكشفت أن الوزارة «فوضت إلى ثلاثة مصارف لبنانية وأجنبية تسويق إصدار جديد لإعادة تمويل بليون دولار من سندات يوروبوندز تستحق هذا الشهر، على أن تُنجز العملية نهاية الأسبوع». وعما إذا كانت ردود الفعل على تصريحاتها الأخيرة حول العجز عن تسديد الرواتب سياسية أم مالية، وهل هناك رابط في هذا الموقف بعد عودتها من اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي، قالت ريا الحسن أن «الكلام ليس سياسياً»، مستغربة «حصول انقلاب في هذه المواقف بعدما كانت الانتقادات على مدى سنة ونصف سنة تركز على عجز في إدارة المالية العامة وتراجع الوضع المالي، وبات الآن في أفضل أحواله». وشددت على أن ما أعلنته «حُوّر وسبّب بلبلة، اذ وصلت الأمور إلى المطالبة بمحاكمتي»، وشددت على أن «لا إفلاس بل أردت التنبيه إلى النقص في السيولة، بالاستناد إلى توقعات الإنفاق التي ارتفعت أكثر في الربع الأخير من العام الماضي، وكنا نعوّل على جزء من إيراداتنا من قطاع الاتصالات، لكن هذا المبلغ لم يُحوّل، ما أحدث نقصاً في سيولة الخزينة، إذ تحتجز وزارة الاتصالات 1.6 بليون دولار منذ مطلع السنة». وأشارت الحسن، إلى أن الوزارة مضطرة في حال لم يُحوّل هذا المبلغ، «إلى اللجوء إلى مصرف لبنان المركزي لتمويل هذا النقص في السيولة لتغطية الرواتب والنفقات الأخرى»، لكن لفتت إلى أن المصرف «ملتزم بقيود لا تسمح له بالاستمرار في التمويل إلى ما لا نهاية أو تغطية المبلغ بكامله الذي تحتاج إليه الخزينة». وأوضحت أن في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدولي «عرضنا التطورات الاقتصادية الأخيرة، وبيّنت الإحصاءات التي ننشرها حصول تراجع واضح في الإيرادات وزيادة في النفقات في الربع الأول من العام الجاري، ونتج من ذلك توسّع في العجز». ولفتت إلى أن «المسؤولين في المؤسستين يدركون جيداً أن ارتفاع أسعار النفط تؤثر سلباً على كل الاقتصادات في العالم وليس فقط على لبنان، ويعرفون أيضاً أن الوضع السياسي الذي يعيشه لبنان فضلاً عن وضع المنطقة سينعكس على وضعنا الداخلي». وأكدت أنهم «لم يدقوا ناقوس الخطر بل لفتوا إلى تحديات كبيرة يواجهها لبنان، في ضوء كل هذه العوامل بحيث ستكون المعالجات أصعب من السابق. ونصحوا بضرورة التحكّم بالإنفاق وعدم زيادته، تفادياً لمزيد من الضغوط على الخزينة، ما يستتبع عودة ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج بعدما حققنا نتائج جيدة جداً في السنوات الأخيرة بتراجعها من 180 في المئة عام 2007 إلى 137 حالياً». وعن الأموال التي تحتاج اليها الخزينة، أعلنت أن «قيمة الرواتب فقط تصل إلى 300 بليون ليرة شهرياً»، مؤكدة أن «في الخزينة الآن نحو 300 بليون فقط، ويصادف اليوم (أمس) الاكتتاب في سندات الخزينة، وسننسق مع مصرف لبنان لإمكان تأمين أكثر من 300 بليون». وأوضحت أن ذلك «لا يقتصر على الرواتب بل تتوجب نفقات أخرى ترتفع»، لافتة إلى «الحاجة إلى 2000 بليون ليرة شهرياً». وشددت الحسن على أن الهدف من تنبيهها هو «الإضاءة على أثر التعطيل السياسي والحكومي، الذي سيؤثر على طريقة