كلما سمعت خبراً بأن الأوضاع تتدهور في اليمن سارعت إلى كتاب الله أعتصم به من خوفي. وكلما هاجمتني مشاعر اليأس والخوف من أهلي في اليمن لجأت إلى حديث النبي (صلى الله عليه وسلم): "الإيمان يمان والحكمة يمانية" أعيد قراءته عشرات المرات هذه الأيام علّي أعيد إلى نفسي الطمأنينة بتحقق معناه وقت أزمتنا الخانقة، ومع كل صباح أقتحم شاشة التلفاز علّي أجد خبراً حكيماً يعبر عن معنى الحديث الشريف في أهل اليمن، لكنني إلى اليوم لم أجد هذه الحكمة ولا ذلك الإيمان لا في التصريحات ولا في المواقف، ولا في التصرفات. لقد فتشت كثيراً وكثيراً عن واقع يعكس لي معنى الإيمان فلم أجده إلا في اطمئنان السيدات المسنات إلى أن الوضع سيكون على ما يرام مادام الرئيس باقياً. ولأنني واثقة من أن التغيير آت حتى وإن صلّت وصامت وقامت الليل جميع النساء فقد اتجهت إلى الرجال علّي أجد فيهم من يخبرني عن واقع الإيمان والحكمة في ما يحدث في اليمن هذه الأيام، فوجدتهم مجمعين على أن الفرقاء مختلفون وبسبب اختلافاتهم ضاعت الحكمة، وسيظلون بعيداً عن الحكمة وعن الإيمان إلى أجل غير مسمى. أين الحكمة والإيمان أيها الرجال ؟! هل منكم من يدلني على الرجال الذين يقصدهم النبي الكريم في حديثه الشريف؟ أين الحكمة والإيمان في ما يحدث؟! وقد اختلف العلماء، وتنافرت الأحزاب، وضاع الشباب بين هذا وذاك، لا يعرفون من يصدقون ولا كيف ينأون بثورتهم عن هذه الاختلافات والتدخلات. أين الحكمة والإيمان فيما يحدث؟! وقد صارت الأمهات خائفات أن يأتي اليوم الذي تُقتحم فيه البيوت وتُنتهك فيه الأعراض على مرأى ومسمع من رجال اليمن. أين الحكمة والإيمان في ما يحدث؟! وقد أصبحت البنات مرعوبات من قطاع الطرق، والتحرشات في الطرقات في ظل غياب قوة الدولة؟ أين الحكمة والإيمان في ما يحدث؟! وقد أرغم الأطفال على البقاء محبوسين بين الجدران بلا دراسة ولا لعب لا يملكون أن يتحركوا خوفاً من الخطف وما يتبعه من جرائم. أين الحكمة والإيمان وجميع الفرقاء لا يجدون غير الشعب الصابر ليمارسوا من خلاله ضغوطهم ؟! لقد أرعبتم النساء والأطفال، وحرمتم الجميع من أبسط حقوقهم في التعليم والصحة والتنقل بأمان، ولم يعد مناسباً أن تظل المرأة اليمنية مسالمة في ظل غياب الحكمة اليمانية، فلا بد أن يكون لها دور في ما يحدث، ودورها اليوم هو أن تعد نفسها لاستعمال السلاح. نعم، النساء اليمنيات محتاجات للسلاح اليوم قبل الغد، لأنهن الأكثر تعرضاً للعنف وقت السلم، فما بالكم بأوقات الفوضى والحروب! المرأة اليمنية مضطرة لأن تدافع عن نفسها، فلا تخافوا من تسليحها، لأنها لن تستخدم السلاح في قطع الطرق أو نهب الأراضي أو السطو على حقوق الناس، أو قتل الأبرياء، المرأة اليمنية لن تتباهى بالسلاح، ولن تمازح صديقاتها بإطلاق النار كما يفعل بعض الرجال في احتفالاتهم، ونعاهدكم أن نلتزم بالنظام والقانون وأن نسلم أسلحتنا للدولة حينما نشعر بالأمان، ولن نضطرها للاستعانة بوساطة لا غربية ولا شرقية ولا حتى محلية لنسلم أسلحتنا وقت السلم. المرأة اليمنية حكيمة، ولن تتعب الرجال لا في السلطة ولا في المعارضة، ولن تستخدم السلاح إلا للدفاع عن نفسها وعن بيتها وعن أطفالها، ولن تستخدم السلاح إلا حينما يعلن الرجال بأسلحتهم أن السلطة عندهم أهم من الحكمة والإيمان ومن كل قيم المجتمع اليمني. ولأن الفرصة لا تزال متاحة لقليل من التفكير، نذكّر الرجال أن المرأة هي شرف الرجل في كل الأحوال، لذلك على الرجال الذين يمتلكون أسلحة في بيوتهم أن يدربوا نساءهم على استعمال السلاح من اليوم. وعلى أجهزة الأمن أن توفر السلاح للنساء المحتاجات له، وأن يتم تكليف الشرطيات بتدريب النساء على استعمال السلاح، لأن الدفاع عن النفس حق شرعي، وليست النساء اليمنيات أقل شأناً من غيرهن، أو أكثر خطراً ممن يمتلكون الأسلحة الثقيلة مع أنهم من عامة الشعب. نحن النساء نريد سلاحاً أيها الرجال، فلا تحرمونا من حق الدفاع عن أنفسنا، وعن أعراضكم ما دمتم بعيدين عن الحكمة والإيمان.