يتوجه ملايين الناخبين المغاربة اليوم الجمعة إلى صناديق الاقتراع لاختيار أكثر من 27 ألف منتخب في المجالس البلدية في المدن والأرياف، في أفق منافسات احتدمت طوال أسبوعين بين 30 حزباً ومرشحين مستقلين. وقال وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى أمام مجلس النواب أول من أمس إن القضاء «مخوّل البت في الطعون الانتخابية» وإن وزارته حريصة على ضمان سلامة الاقتراع ومحاربة كل أنواع التجاوزات، خصوصاً الصادرة عن موظفي السلطة في سياق اجراءات احترازية لضمان الحياد الإيجابي للإدارة. وعرض الوزير إلى عزل ونقل موظفين بعد تلقي وزارته شكاوى ضدهم تستند إلى «معطيات موضوعية وواقعية» بعيداً عن أي استغلال سياسي، في إشارة إلى الصراعات الانتخابية المحتدمة عشية الاقتراع. ورأى بن موسى أن اعداد الشكاوى التي بلغت حوالي 900 قدمت من طرف غالبية الأحزاب السياسية ضد بعضها بعضاً، وانها تشكّل نسبة ضئيلة من بين أعداد الدوائر المتنافس حولها، مشيراً الى أنها اقل مما جرى تداوله في الانتخابات السابقة. وباستثناء حزب الأصالة والمعاصرة الذي كان شن حملة ضد مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الداخلية قبل بدء الحملات الانتخابية، لاعتبارات تخص الموقف من ظاهرة «النوّاب الرحّل»، فإن انتقادات بقية الفاعليات السياسية ركزت على الشكاوى من استخدام الأموال وانتهاك قوانين الانتخابات، من دون أن يصل الأمر إلى الاتهام بخرق الحياد. ودعا فصيل يساري، في غضون ذلك، إلى مقاطعة الانتخابات. لكن حزب النهج الديموقراطي كان الوحيد من بين التيارات اليسارية الصغيرة الذي التزم مثل هذا الموقف، بينما ساندت فصائل يسارية مرشحي الاتحاد الاشتراكي في بعض المناطق. وكان نصيب عمداء المدن الحاليين في الدارالبيضاءوالرباط وسلا ومراكش كبيراً في انتقادات انهالت عليهم من طرف خصومهم السياسيين، وبلغ في بعض الأحيان «الضرب تحت الحزام» مثل الاتهام بممارسة الشذوذ الجنسي، كما أن الطابع الأخلاقي هيمن على بعض الحملات الانتخابية التي تعرضت فيها نساء مرشحات الى «نوع من التشهير». إلى ذلك، عاب نواب في حزب العدالة والتنمية الإسلامي على وزير النقل المغربي كريم غلاب غيابه عن حلبة مجلس النواب بمبرر قيامه بحملات انتخابية في الدارالبيضاء. واعتبر رئيس كتلة العدالة والتنمية المحامي مصطفى الرميد أن الغياب «استخفاف بالبرلمان»، فيما رد وزير الاتصال (الإعلام) خالد الناصري بأن القانون أباح للوزراء، كما لغيرهم من المواطنين، حرية الترشح وتنظيم حملات انتخابية، وأن التزامات الحكومة في الرد على استفسارات النواب يمكن أن يقوم بها أي وزير آخر في الحكومة. وكان الوزير غلاب يعول في الانتخابات السابقة على حيازة عمدة المدينة الكبرى التي تمثل الشريان الاقتصادي والتجاري للمملكة، غير أنه لم يحظ بذلك، واستطاع المرشح محمد ساجد المنتسب الى الاتحاد الدستوري أن يفوز بعمدة الدارالبيضاءالمدينة التي يجري حولها صراع مرير حالياً. وكذلك الحال في العاصمة الرباط التي يتوق وزير المال السابق فتح الله ولعلو المنتسب الى الاتحاد الاشتراكي لتولي منصب عمدتها في مواجهة العمدة الحالي عمر البحراوي المحسوب على حزب الحركة الشعبية. وعرفت المحافظات الصحراوية بدورها صراعاً كبيراً بين مختلف الأحزاب السياسية، خصوصاً الاستقلال والاصالة والمعاصرة. وذهب قياديون في أحزاب متنافسة الى انتقاد استخدام النزعات القبلية في التأثير على الناخبين. وكانت مدن المحافظات الصحراوية عرفت اقبالاً أكبر على صناديق الاقتراع في الاستحقاقات الاشتراعية لعام 2007، فيما يرجح أن تزيد تلك النسبة حالياً، بالنظر الى الأبعاد المرتبطة بالتنظيم الجهوي الذي سيبدأ تنفيذه في الأقاليم الصحراوية.