ما السبب في اعتكاف الفنان في مرسمه وملازمته للفرشاة واللوح طويلاً، والاستغناء عن أي عمل يسرقه من موهبته؟ سؤال وضع الفنان التشكيلي فهد الحجيلان في دقائق من الصمت ليجيب بعدها: وهل تعتقد أنني أمارس الفن من أجل تمضية وقت الفراغ ؟ بالطبع لا، لكن الموهبة التي أنبتها الله في داخلي جعلتني أتنازل عن كل عمل قد يسلب مني موهبتي، بكثير من المقاومة والتحدي والوقوف أمام كل المنغصات بالإرادة وإخراج تجربة منفردة خالصة من غيرها ممثلة لذاتها». إنها إذا الرغبة الجامحة المستوفية لعناصر الإخلاص في ممارسة الفن التي أخرجت هذا الفنان من إطار التقليد إلى فضاء الابتكار في معرضه الأخير «عصفور البرد»، الذي دشنه أخيراً في أتيلييه جدة للفنون الجميلة، وجاء مركزاً على المرأة في أشكال «بروتريه» واستحضرها الفنان بمختلف ملامحها الأنثوية و تعابيرها الوجدانية، في أكثر من 40 عملاً وبمقاسات مختلفة. هل لاحظ الحضور أن هذا الفنان يحترق وهو يصنع اللوحات؟ تجيب الفنانة علا حجازي «إن وصفك له بالاحتراق في صناعة لوحاته دقيق جداً، فالمعرض يمثل خلاصة تجربة الحجيلان التشكيلية والذي عكف عليه أكثر من عامين، وجهده كبير ومركز في إخراج الأعمال بقدرة فنية لافتة، متجاوزة المحلية إلى العالمية»، وزادت «معرضه هذا يعد النموذج الأوفى لكل المعارض التي أقامها من قبل، ويعتبر بالفعل درساً يستفيد منه جميع الفنانين». وبمزيد من الثقة يؤكد الحجيلان أن هذه الأعمال التي احتواها المعرض، لم تكن إلا تحد كبير، وإثبات على قدرة الفنان السعودي الناضج، وانتقاله إلى مراحل متقدمة في التجريب والتحليق في فضاء المدارس الفنية العالمية. ولم يسع الناقد محمد كمال سوى القول: «تتزاوج القدرة الإبداعية مع الرغبة الاستعادية، عبر تجربة الفنان المثيرة «عصفور البرد» التي يسترجع من خلالها دفء بواكير الذاكرة التأسيسية في مصر كبيئة صغرى وكبرى في آن، إذ تتأرجح عنده بين المبارحة والديمومة، بين الحركة والثبات، بين الطيران والتجذر، وربما من منطلق هذا الحس البندولي الواقع بين الفائت والآني يأتي الحجيلان مختلفاً». فيما يؤكد الفنان عبدالله حماس أن الحجيلان «فنان صاحب فكر وخبرة طويلة مع الفن التشكيلي، وتجلى إبداعه في الأعمال ذات المساحات الكبيرة، وحقق قدرات الفنان التشكيلي العالمي». يذكر أن المعرض افتتحته الأميرة أضواء بنت يزيد، وشهد حضوراً كبيراً من الرجال والنساء.