«السيطرة الغامضة: السياسة، الخطاب والرموز في سورية المعاصرة» كتاب للباحثة ليزا وادين صدرت ترجمته عن دار رياض الريس، وضمّت مقدمة خاصة لهذه الطبعة. والكتاب كما يشير المترجم يبحث في ظاهرة تمجيد الحاكم (حافظ الأسد) من خلال العروض والخطاب البلاغي والشعارات الرسمية. ولكن لم تفت الكاتبة «المقاومة» التي كان يبديها الشعب السوري، بخاصة تجاه الطروحات المفروضة عليه. (...) رصدت وادين، أمثلة لما أطلقت عليه «تجاوزات» أو «انتهاكات» للخطاب الرسمي. هذه التجاوزات لم تنمُ وتترعرع في حضن النظام السلطوي فحسب، بل استخدمت الأساليب نفسها، مثل التلاعب بالخطاب والبلاغة والأعمال الفنية، والكوميديا، ورسوم الكاريكاتير، كآليات لهذه «المقاومة» السلمية والعبقرية في آن واحد. ومن هنا توصلت الباحثة الى النتيجة التي يختصرها عنوان الكتاب، «السلطة الغامضة»، بمعنى ان النظام، رغم نجاحه النسبي في حمل المواطنين على الإذعان لأوامره في المشاركة بالمظاهرات والاستعراضات وإنتاج الشعارات الفارغة واستهلاكها، فالحقيقة ان غالبية السوريين كانوا يتظاهرون، «كما لو» أنهم مصدقون خطاب النظام، حول عظمة القائد الفرد الملهم. فأغلب السوريين كانوا يشاركون في هذه الطقوس دفعاً للضرر، وحرصاً على السلامة. كما كان المثقفون والفنانون في «مناوشات» مستمرة مع «الرقيب» للطعن في خطاب النظام، وتذكير عامة الناس بزيف مقولاته. تبحث ليزا وادين في ظاهرة تقديس الحاكم، من العروض الباهظة الى الملاصق على النوافذ، والخداع اليومي الذي يكشف سطحيتها والسخرية منها. إنها تذهل فهمنا للشرعية السياسية. بإظهار ان تقديس القيادة يمكن ان يكون مزيفاً بشفافية وفعالاً بقوة في آن واحد. يعيد غموض «السيطرة الغامضة» دراسة رموز السلطة، من خلال اكتشاف كيف يمكن للطقوس والبلاغة الإنشائية للسلطة ان تكتسب قوتها لا من خلال كيف يفكر الناس فحسب ولكن كيف يتصرفون. ان عبقرية الكتاب تكمن في المنهج الجديد الذي يشرح مشكلة الطاعة المدنية والآلية السياسية للرمز.