امتلأت ساحة المحكمة العسكرية الإسرائيلية الواقعة في معسكر للجيش قرب مدينة رام الله، بعائلات الأسرى التي تنتظر سماع أسماء أبنائها لحضور محاكمتهم في كرافانات صغيرة. وخلال ساعات الانتظار الطويلة، يتحدث الأهالي عن أبنائهم المعتقلين الذين يجمعهم عامل واحد، كون غالبيتهم من طلاب المدارس. وعلى رغم صغر سنهم، إلا أن بعض هؤلاء الطلاب تحولوا رموزاً للمواجهة الشعبية المتنامية مع الاحتلال الإسرائيلي، مثل عهد التميمي (16 عاماً) المعتقلة لدى السلطات الإسرائيلية منذ العشرين من الشهر الجاري، والتي تحولت أيقونة، تُكتب فيها الأشعار وتتصدر صورها وفيديوهاتها وسائل التواصل الاجتماعي. «جيلنا انتهى، بعدما مُني بهزائم عدة، والآن دور الجيل الجديد، دور الأطفال، يتولون أمرهم ويشقون طريقهم»، قال باسم التميمي والد عهد ل «الحياة». وأضاف: «يتوغل الاحتلال في أرضنا، ويضيق علينا حياتنا، كل يوم مصادرة جديدة لأراضينا لمصلحة بناء مستوطنات جديدة، أطفالنا يشاهدون هذه الممارسات، فماذا نتوقع منهم؟». وباسم هو أحد قادة العمل الشعبي في الضفة الغربية، وأمضى أربع سنوات من عمره في السجون الإسرائيلية، لكنه يؤكد أن جيله انتهى أمره، وأن «عهد وجيلها يتسلمون الراية». وزاد: «لو كان الاحتلال في طريقه إلى الزوال، لأرسلت ابنتي إلى مدرسة للموسيقى، لكن الاحتلال يتغول أكثر، والمواجهة تتعمق، المرحلة المقبلة مرحلة مواجهة، والجيل الجديد سيقرر شكلها». وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015، موجات متلاحقة من الهبات الشعبية التي يتصدرها الأطفال وتلامذة المدارس. واعتقل وأصيب عشرات الأطفال في الهبّة الفلسطينية التي تفجرت عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل». وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش إن «قوات الاحتلال اعتقلت منذ مطلع الشهر الجاري نحو مئة طفل، تحت سن الثامنة عشرة، وهو أكثر من ضعف عدد الأطفال الذين اعتقلوا الشهر الماضي»، لافتاً إلى أنهم «يتعرضون للتعذيب ونزع الاعترافات منهم بالقوة، والمحاكم العسكرية الإسرائيلية تصدر أحكاماً قاسية بحقهم». ويبلغ عدد الأطفال في السجون الإسرائيلية حوالى 380 طفلاً. ونشرت وسائل إعلام دولية ومحلية صور لعمليات اعتقال وحشية لأطفال وفتية، منها صورة للفتى فوزي الجنيدي (17 عاماً) الذي حاصره 25 جندياً إسرائيلياً، واعتدوا عليه بالضرب المبرح، ثم اقتادوه إلى السجن، قبل إطلاق سراحه بعد عشرين يوماً من اعتقاله بكفالة مالية قدرها ثلاثة آلاف دولار لحين المحاكمة. وقالت المحامية التي تتولى الدفاع عنه فرح دبايسة، إن النيابة قدمت لائحة اتهام ضد الفتى الجنيدي. ورجحت أن تصدر المحكمة عليه حكماً بالسجن. وكانت المحكمة الإسرائيلية رفضت طلب المحامين إطلاق سراح عهد التميمي بكفالة، إلى حين المحاكمة، بحجة أنها «خطيرة». ووجهت إليها النيابة في الجلسة الأخيرة التي عقدت مساء الخميس، أربع تهم هي: الاعتداء على جنديين في ظروف خطيرة، والتحريض، وإلقاء حجارة، وإهانة الجيش الإسرائيلي». وقالت المحامية غابي لاسكي، التي تتولى الدفاع عنها، إن السبب الحقيقي وراء اعتقالهما هو التهمة الأخيرة «إهانة الجيش».