حذر أساتذة إسرائيليون في القانون الدولي صناع القرار السياسي في الدولة العبرية من الأبعاد القانونية لاعتراف الأممالمتحدةبفلسطين دولة مستقلة على أساس حدود عام 1967، وتوقفوا تحديداً عند احتمال تعرض إسرائيل «بجنودها ومواطنيها وقيادييها»، ل «تسونامي من الشكاوى القضائية» لدى المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي. ويتفق معظم الأساتذة على أن القانون الدولي سيعترف بفلسطين دولة لأنها تلبي الشروط الأربعة الرئيسة وهي: مساحة محددة، وسكان دائمو الإقامة، وحكم فاعل، والقدرة على إقامة علاقات مع دول أخرى. وسيعني الاعتراف، في حال حصل عليه الفلسطينيون في أيلول (سبتمبر) المقبل، أن الدولة الجديدة ستكون مخولة إبرام اتفاقات مع دول العالم مثل الاتفاقات التجارية، ما سيعني اعتبار أي محاولة إسرائيلية لتفتيش شاحنات بضاعة للدولة الفلسطينية خرقاً لسيادة الدولة من شأنه أن يقود إلى أزمة ديبلوماسية. لكن أساتذة القانون يرون هذه المسألة بسيطة قياساً بمشاكل شائكة أكثر، أبرزها بنظرهم انضمام فلسطين إلى «معاهدة روما» التي أقامت المحكمة الجنائية الدولية، ما يعني أن المحكمة ستتمتع بصلاحية محاسبة من يخترق سيادة هذه الدولة، بمن فيهم جنود إسرائيليون أو أي موظف إسرائيلي رسمي. وبحسب البروفيسور ديفيد كرتسمر، فإن اعتراف العالم بفلسطين سيمنح المدعي العام في المحكمة الدولية صلاحية بسط نفوذ القانون الدولي على إسرائيل في كل ما يتعلق بتعاملها مع الفلسطينيين. ويضيف أن أي قرار إسرائيلي بتوسيع المستوطنات في أراضي الدولة الفلسطينية سيعرّض متخذي القرار إلى المقاضاة لأنه لن يكون في وسع إسرائيل مواصلة الادعاء بأن وضعية الأراضي الفلسطينية مختلف عليها، وسينظر القانون الدولي إلى إسرائيل كدولة احتلال. في المقابل، يرى أساتذة آخرون محسوبون على اليمين أن إعلان الدولة الفلسطينية سيشكل انتهاكاً من جانب السلطة للاتفاقات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وأن الاعتراف الدولي قد يفيد إسرائيل من ناحية التقدم بشكاوى قضائية للمحكمة الدولية ضد فلسطين في حال تعرضت لأعمال عنف من أراضي الدولة الفلسطينية، كما يقول الخبير يوفال شاني. من جهته، يضيف البروفيسور ايال بنبستي أن الأهم في قرار الاعتراف بفلسطين هو ترسيم الحدود، وأن إعلان الاعتراف بالدولة الفلسطينية على أساس حدود عام 1967 «سيشطب أي مطلب للفلسطينيين بأراض أخرى، وهذه قد تكون أخبار طيبة لكل من يؤيد حل الدولتين»، علماً أن معارضين فلسطينيين لمبادرة الاعتراف بدولة مستقلة يتبنون هذا الادعاء. إلى ذلك، قال رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن «مهمة توفير كل الظروف لإقامة دولة فلسطينية والتي أعلنها صيف عام 2009 انتهت «في أعقاب التغيرات الهائلة والدراماتيكية على وضع السلطة الفلسطينية قياساً بما كانت عليه قبل سنوات»، مضيفاً أن ثمة شعوراً بوجود فرصة حقيقية وبالتفاؤل من المستقبل «لكن النهاية الحقيقية ستتحقق عندما نعيش باحترام في دولتنا في حدود عام 1967، عندها سأقول إن المهمة الحقيقة أنجزت كاملة». ووفقاً للتوقعات الإسرائيلية، فإن اقتراحاً لإعلان رسمي في هيئة الأممالمتحدة عن إقامة دولة فلسطينية في حدود عام 1967 المتوقع طرحه في أيلول (سبتمبر) المقبل، سيحظى بتأييد نحو 170 دولة. ويشدد فياض على أنه نجح في إنجاز خطته التي أعلنها قبل أقل من عامين تحت عنوان «لقاء مع الحرية» وبموجبها سيتم خلق كل الظروف وتوفير البنى التحتية اللازمة لدولة مستقلة، مشيراً إلى أن إنجاز المهمة تم قبل الموعد بخمسة أشهر، وهو ما حدا بثلاث هيئات دولية هي الأممالمتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إلى الإعلان في اجتماع الدول المانحة الشهر الماضي بأن «السلطة الفلسطينية بلغت حدود الاستعداد لوضع دولة، والرؤية تحولت إلى واقع». وتابع أن إنجاز الخطة يوضح اليوم أن المشكلة الوحيدة التي تواجه الفلسطينيين هي الاحتلال وليس الفوضى والفساد وغياب القانون التي شكلت دائماً ذريعة لتبرير رفض الاعتراف بدولة. ورفض فياض الخوض في السيناريوات المتوقعة في أيلول المقبل، وقال: «لا نريد دولة على الورق أو إعلاناً آخر عن دولة فلسطينية. فعلنا ذلك عام 1988. نحن بحاجة إلى دولة حقيقية، ما يستوجب تركيزنا في ما يجب فعله حتى أيلول القريب: أولاً مفاوضات سياسية ثم حل المشاكل على الأرض». واعتبر فياض أن دخول جيش الاحتلال الإسرائيلي المتكرر مدن الضفة الغربية يمس بشعور الأمن لدى الفلسطينيين، «كذلك الحظر الإسرائيلي على أجهزة الأمن الفلسطينية من القيام بأي نشاط في مراكز المدن الفلسطينية في المنطقة المعروفة بالمنطقة ب» الخاضعة أمنياً للاحتلال وإدارياً للسلطة، معتبراً ذلك «غير منطقي». وأضاف أن وجود قوى الأمن الفلسطينية في هذه المدن لن يشكل أي خطر على إسرائيل «بل بالعكس هو مصلحة إسرائيلية ... وعليكم أن تستوعبوا أن الاحتلال يجب أن ينتهي، ليس لأن الفلسطينيين يريدون ذلك، إنما لأنه ينهك الجانب الإسرائيلي». وتابع أن إسرائيل لم تقم بما فيه الكفاية لإتاحة النمو الاقتصادي في أراضي السلطة بل عرقلته، «حتى أن آبار المياه لجمع أمطار الشتاء لم تسلم من أذيّة إسرائيل، في وقت يتواصل توسيع المستوطنات». وأضاف أن قرار وزير المال الإسرائيلي يوفال شتاينتس تجميد نقل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية تسبب في عجز السلطة عن دفع رواتب موظفيها عن الشهر الماضي، «مع وجوب التأكيد بأن هذه الأموال ليست لإسرائيل إنما هي عائدات ضريبية دفعها مواطنون فلسطينيون، ولا توجد سيادة إسرائيلية على هذه الأموال».