يخوض الهمام محمد بن همام معركة مع كبير «الفيفا» بلاتر، لا تختلف عن خوض الشيخ حمد حرباً مع القوى الكروية العظمى من أجل الظفر بتنظيم مونديال 2022... ولا أحد يعرف إن كان الهمام قادراً على إزاحة السويسري الواثق من عهدة جديدة بعد دعم الاتحاد الأوروبي لها، وإن كانت بعض الألسن تقول «كل شيء جائز...». ولكن في الضفة المنسية، هناك معركة أخرى يخوضها كبير الكاف عيسى حياتو مع البرلمان البريطاني، ليس اتهاماً له بدعم الثوار الليبيين في مصراتة والبريقة، ولا لاهتمامه بما كان يجري في ساحة التحرير... ولكن لأنّ صحيفة بريطانية تقول إنها تملك أدلة على تلقي كبير الكاف رشوة قطرية في مقابل التصويت للدوحة لاحتضان مونديال 2022، وأنه فعل ذلك بالتنسيق مع الإيفواري أنوما... وبذلك يوجّه الإنكليز، النظيفون جدّاً، تهمة الفساد لرجل في آخر عمره... لا لشيء إلاّ لأنه لم يمنح صوته للأمبراطورية التي غابت عنها الشمس والقمر والنجوم... إنّ التهمة التي تبناها نائب برلماني، معتمداً على تحريات مزعومة قامت بها صحيفة عرفت باستراق السمع في غرف النوم، والتلصص من ثقوب الأبواب المغلقة، وجعل منها قضية لشغل الرأي العام ومزاحمة وليام وكاتي في عرسهما، ليست أكثر من رقصة في الظلام... ففي هذا التصرّف، نوع من استعادة ثقافة السيّد والعبد، وكأنّ عيسى حياتو، الرجل العنيد الذي أتعب كثيراً «الفيفا» وصنّاع القرار فيها، دفاعاً عن القارة الأفريقية، وإن كانت له أخطاؤه وحتى خطاياه، لا يختلف عن كونتا كونتي كما جاء في رواية «جذور» للكاتب الكبير أليكس هالي... هكذا بكل بساطة، يأتي نائب برلماني، ويثير قضية فساد ضد شخصية أفريقية مسؤولة، في أمر يتعلّق بمنافسة بين الدول القادرة على تنظيم مونديال قادم... ويأتي هذا الهجوم تناغماً مع تصريحات بلاتر الأخيرة، حين راح يضع شعاراً لحملته من أجل العهدة الرابعة، محاربة الفساد، وكأن هذا الفساد والرشوة وبيع الأصوات وخفض الأصوات... جاء من فراغ، لولا أنّ الأمر تحوّل إلى ثقافة رائجة في سوق الجلد المنفوخ. لقد رفع بلاتر صوته عالياً، حين دافع عن قطر وحقها في تنظيم مونديال 2022، ولم يسمح لأولئك الذين أبدوا استغراباً من تنظيم مونديال في الصحراء (...) ولكن ما إن بلغ أسماعه أن ابن همام ينوي منافسته على كرسي «الفيفا»، حتى أدار لقطر ظهر المجنّ، وأخرج من تحت لسانه ورقة الفساد، والفساد يعني الرشوة، والرشوة تعني التلاعب باللوائح وبيع الذمم، وكلّ ذلك يعني أن من يدفع يُرفع (...) ومن لا يَدفع يُدفع به إلى جهنّم النسيان. وبلاتر لا يقوى على تسمية قطر، بحروفها الثلاثة، ولكنه يحبّ سماع ذلك من نائب بريطاني يوجّه كلامه لحياتو ويتهمه بالفساد، لأن الغمامة البريطانية تمطر في زيوريخ.. غير أنّ بلاتر يكون أحياناً بحاجة إلى أن يجيد الحساب، فالذي يتوجه لحياتو بتهمة أخلاقية منبوذة، يعني أنه يحرمه من أكثر من خمسين صوتاً في المؤتمر الانتخابي القادم، ومن يدري فقد تصبّ في جيب ابن همّام، وربّما يكون التعاطف واضحاً من أمم آسيا وأميركا اللاتينية، فلا يجد بلاتر سوى أصوات بلاتيني سنداً له، وبعض الجزر المنسية في المحيط الهادي... إن استخدام ورقة الفساد، ليس بالضرورة أن نتائجها تكون كما يريد أصحابها، فربما يفسد الفساد عليهم ما كانوا يسعون به إلى إفساد أعراس غيرهم... [email protected]