نيويورك، واشنطن – «الحياة»، أ ف ب - أعلن أعضاء أوروبيون في مجلس الأمن، استعدادَ «الاتحاد الأوروبي لفرض حزمة عقوبات ثانية ضد سورية تشمل الرئيس بشار الأسد». وفيما يصر الأوروبيون والولايات المتحدة على إصدار مجلس الأمن إدانةً لسورية، جدَّدت روسيا والصين اعتراضَهما على بحث الوضع في سورية في المجلس. وأكد ديبلوماسيون أوروبيون في الأممالمتحدة، أن «خيار فرض مزيد من العقوبات على سورية تشمل الرئيس الأسد شخصياً، هو احتمال قائم داخل الاتحاد الأوروبي». وأوضح ديبلوماسي طلب عدم الإفصاح عن اسمه، أنه «إذا استمر النظام السوري في أعمال القمع»، فإن الاتحاد الأوروبي سيفرض «حزمة عقوبات أشد على سورية تشمل الرئيس الأسد». وأبدى عدد من الديبلوماسيين من الدول المؤيدة لإصدار قرار في مجلس الأمن حيال الوضع في سورية، إصرارَهم على «ضرورة التحرك ردّاً على استمرار القمع واستخدام الآلة العسكرية ضد المتظاهرين السلميين». وجدّدوا دعمَ وصول بعثة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الى درعا والمدن السورية «التي تستخدم فيها السلطات الدبابات لقمع التظاهرات». وقال السفير البريطاني مارك ليال غرانت، بعد جلسة لمجلس الأمن مساء أول من أمس، إن «المجلس لا يمكنه أن يبقى صامتاً»، مشيراً الى أنه أعرب عن قلق بلاده جرّاء سقوط أكثر من 800 قتيل مدني واعتقال 8000 في سورية منذ بدء التظاهرات. وبحث مجلس الأمن الوضعَ في سورية في جلسة مغلقة مساء أول من أمس، استمع فيها الى إحاطة من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو، الذي أوجز تطورات الوضع في ليبيا واليمن وسورية. ونُقل عن ديبلوماسيين أوروبيين داخل الجلسة، أن العقوبات التي أقرها الاتحاد الأوروبي على دمشق مجردُ خطوة أولى، وأنها يمكن أن تُتْبَع بخطوات أكثر شدة في حال استمرار استخدام القوة العسكرية ضد المتظاهرين. وجدد الأعضاء الأوروبيون الدعوة الى «وصول بعثة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الى درعا وسواها من المدن السورية». ونفى السفير الروسي فيتالي تشوركين للصحافيين بعد الجلسة، أيَّ مساهمة روسية في بحث مشروع قرار حيال سورية في مجلس الأمن، وقال: «لم يحدِّثْنا أحد في هذا الأمر». وقال السفير الصيني لي باودونغ: «ليس لمجلس الأمن أن ينظر في الأزمة في سورية». وأضاف أن بلاده تدعم الجهد الذي يبذله الأمين العام للأمم المتحدة مع الحكومة السورية «لاستطلاع آفاق حل». وفي جانب آخر، أكد تشوركين عدمَ موافقة موسكو على مضمون التقرير الأخير للجنة العقوبات على إيران في مجلس الأمن، الذي أشار الى شحنات أسلحة إيرانية تصدَّر الى سورية. وقال إن التقرير «فضفاض وغامض»، مضيفاً أن «خبراءنا لا يوافقون على توصيات واردة فيه على الإطلاق». وأضاف أن بحث «المشكلات» مع لجنة العقوبات سيتم خلال اجتماع اللجنة المقبل. وأوضح أن «لدينا نحو ثلاث صفحات من التحفظات والاختلافات والاقتراحات والخلاصات على ما تضمنه التقرير»، وهي تحتاج الى بحث. وأعلن مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، نقلاً عن تقارير لمنظمات غير حكومية، أن هناك بين 700 و850 شخصاً قتلوا في سورية منذ بداية التظاهرات في 15 آذار (مارس). وإذ أكدت المفوضية أنها لا تستطيع تأكيد هذه الأرقام، فقد أعربت عن «أن هذه التقارير مقلقة