عبّرت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل اليوم (الأحد)، في بداية مشاورات لتشكيل الحكومة، عن «تفاؤلها» حيال فرص التوصل إلى اتفاق مبدئي مع «الاشتراكيين الديموقراطيين» لإخراج أكبر اقتصاد أوروبي من المأزق السياسي، بعد أكثر من ثلاثة أشهر على الانتخابات التشريعية. وقالت مركل في بداية محاولة ثانية تبدو صعبة للتفاهم مع «الاشتراكيين الديموقراطيين»: «أدخل إلى المفاوضات التي تفتتح بتفاؤل وأدرك حجم العمل الذي ينتظرنا». وأضافت المستشارة في بداية لقاء للقادة الرئيسيين للحزبين في مقر «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» في برلين: «اعتقد أننا نستطيع أن ننجح»، مؤكدة أن هدفها هو «ايجاد الظروف لتشكيل حكومة مستقرة» في البلاد. وكان زعيم «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» مارتن شولتز قال في مقابلة مع صحيفة «بيلد» الألمانية الجمعة: «سيكون الأمر صعباً وسنبقى حازمين». وعلى رغم إعلان الشركاء المحتملين أنهم سيباشرون هذه المحادثات التي من المقرر أن تستمر خمسة أيام «بتفاؤل»، لكنه من المتوقع أن تتمّ المناقشات في أجواء من التوتر خصوصاً في شأن السياسة المتعلقة بالهجرة. وكان «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» الحليف البافاري ل «الاتحاد الديموقراطي المسيحي» بقيادة مركل، طالب أخيراً بالتشدد حيال اللاجئين في البلاد، بينما يريد «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» تليين شروط لم الشمل العائلي. وقال زعيم «الاتحاد الاجتماعي المسيحي» هورست سيهوفر عند وصوله إلى المشاورات: «يجب أن نتفق». وكتبت صحيفة «دي فيلت» أن «الحزب الاشتراكي الديموقراطي يمكن أن يتفاهم بسرعة مع حزب مركل، لكن مع الاتحاد الاجتماعي المسيحي سيكون الأمر صعباً». ويفترض ان يخوض «الحزب الاجتماعي المسيحي» انتخابات في معقله في الخريف، يمكن أن يخسر فيها غالبيته المطلقة مع صعود اليمين القومي. وقالت «دي فيلت» إنه «لهذا السبب، تبدو فرص التوصل إلى أي تسوية مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي شبه معدومة». وأفضت الانتخابات إلى فوز مركل لكنها أضعفتها وبات هامش المناورة لديها ضيقاً. وأخفقت المستشارة في تشرين الثاني (نوفمبر) في التوصل إلى أرضية تفاهم مع دعاة حماية البيئة والليبراليين. ولتشكيل سلطة تنفيذية تملك غالبية في مجلس النواب، لم يعد أمامها سوى التحالف مجدداً مع «الحزب الاشتراكي الديموقراطي»، وهو الحل المفضل لديها. وتشكك غالبية من الألمان في جدوى مواصلة تحالف حكم مرتين خلال ولاية مركل المستمرة منذ 12 عاماً. ويعتبر 52 في المئة من الألمان أنه «ليس جيداً جداً أو سيئاً»، وفق ما كشف استطلاع للرأي نشرت نتائجه هذا الأسبوع. أما «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» فهو منقسم حول الخطوات الواجب اتباعها، إذ يفضل كثير من أعضائه البقاء في المعارضة بعد الهزيمة التي لحقت بحزبهم في الانتخابات. وهم يخشون أن يواجه الحزب تهديداً لوجوده كما حدث في فرنسا، في حال مشاركة جديدة مع المحافظين في الحكومة. وقالت ريتشل تاوسندفرويند من المجموعة الفكرية «جرمان مارشال فاند» في تحليل إن «الاشتراكيين الديموقراطيين في وضع لا يحسدون عليه، لكن إذا تمكنوا من فرض وجهات نظرهم، خصوصاً حول إصلاح أوروبا فالأمر يستحق التحالف مع مركل من جديد»، على حد قولها. وكان الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي شولتز أعلن موافقته على الأفكار الفرنسية لإصلاح منطقة اليورو، مع إنشاء موازنة أوروبية ووزير مال للمنطقة، وهي نقاط تلقاها فريق مركل بفتور. وكتبت صحيفة «دي تسايت» الأسبوعية أن اتفاقاً مع «الاشتراكيين الديموقراطيين مهم للبقاء السياسي لمركل، إلا أن هذا يجبرها على تقديم تنازلات». ووعدت مركل في كلمة نهاية العام بالعمل على «تشكيل حكومة مستقرة بسرعة». لكن في أفضل الأحوال لن يتحقق ذلك قبل أواخر آذار (مارس). فبعد المشاورات الأولية، ينبغي أن يحصل «الحزب الاشتراكي الديموقراطي» خلال مؤتمر استثنائي سيعقده في 21 كانون الثاني (يناير) على ضوء أخضر من ناشطيه لإبرام الاتفاق. لكن لا شيء يدل إلى أنهم سيتبعون قيادتهم في حال أوصت بالمشاركة في حكومة جديدة مع مركل. وفي هذه الحالة لن يكون أمام مركل أي خيار آخر سوى تشكيل حكومة أقلية قدرتها على البقاء مشكوك فيها وترفضها المستشارة حتى الآن. وهناك خيار تنظيم انتخابات جديدة لن يستفيد منها سوى اليمين المتطرف. لكن الأحزاب متفقة على نقطة واحدة هي التزام مفاوضيها الصمت حتى نهاية المشاورات الخميس، وفق ما ذكرت مجلة «در شبيغل». ويهدف الاتفاق إلى تجنب الفوضى في التصريحات التي حدثت خلال المشاورات بين المحافظين ودعاة حماية البيئة والليبراليين، وساهمت في إفشالها.