أكدت نتائج دراسة أنجزتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بالتعاون مع البنك الدولي، بعنوان: «تقويم الأثر الاقتصادي للتراث الحضاري في المملكة العربية السعودية» بمشاركة خبراء من البنك الدولي ومنظمة السياحة العالمية، أن الاستثمار في التراث الوطني له أثر اقتصادي إيجابي كبير من حيث الإسهام في زيادة وتنويع مصادر الدخل الوطني، وتوفير فرص العمل للمواطنين على مستوى الموقع والمنطقة، مبينة أن الاستثمار في التراث الثقافي يولد منافع اقتصادية فورية وقصيرة الأمد، تشمل زيادة الوظائف والدخل مباشرة من ترميم المواقع، وتجديد المناطق الحضرية المتعثرة على المدى الطويل، ما يؤكد الآثار الإيجابية الناتجة من استثمارات التراث الثقافي، في حين هدفت «الدراسة» إلى بيان الآثار الاقتصادية والإمكانات الكبيرة للتراث الثقافي الوطني في توليد مشاريع استثمارية مجدية تسهم في زيادة الدخل الوطني وتوفير فرص العمل للمواطنين، إذ قدمت الدراسة عدداً من المؤشرات الرئيسة للسياحة الثقافية في المملكة، وقدرت الأثر الاقتصادي للاستثمارات المنفذة في مشاريع ترميم وتأهيل مواقع التراث الثقافي. وقدرت «الدراسة» إجمالي رحلات السياحة الثقافية في المملكة ب6.3 مليون رحلة، في حين قُدر الأثر الكلي للإنفاق على السياحة الثقافية في المملكة خلال 2015 بمبلغ 56.6 بليون ريال، كما قدرت فرص العمل التي تولدت من أنشطة الزوار في مواقع التراث الثقافي والأنشطة التجارية المحيطة بها ب112 ألف وظيفة، فيما تسهم أعمال ترميم التراث - بحسب الدراسة - في توليد ما معدله 18 وظيفة، ودخل عمالة قدره 460 ألف ريال، وذلك لكل مليون ريال تم استثماره، وتسهم أعمال الترميم في أنشطة التراث الثقافي التي أنتجت بطريقة مباشرة ب13.5 بليون ريال في الإنفاق الإجمالي في مواقع التراث، إضافة إلى ما مقداره 111.632 وظيفة ضمن وحول مواقع التراث في المملكة، وبإضافة الإنفاق غير المباشر فإن الإنفاق الكلي (المحلي والوافد) الناتج من السياحة الثقافية يمكن أن يصل إلى ما مقداره 15.1 بليون دولار أمريكي (11.5 بليون دولار للمحلي، و3،6 بليون دولار للوافد). وذكرت الدراسة أنه في 2015 بلغ عدد الرحلات السياحة المحلية الثقافية ما مجموعه 3.948.785 رحلة، وشملت زيارات المتاحف، والمعارض الفنية، والفعاليات الثقافية، والمهرجانات، والمناطق الأثرية أو التاريخية، ومواقع الآثار، والحصون، وولدت ما مقداره 31.382.138 ليلة مبيت، و4.2 بليون ريال في إجمالي الإنفاق، إذ تدعم كل 73 رحلة ثقافية محلية أو تنتج، وظيفة مباشرة واحدة على الأقل، وهذا يولد بالمجموع 54.093 وظيفة. وعن الآثار الاقتصادية للرحلات الثقافية الوافدة في 2015، أوضحت «الدراسة» أن هذه الرحلات، البالغ عددها 2.359.112 رحلة وافدة أنتجت ما مقداره 25.304.822 ليلة مبيت، و9.3 بليون ريال في إجمالي الإنفاق، كما دعمت كل 41 رحلة ثقافية وافدة أو أنتجت وظيفة مباشرة واحدة على الأقل، وهذا ينتج بالمجموع 57.539 وظيفة، ويظهر التحليل، أن أعلى قيم الإنفاق اليومية تحصل في حال الزائرين الدوليين من غير الحجاج والمعتمرين، الذين يبيتون، وفي الحقيقة ينفق الزائر من هذه الفئة من الزوار ما يفوق ضعفي ما ينفقه الحاج أو المعتمر الذين يبيتون، وأربعة أضعاف ما ينفقه الزائر المحلي الذي يبيت، ويشكل الحجاج أو المعتمرون الذين يبيتون الفئة الثانية الأعلى من حيث الإنفاق، مع ما يزيد على 10 ملايين من الزوار القادمين. ومن المواقع التي أجرت الدراسة فيها بحوثا ميدانية حي البجيري في الدرعية التاريخية، إذ أوضحت الدراسة أن العوائد اليومية في نهاية عطلة الأسبوع للحي التجاري بلغت حوالى 390 ألف ريال، و3.1 مليون ريالاً في الشهر، ويدعم توظيف 41 مواطناً. ويمثل ارتكاز مشاريع التجديد الحضري على الأصول التراثية استراتيجية فعالة لتشجيع التنمية الاقتصادية، وبالنسبة إلى المجتمعات المجاورة للمواقع التراثية، يبدأ حصولهم على المنافع من خلال أعمال الترميم في شكل أعمال قصيرة الأجل وبناء المهارات، وبمرور الوقت تولد الآثار الاقتصادية الناجمة عن زيادة عدد الزوار مزيداً من الوظائف والفرص الاستثمارية والدخل، عبر مجموعة من مقدمي الخدمات والخبرات ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة، كما تؤدي التحسينات التي تطرأ على منطقة ما، من خلال الترميم لموقع أو أكثر، إلى حفز التجديد والتنشيط الحضري المحلي، وبالتالي جذب مزيد من الإنفاق المحلي والوافد. وأوصت الدراسة الاقتصادية، التي أنجزتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، بضرورة قيام «الهيئة» بجمع مزيد من البيانات والقيام بالتحليل اللازم لترتيب الأولويات الاستثمارية، إضافة إلى استثمارات المؤسسات الحكومية الأخرى في التراث الثقافي، ويمكن أن يساعد جمع البيانات من السكان وأصحاب الأعمال والزوار في المواقع التراثية أو حولها، من خلال الدراسات الاستبيانية وغيرها من الأدوات، في قياس الوجهات وقياس التأثيرات في التجديد الحضري. وتتمثل الأولوية القصوى لتقويم الآثار الاقتصادية للتراث الثقافي، في إجراء دراسات استبيانية على مستوى المواقع لتوسيع نطاق جمع البيانات وتحليلها لأجل قياس الإنفاق على التراث واستثماراته، وتوسيع تطبيق تحليل الآثار المترتبة على أعمال ترميم التراث وإعادة تأهيله ليتم تطبيقه على مواقع إضافية خارج مواقع العينة المشمولة في هذه الدراسة.