جداً»، وحضت الحكومة السورية على ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس ووقف استخدام القوة والاعتقالات الجماعية لإسكات المعارضين». وأعلنت أن مكتب حقوق الإنسان على اتصال مع الحكومة السورية سعياً وراء تعاونها الكامل مع بعثة مجلس حقوق الإنسان (المقرر إرسالها الى درعا) لتحري الوضع الميداني وتقويمه. وأكدت أن «الفريق مستعد للعمل حالما يتاح له الوصول» إلى درعا. وكانت واشنطن أعربت مجدداً عن «سخطها» لاستمرار القمع الدموي للتظاهرات في سورية. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية للصحافيين: «نواصل البحث عن سبل الضغط على النظام السوري، ونواصل التعبير بوضوح عن ذعرنا وسخطنا حيال استمرار العنف، كما أننا نواصل القول إن النافذة تضيق امام النظام السوري اذا ما كان يرغب، في أي شكل من الأشكال، بالاستجابة لتطلعات شعبه». من جهة أخرى، طالب اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي الرئيس باراك اوباما بدعوة نظيره السوري الى التنحي، مؤكدين ان الاخير فَقَدَ شرعيته بسبب قمعه بعنف التظاهرات المناهضة له. وقال السناتوران الجمهوريان جون ماكين وماركو روبيو، وزميلهما المستقل جو ليبرمان، الذين أعدّوا نصَّ قرار يدين الاسد، في بيان مشترك مساء الجمعة: «نحض الرئيس، مع حلفائنا حول العالم، على الانضمام الى نداء المتظاهرين في سائر انحاء سورية، بأن الرئيس بشار الاسد فقد شرعيته في الحكم، وآن له ولنظامه أن يرحلا». وأضاف البيان: «في هذه المرحلة الحاسمة، نعتقد ان قيادة الرئيس اوباما بالغة الأهمية» في دفع الاسد الى الرحيل. وناشد السناتورات الثلاثة في بيانهم ايضاً، زملاءهم في مجلس الشيوخ التصويتَ لصالح مشروع القرار الذي تقدّموا به الاربعاء. ويلقى مشروع القرار هذا دعماً من اعضاء في مجلس الشيوخ من كلا الحزبين، وهو يدين اعمال العنف في سورية، ويدعو خصوصاً الى فرض عقوبات جديدة على دمشق، بما فيها عقوبات على الرئيس الأسد شخصياً. وخلال تقديمه نص مشروع القرار، قال ليبرمان في مؤتمر صحافي الاربعاء، إن «الاسد ليس إصلاحياً. برأيي، إنه مارق، مجرم، ورئيس شمولي». من جهة اخرى، يحض النص الرئيس الاميركي باراك اوباما على التعبير عن رأيه «مباشرة وشخصياً» بشأن الوضع في سوريا. ويأمل معدّو مشروع القرار في أن يتم إقراره سريعاً في مجلس الشيوخ. وكانت وزارة الخارجية البريطانية استدعت سفير سورية وهددت بفرض «عقوبات جديدة» في إطار عمل منسق مع دول اوروبية أخرى احتجاجاً على قمع المعارضين للنظام. وذكرت الوزارة في بيان ان السفير السوري سامي خيمي «استدعي الى وزارة الخارجية للإعراب له عن قلق بريطانيا الشديد ازاء الوضع الحالي في سورية». وابلغت لندن السفير السوري بأنه «في حال لم توقف الحكومة السورية قتل المتظاهرين وتفرج عن السجناء السياسيين، فان بريطانيا مع شركائها في الاتحاد الاوروبي ستتخذ اجراءات جديدة كي يتحمل النظام مسؤولياته». واضاف البيان ان «هذه الاجراءات ستشمل عقوبات جديدة تستهدف اعلى مسؤولي النظام وبينها حظر سفر وتجميد اصول مالية». واوضح ناطق باسم الخارجية البريطانية ان الاستدعاء «يأتي في اطار عمل منسق ضمن الاتحاد الاوروبي». وتابع ان «الالمان سبق ان استدعوا السفير»، لكن لم يكن في وسعه تحديد عدد العواصم المعنية بهذا الاجراء.