لاحظت مؤسسات بحوث إقليمية أن الشركات العقارية في منطقة الخليج بدأت تعيد تقويم مصادر دخلها، ونشاطاتها الأساسية المدرة للعائدات، في ظل تبدل في المزاج الاستثماري العام في المنطقة. ونصح تقرير لمؤسسة «المزايا القابضة» أمس، الشركات في المنطقة، وتحديداً التي توسعت في التطوير العقاري وجعلته مصدراً رئيساً للدخل، أن تنتقل إلى «المستوى الثاني» من التطوير العقاري، المعتمد على القيمة المضافة. واعتبر أن نموذج المساهمات العقارية في السعودية مثلاً، القائم على شراء الشركات مساحات كبيرة من الأراضي (بلوكات)، ومن ثم إعادة بيعها بعد تقسيمها إلى مساحات أصغر، لا توجد بالضرورة القيمة المضافة، إذا لم يرافق المشروع درس يشمل إنشاء مجتمع سكني وتجاري ومرافق وغيرها. ولفت إلى أن إحجام المشترين عن الصفقات العقارية الآن وتوقف المضاربات، دفع الشركات العقارية والاستثمارية، إلى إعادة النظر في الاستراتيجيات التسويقية، وتكتيك المبيعات من البيع «على الخريطة»، إلى الإيجار لغايات التمليك، ومن بيع العقارات غير المنتهية إلى عروض بالأثاث والتصميم الداخلي لإغراء المشترين. وتوقعت شركة المركز المالي الكويتي «المركز» في تقرير عن اتجاهات إيرادات الشركات العقارية في دول مجلس التعاون الخليجي في الفترة الماضية، أن تشهد إيرادات الشركات العقارية في دول المنطقة انكماشاً بمعدل 20 في المئة هذه السنة. ورأى التقرير أن القيمة السوقية تعرضت لانكماش بنسبة 44 في المئة منذ الربع الأول من العام الماضي، في حين كانت نسبة انكماش الإيرادات 42 في المئة مقارنة بعام 2007. وأوضح أن إيرادات شركات العقار الكويتية كانت سلبية، بلغت 842 مليون دولار في الربع الأخير من 2008، وهي الفترة التي شهدت ذروة الإيرادات السلبية، كما كان أداؤها أسوأ من نظيرتها في دبي، التي بلغت إيراداتها 671 مليون دولار. وأشار إلى أن الشركات الكويتية الوحيدة في منطقة الخليج التي تكبدت خسائر العام الماضي. وسجلت شركات العقارات في أبو ظبي، انكماشاً بلغ 72 في المئة، في الربع الأول مقارنةً بمستويات الربع الأول 2008، مقترباً جداً من انكماش القيمة السوقية لشركات العقارات في دبي، البالغة 80 في المئة، بينما كانت إيرادات الشركات في أبو ظبي شبيهة بإيرادات نظيرتها في قطر، التي انكمشت بنحو 49 في المئة في الفترة ذاتها. وعزا التقرير الانكماش إلى «الأزمة التي لحقت بعمليات التمويل، وأخذت تضمحل ببطء الآن». ورأى أن الشركات ستشهد مجدداً وفي شكل سريع انتعاشاً بفعل أساسيات القطاع الجيدة. وأظهر أن توسع شركات غير عقارية في الاستثمار العقاري في فترات الطفرة، دفعها اليوم إلى التخلي عنها ودمجها مع شركات تابعة أو شركات شقيقة، لخفض التكاليف ورفع القدرة على التنافس، في مؤشر على تغير هيكلي في مساهمة العقارات في الاقتصاد. ودمجت شركة «دبي العالمية» الذراع العقارية لمركز دبي للسلع المتعددة مع شركة «نخيل» للتطوير العقاري. ويملك مركز دبي للسلع عقارات ضخمة في مشروع أبراج بحيرات الجميرا، الذي يضم 87 برجاً للسكن والمكاتب والشقق الفندقية والفنادق، وأُنجز 25 برجاً حتى الآن، وسيجهز 25 آخر للتسليم في النصف الأول من هذا العام، ويُتوقع أن يجهز 27 برجاً في 2010. أما شركة «نخيل» فتطور ثلاث جزر اصطناعية وجزيرة العالم وعشرات المشاريع الضخمة في دبي، وتفوق حجم محفظتها العقارية 70 بليون دولار. وتملك «دبي العالمية» التابعة لحكومة دبي الشركتين. وأعلنت الشهر الماضي تلقيها أموالاً من حكومة دبي، يسدد جزء منها للمقاولين في إطار سعيها إلى استكمال مشاريع. ودفع الانكماش الذي أصاب القطاع العقاري في الخليج، شركات التطوير العقاري إلى التوسع في اتجاه نشاطات فرعية ذات قيمة مضافة، لكن دخلها مستقر ومستدام، مثل توسع «إعمار» العقارية الإماراتية إلى قطاع الضيافة وقطاع المول والمراكز التجارية، في حين توسعت شركات خليجية وعربية وتفرعت في اتجاه إنشاء المدارس والجامعات والفنادق والمساكن الشعبية وغيرها. ورصد التقرير تأسيس شركات عقارية وحدات أو شركات فرعية تعنى بخدمات البيع وما بعده. إلى ذلك أعلن تقرير «المزايا»، أن تراجع الإيجارات في دبي المقدر بنحو 50 في المئة في الشهور الستة الماضية، أدى إلى تشكيل ضغوط على الإيرادات، مثلما حدث مع الإيجارات التجارية في مركز دبي المالي العالمي متراجعة 40 في المئة. ولاحظ أن الأوضاع التي تمر فيها الأسواق المحلية دفعت شركات كبرى إلى البحث عن فرص في مناطق جديدة خارج المنطقة، إذ لفت «بنك اركابيتا» البحريني الاستثماري إلى سعيه إلى الاستثمار العقاري في مدن صينية صغيرة، حيث يُتوقع أن يكون النمو فيها أسرع من المدن الكبيرة مثل شنغهاي وبكين. وأوضح التقرير، أن شركات المقاولات والتشييد الكبرى، أسّست شركات شقيقة وتابعة في دول وأسواق أخرى لتنويع مصادر الدخل، وسد النقص في الدخل في أسواق تضررت من أزمة المال العالمية.