دفع خالد العمري أكثر من ثلاثة آلاف ريال ثمناً لجهاز حاسب آلي محمول، وفي داخله شعور قوي بأنه ربح هذا الجهاز، الذي كان من ضمن «عرض مغرٍ»، خفض من سعره أكثر من 1500 ريال، وفي المنزل، همّ العمري بتجربة جهازه الجديد، وعلى رغم أنه عثر في داخل عبوة الحاسب على ثلاثة كتالوغات، لكنه لم يجد حرجاً في «تنحيتها جانباً، تمهيداً للتخلص منها، اليوم أو غداً». على الجانب الآخر، تتباهى علياء الدوسري بجهاز «موبايل» جديد وحديث، لا يبارح راحة يدها طوال فترة بقائها خارج المنزل، وتؤكد لكل من يبارك لها الجهاز الجديد، أنها اختارته بعناية من بين 10 موديلات عرضت عليها. ويمثل العمري وعلياء، نموذجاً لشباب، يلهث وراء الجديد والحديث في عالم التكنولوجيا، بيد أن «استفادتهم القصوى من هذه الأجهزة، لا يتعدى 40 في المئة من الإمكانات المتوافرة فيها»، بحسب أيمن خطاب مهندس المبيعات في إحدى مؤسسات الحاسب في الدمام، الذي أوضح أن «الأجهزة الحديثة باتت جزءاً لا يتجزأ من حياة الجميع، وبخاصة الشباب، الذين رأوا فيها علامة من علامات التفاخر، الممزوج بالغرور أمام الآخرين». ويقول خطاب: «نسبة كبيرة من الشباب السعودي، تفتقد إلى ثقافة الشراء المفيد، ولا يمكنها الإجابة عن أسئلة خاصة قبل اتخاذ قرار الشراء، مثل لماذا أشتري هذه السلعة بعينها؟ وما مميزاتها وإمكاناتها الفنية؟ وهل هذه المميزات مفيدة لي في المجال الذي أعمل فيه؟»، موضحاً أن افتقاد هذه الثقافة فيه «إهدار كبير للمال الشخصي، في شراء أجهزة بأسعار مرتفعة وإمكانات فنية عالية، ولكن غير مُستفاد منها بطريقة عملية»، مضيفاًً «في الوقت نفسه يتم تجاهل أجهزة أقل سعراً، وتتماشى مع حاجات الكثيرين، بيد أنها ليست مشجعة على التباهي والتفاخر أمام الأصدقاء أو الأهل». ويكشف خطاب أن «نسبة 15 في المئة من الشباب، يهتمون بقراءة كتالوغات الأجهزة التي يشترونها، ويحرصون على الاحتفاظ بها، واللجوء إليها، عندما يُصاب الجهاز بعطل ما، فيما 85 في المئة، لا يعيرون هذا الجانب أي اهتمام يُذكر»، مرجعاً السبب إلى «عدم رغبة الشباب في القراءة بشكل عام، من جهة، أو عدم إلمامهم باللغة الإنكليزية التي تُكتب بها كتالوغات في غالبية الأحيان». ويقول: «هؤلاء يكتفون بسؤال البائع، الذي قد يكون ملماً بالجهاز المُباع، فيجيبهم عن أسئلتهم فقط، أو يكون غير ملم، فيضللهم». وتنتشر ظاهرة تقليد الآخرين في مشترواتهم بين طلاب الجامعات، وتتركز في أجهزة ال«لاب توب» و«الموبايل»، والكاميرات الرقمية، ووحدات التخزين، ويحمل كل موديل من هذه الأجهزة مصطلحاً تجارياً، متداولاً بين الشباب، يُعرف من نطقه، مدى حداثة الجهاز، كما يحتويه من مواصفات فنية. ويعترف محمد الحسن (طالب جامعي) أنه يكتشف كل فترة، ميزة جديدة لجهاز حاسب جديد «عندما اشتريت هذا الجهاز، حرصت على أن يكون مُصنعاً ومُركبة أجزاؤه بالكامل من الشركة الكورية الأم، ورفضت فكرة تجميع الأجزاء لدى أي ورشة فنية، لإيماني أن موضوع التجميع، يحتاج إلى مهارة معينة، قد لا تتوافر عند الفنيين في الورش المحلية»، مضيفاً أنه «طلبت مميزات خاصة، أهمها سعة الذاكرة، والسرعة الفائقة، ومجموعة البرامج الأصلية للاتصال الصوتي والمرئي، والرسم، وكلفني أكثر من 1300 ريال زيادة، فيما لو اخترت جهازاً آخر، ليس به هذه المواصفات مجتمعة». ولا يشعر الحسن بالنادم على اختيار هذه الأوصاف، وعلى دفع مبلغ كبير فيه، مؤكداً سعيه إلى «استغلال كل مميزات الجهاز، بسؤال أصدقاء لي، لهم خبرة واسعة في أجهزة الحاسب»، موضحاً أنه «كل فترة أكتشف ميزة جديدة في جهازي، وأعلم في ما بعد أنها خاصة بأعمال الرسم الهندسي، أو التنظيم الإداري، أو عمليات الإحصاء، ومثل هذه البرامج، لا تدخل في مجال دراستي الجامعية».