حينما كان يافعاً في سن ال16 دافع الويلزي غاريث بيل عن ألوان فريق ساوثامبتون، حاملاً على كتفيه أحلاماً من الوزن الثقيل، فركل الكرة بأناقة، وأظهر لمسة مختلفة عن أقرانه، فوجد فيه توتنهام ما لم يره الآخرون، ولم يتوانَ مسيرو «السبيرز» في إهداء بيل عقداً ب5 ملايين جنيه إسترليني، ليجد فتى ويلز المساحة الكافية في «البريمييرليغ» لأجل الركض بسرعة أكبر نحو تحقيق الأحلام، فبرز وازداد لمعاناً، حتى بات أفضل الواعدين في إنكلترا قبل أن يكون هدافاً لفريق ريال مدريد، وسرعان ما تحول غاريث إلى مقاتل في كتيبة «مصارعي الثيران» وبعقد بلغ 100 مليون يورو. أمنية مشتركة بين «الميرنغي» و«الطائرة النفاثة» بعد التعاقد الضخم، تمثلت في اعتلاء الفريق منصة دوري أبطال أوروبا غالباً لا مغلوب. يصافح لاعبوه بلاتيني بابتسامة نصر لا ابتسامة وصافة، يرفع قائده الكأس العنيدة، لا يكتفي بتذكار فضي يحتفظ به في خزانة منزله. هكذا كانت الطموحات في «البيت الأبيض»، والحلم الجميل ذاته كان ينسجه ابن ال24 عاماً في مخيلته كل يوم، ف«عاشرة» يحققها «الريال» تعني سقوط كل الأعباء من على عاتق الويلزي، ومعانقة كل الأحلام كبيرها وصغيرها. بيل الذي تعرّض للنقد اللاذع مطلع مشاركته مع فريقه الجديد نظير الأداء المتواضع وغيابه عن التسجيل لم يشبه في بدايته مع «الملكي» ذلك الفتى المتوهج صاحب الحلول المثالية لأبناء لندن، ولكن مستوياته «الفارهة» بدأت في الظهور يوماً عن يوم، حتى وضع بصمة لا تنسى بهدفه الذي بات «شهيراً» في شباك برشلونة عندما كان «الريال» في أمسّ الحاجة إلى مرجح لكفته خلال الأشواط الإضافية في نهائي كأس ملك إسبانيا، فوجد نجم ملايينه «بيل». ويبدو أن الأشواط الإضافية من المباريات الختامية المسرح الأفضل لغاريث، لأجل التقدم خطوات كبيرة نحو قلوب العشاق وملامسة «الحلم المنشود»، فكان ظهوره مختلفاً هذه المرة عن كل يوم في مسيرته كاملة. قميص ساوثامبتون، المسافات التي قطعها في ملعب «وايت هارت لين» في لندن، وكل لحظة عاشها منذ أن وطأت قدماه العاصمة الإسبانية وحتى أن زار العاصمة البرتغالية، إذ سجل من جديد عبر الأشواط الإضافية ورجّح كفة «الملوك»، وطار بلقب «العاشرة» وبلغ الجزء الأجمل من الرواية نهاية جميلة لموسم «أبيض» خيالي. أفضل الواعدين في إنكلترا، أعلى عقد في تاريخ كرة القدم، تتويج بدوري أبطال أوروبا في أول موسم يرتدي فيه قميص ريال مدريد الذي غاب عن بطولته المحببة 12 عاماً، فماذا تبقّى من أحلام بيل؟