بدأت السلطات السودانية حملة اعتقالات وصادرت نسخاً لست صحف، بعد تنامي التذمر وخروج تظاهرات في ولايات احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية القاسية، ورفع الدعم عن الخبز. وأعتقل رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير في ولاية شمال كردفان، وكذلك رئيسه السابق إبراهيم الشيخ بعد محاصرة منزله لساعات، ومسؤول حقوق الإنسان في الحزب جلال مصطفى، وذلك بعد إلقاء مسؤوليه خطابات في مناطق عامة دعت إلى رفض السياسات الحكومية الجديدة التي أفرزت موجة غلاء طاحن. وكان الدقير قال في تصريح تلا اعتقال القيادي جلال مصطفى: «حزبنا يلتزم الانحياز إلى قضايا الجماهير، والقمع والاعتقال لن يمنعا تعبيرنا عن هذه القناعات، وإشاعة ثقافة المقاومة والعمل وسط الجماهير واستنهاض الهمم من أجل العبور إلى وطن الحرية والعدالة والعيش الكريم». وتابع: «لن تحل الاعتقالات أزمات النظام، ولن يخفف من الضغط الجماهيري الناقم على الفشل في إدارة الدولة، وتوفير الحاجات». إلى ذلك، صادرت السلطات نسخاً من صحف «التيار» و«المستقلة» و«الصيحة» و«القرار» و«أخبار الوطن» لسان حال حزب المؤتمر السوداني، و«الميدان» الناطقة باسم الحزب الشيوعي، بعدما أبرزت موضوع الاحتجاجات الجماهيرية على صفحاتها الأولى. وقالت رئيسة تحرير صحيفة أخبار الوطن هنادي صديق: «اتخذ إجراء مصادرة أعدادنا بسبب تناولنا الشفاف والأمين لأخبار الزيادات، ومتابعتنا المهنية لغلاء المعيشة». إلى ذلك، جددت قوى في المعارضة السودانية على رأسها حزبا «الأمة» بزعامة الصادق المهدي و «الاتحادي الديموقراطي» المشارك في السلطة، دعوتها المواطنين إلى الخروج سلمياً للتعبير عن رفض السياسات الاقتصادية التي أقرتها الحكومة، وأدت إلى زيادة الأسعار. بدوره، ندد «تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض» بما سماه» الكذب والتضليل الذي صاحب عرض الموازنة»، مشدداً على أن «لا بديل أمام الشعب إلا إسقاط هذا النظام وتصفيته وتفكيكه عبر الانتفاضة الشعبية السلمية، وتنظيم صفوفنا لإيجاد البديل الديموقراطي». على صعيد آخر، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الحكومة السودانية إلى تسريع إجراءات إنشاء قاعدة للبعثة الأممية الأفريقية المختلطة في إقليم دارفور «يوناميد» في منطقة قولو بجبل مرة، مع تراجع نشاط الجماعات المسلحة في الإقليم باستثناء أعمال «لصوصية» لبقايا حركة عبد الواحد محمد نور. وحض غوتيريش في تقرير دوري رفعه إلى مجلس الأمن في شأن عملية السلام في دارفور، السلطات السودانية إلى تسهيل إجراءات عمل البعثة المختلطة في دارفور وإزالة العوائق الخاصة بنشاطاتها في الإقليم. ورأى غوتيريش أن فرص تحقيق التسوية السياسية في دارفور ما زالت غير متوافرة»، في ظل رفض حركات التمرد الثلاث في دارفور الاحتكام إلى وثيقة الدوحة لسلام دارفور كمرجعية أساسية لحل الأزمة في الإقليم، وتطالب بإعادة فتحها، في وقت ترفض الحكومة السودانية أي دعوة للتفاوض بعيداً عن هذه الوثيقة التي أقرت عام 2011. في جنوب السودان، شددت الحكومة إجراءات الأمن في العاصمة جوبا، بعد محاولة جنود موالين لرئيس أركان الجيش السابق بول مالونق أوان اقتحام المدينة. وأوضحت الحكومة أن المهاجمين تسللوا متنكرين بزي مدنيين عاديين إلى بلدة كابوري القريبة من جوبا، فتصدت لهم القوات الحكومية ما ادى الى اندلاع قتال أسفر عن قتلى، قبل إعادة فرض الهدوء. ومشط الجيش البلدة بحثاً عن اسلحة، وفرض قيوداً على التنقل في الأجزاء الغربية من جوبا التي تراجع اليها مقاتلو المعارضة. وتأثرت النشاطات التجارية واضطر الناس إلى الانتقال إلى مناطق أخرى.