إدارة الخزينة وكيفية تسديد كل المستحقات». وأشارت إلى «تنفيذ عمليتي مقايضة بين المصارف على سندات خزينة وشهادات إيداع بالليرة يحملونها، مكّنتنا من وفاء المستحقات بالليرة، فلبنان لم يتخلّف أبداً عن التزاماته». وعن حجم المقايضة، أعلنت أن «المبلغ في العملية الأولى بلغ 1600 بليون ليرة وفي المرة الثانية ألف بليون». وكشفت عن «القيام بإعادة تمويل لسندات خزينة بالعملة الأجنبية هذا الأسبوع، وفوضنا «بنك بيبلوس» و «فرنسبنك» و «إتش أس بي سي» لإدارة هذا الإصدار محلياً وخارجياً، وتبلغ قيمة الاستحقاق لهذا الشهر بليون دولار مع الفوائد، ونحن قادرون حالياً على إعادة تمويل هذا المبلغ فقط استناداً إلى الرأي الاستشاري من هيئة التشريع التي فوضتنا فقط بإعادة تمويل وليس الاكتتاب في أموال جديدة للخزينة». وإذا كان هناك استعداد محلي من المصارف، لفتت إلى أن المصارف اللبنانية تحمل معظم هذه السندات لذا ستكتتب فيه، ولديها مصلحة في إعادة تمويل بفوائد لا تزال أعلى من تلك المعتمدة في أسواق عالمية». وعن ارتفاع محتمل في معدلات الفوائد، أكدت «التنسيق مع مصرف لبنان في السياستين المالية والنقدية، لتأمين السيولة للخزينة والحفاظ على استقرار سعر الليرة والفوائد». وفي سياق توقعاتها للمؤشرات الاقتصادية والمالية، لفتت إلى «انخفاض الإيرادات بنسبة 12 في المئة في الربع الأول من العام، وارتفاع النفقات بالنسبة ذاتها، ما أنتج زيادة في العجز الأولي، في مقابل فائض أولي في الفترة ذاتها من العام الماضي». وتوقعت في تقديرات لا تزال أوليّة، أن «يصل حجم الدين نهاية هذا العام، إلى 83 ألف بليون ليرة (55 بليون دولار)». وبالنسبة الى تأثير ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية الأساسية العالمية على التضخم، رجّحت الحسن، في توقعات أولية أيضاً، أن «تسجل 6.5 في المئة نهاية العام الجاري». وشددت على أن مصرف لبنان «بجهوده التي نعوّل عليها، قادر على ضبط هذا التضخم من خلال السياسة النقدية، فضلاً عن تأمين الاستقرار لسعر الليرة». وعن قضية إنفاق مبلغ ال 11 بليون دولار منذ العام 2005 حتى 2009، التي أحدثت سجالاً طويلاً، أعلنت الحسن «أننا لم نتوصل إلى أي نهاية في هذا الموضوع». وشددت على أن الوزارة «فنّدت كل المبالغ المنفقة خارج القاعدة الإثني عشرية وخارج الموازنة، لتسيير أمور الدولة. وكان هذا الأمر معروفاً من الجميع في مجلس الوزراء، إذ كانت تتخذ هذه القرارات فيه، والنفقات استفاد منها جميع الأطراف السياسيين، من صندوق المهجرين ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة. الجميع يعرف جيداً أين ذهب هذا المبلغ». لكن اعتبرت أن «اللعبة سياسية لاتهام وزارة المال بعدم قيامها بعملها». وأشارت إلى مبلغ «أُضيف وأُنفق عام 2010، في ظل غياب الموازنات». وذكّرت ب «التوصل إلى اتفاق معيّن عن كيفية عرض المبلغ من ضمن قطع الحساب حتى يوافق عليه مجلس الوزراء، وعرضه على المجلس النيابي. وبعد الاتفاق وإقرار الصيغة حصل انقلاب في مجلس الوزراء وعدنا إلى نقطة الصفر، ولم يُبت الموضوع بعد».