انصرفت القوى السياسية اللبنانية الى التهيؤ لاستحقاقات مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي تواصلت ردود الفعل والمواقف الخارجية حيالها أمس، فاتصل الرئيس السوري بشار الأسد بالرئيس اللبناني ميشال سليمان، وأبلغه أن «الروح التوافقية التي تسود لبنان بعد الانتخابات ضرورية لمواجهة الاستحقاقات المقبلة»، فيما أكدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في اتصال مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن الانتخابات «أثبتت حيوية الديموقراطية اللبنانية». وإذ اعتبر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني أن «التحالف الفائز (قوى 14 آذار + المستقلين) يمكن أن يضمن تعزيز التعاون مع الغرب»، أعلن الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان ل «الحياة» من باريس أن «الرئيس نيكولا ساركوزي أجرى اتصالات عدة، وكذلك أنا وطلبنا من السلطات السورية العمل على أن تكون الانتخابات حرة وصادقة... والجانب السوري وافق على المبدأ والانتخابات جرت في شكل جيد». وقال غيان، رداً على سؤال عما إذا يتوقع عرقلة على صعيد تشكيل الحكومة: «هناك دور للرئيس سليمان على هذا الصعيد يمكن أن يكون قوياً».) وكان الرئيس سليمان تلقى اتصالا من الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي هنأه بالعملية الانتخابية «سواء على مستوى تنظيمها الإداري وطريقة الانتخاب التي تمت، أم على المستوى الأمني حيث كانت هادئة وحرة وديموقراطية وبعيدة عن الضغوط». وهو الموقف الثاني لأوباما من الانتخابات اللبنانية خلال يومين. وأفاد المكتب الإعلامي في الرئاسة اللبنانية أن الرئيس أوباما «كرر تأكيد وقوف بلاده الى جانب لبنان ومساعدته في تعزيز سيادته واستقلاله وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، لافتاً الى أنه يتطلع الى التعاون الثنائي لما فيه مصلحة العلاقات الجيدة بين البلدين، مبدياً أمله في تشكيل حكومة جديدة قريباً تتولى تطبيق القرارات الدولية وفي طليعتها القرار 1701». وشكر سليمان للرئيس الأميركي «عاطفته وموقفه»، منوّهاً بالعلاقات الثنائية بين البلدين، ومتمنياً عليه «مواصلة بذل الجهود من أجل حل قضية الشرق الأوسط وفق مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في عام 2002». كما تلقى اتصالاً من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي نوّه بإدارته للاستحقاق الانتخابي. وصدر امس اول تعليق رسمي ايراني على الانتخابات، اذ أعرب الناطق باسم الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي عن «تهانيه للشعب اللبناني وعن ارتياحه لهذا الحدث المهم»، كما قالت وكالة «ارنا». وقال قشقاوي إن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية أبدت ارتياحها لإجراء الانتخابات على رغم الفتن والتحركات الاستفزازية للصهاينة بما فيها الضغوط السياسية وبعض الانتهاكات لسيادة لبنان الوطنية والمناورات الواسعة التي نفذها الجيش الصهيوني والنشاطات العسكرية والأمنية والاستخباراتية التي جرت على الساحة اللبنانية والمنطقة في إطار إثارة المشاكل والتهرب من الحقائق الجديدة». وأضاف: «الشعب اللبناني بجميع طوائفه وأحزابه السياسية وفي أجواء مفعمة بالهدوء والسلام والمودة حال دون حدوث الفتنة والفرقة، واستطاع أن يتقدم خطوة كبيرة وناجحة وجديدة لتعزيز الوحدة الوطنية ودعم الوفاق الوطني عبر انتخاب نوابه وعزز الأمل بالبناء وتحقيق المزيد من الازدهار والرفاهية وترسيخ الأمن والاستقرار». وأعرب عن أمله «في توطيد الثقة بين الشعب وقادة الأحزاب السياسية الفعالة على الساحة اللبنانية»، وأن «تسود روح التعاون الحقيقي والمشاركة البناءة في تشكيل الحكومة وإزالة جميع المشاكل والتحديات السائدة في المجتمع اللبناني». وبينما أعلن زعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري في تصريحات صحافية أنه لم يعد يهاب «الاضطلاع بمهمة رئيس الحكومة»، قال «زعيم التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون عما اذا كان يؤيد تولي الحريري أم السنيورة الرئاسة الثالثة: «لنأت بالأصل ولماذا التقليد؟». واعتبر النائب الفائز عن دائرة زغرتا سليمان فرنجية «أن لا شيء يسقطهم إلا مجيء سعد الحريري». وتواصل السجال اللبناني الداخلي على أرقام النتائج ونسب التمثيل لليوم الثالث فرد العماد عون على قول قادة قوى 14 آذار المسيحيين إن مقولة أرجحية تمثيله للمسيحيين سقطت بنتيجة الانتخابات، فهاجم جريدة «النهار» ثانية «لأنها ترمي الأرقام عن أن خصومه نالوا 58 من أصوات الناخبين المسيحيين»، وأضاف: «ما داموا يقرون بأنني أمثل نصف المسيحيين فأريد نصف حصة المسيحيين في الحكم». وإذ بدأ عون بذلك يطرح شروطاً على التمثيل الحكومي فإنه غمز من قناة الرئيس سليمان فتمنى عليه أن يدعم المشروع الإصلاحي لتياره سائلاً: «هل لديه برنامج معين؟». ودعا رئيس البرلمان نبيه بري الى بناء مؤسسات الدولة اللبنانية، مؤكداً أن أحداً لم يخض الانتخابات نيابة عن إسرائيل، وداعياً اللبنانيين الى صم آذانهم عن الإعلام الإسرائيلي «الذي يعمل للإيقاع بين اللبنانيين». وقال الرئيس السابق، رئيس حزب الكتائب أمين الجميل إن «الرهان سيبقى على الحوار ويدنا ممدودة وسنعمل كل ما بوسعنا من أجل حوار مسيحي – مسيحي وصولاً الى المصالحة المسيحية التي هي خطوة أولى من أجل مصالحة شاملة وحوار شامل ووحدة وطنية».