أوصت الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ببدء المرحلة الثانية من المفاوضات في مسار «الطلاق» مع بريطانيا (بريكزيت) بعد «تقدم كاف» أنجزه الجانبان في مفاوضات قضايا المرحلة الأولى التي تركزت حول حقوق المواطنين والحدود بين شطري إرلندا والفاتورة التي ستسدّدها بريطانيا لتغطية التزاماتها بمقتضى برامج أوروبية مشتركة لا تزال جارية. وأعربت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي بعد محادثات مع نظرائها في بروكسيل ليل الخميس– الجمعة، عن «تطلعها إلى مستقبل العلاقات التجارية والأمنية» بين بلادها والاتحاد بعد موعد الانسحاب البريطاني في 29 آذار (مارس) 2019. ووافقت القمة على الشروع في كانون الثاني (يناير) المقبل في مفاوضات حول المرحلة الانتقالية التي ستلي خروج بريطانيا من الاتحاد ويتوقع ألا تتجاوز سنتين، تواصل بريطانيا خلالها الالتزام بقوانين السوق الأوروبية الموحدة والاتحاد الجمركي. وفي المقابل، يفضل قادة الاتحاد التريث بعض الوقت بالنسبة إلى إطلاق مفاوضات التبادل التجاري وطبيعة الشراكة التي تريد بريطانيا إقامتها مع الاتحاد. ويُتوقع أن تنطلق محادثات التجارة الحرة في آذار المقبل، لكن الاتفاق الرسمي يُبرم بعد خروج بريطانيا، لأن القانون الأوروبي لا يسمح بتوقيع أي اتفاق داخلي بين الاتحاد كُلاً ودولة عضو. وانتقد قادة الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي تصريحات لوزير شؤون «بريكزيت» البريطاني ديفيد ديفيس، اعتبر فيها الاتفاق الأولي «إعلان نيات»، فيما يخشى الجانب الأوروبي عواقب معارضة متصاعدة داخل حزب المحافظين ضد ماي. وقابل زعماء الدول الأوروبية ماي بلياقة وتقدير لجهودها في دفع مفاوضات المرحلة الأولى قُدُماً. وقال رئيس الوزراء الإيطالي باولو جانتيلوني: «نقدر جهود ماي وندرك أن المرحلة الثانية لن تكون أسهل من سابقتها». وتوقعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل «مشكلات كثيرة لا يتوافر أمامنا وقت كثير لحلها»، وذلك في تلميح إلى غياب التفاصيل في مسائل دقيقة مثل مستقبل الحدود بين شطري إرلندا. وشدّد رئيس الوزراء الإرلندي ليو فارادكار على أن دبلن «تتطلع إلى علاقات بين الاتحاد وبريطانيا ترقى إلى مستوى التميز الذي تشهده حالياً». في غضون ذلك، استحكم الخلاف بين غالبية أعضاء الاتحاد ومجموعة الدول الشرقية الأربع: بولندا وتشيخيا وسلوفاكيا وهنغاريا، حول مقاربة قضية الهجرة. ولم يتمكن الجانبان من الاتفاق، على رغم نقاشات دامت ساعتين ليل الخميس– الجمعة، في ظل رفض الدول الأربع خطة المفوضية لتخفيف عبء المهاجرين عن إيطاليا واليونان، عبر نظام آلي لتوزيعهم يحل محل معاهدة دبلن التي تحمّل دولة الدخول الأولى مسؤولية التعامل مع الوافدين. واعتبر نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانز تيمرمانز، موقف الدول الشرقية إخلالاً بمبدأ التضامن الأوروبي، وقال إن «الحل المشترك هو السبيل الوحيد لمواجهة مشكلة الهجرة لأنها سترافقنا أجيالاً». ونقلت مصادر ديبلوماسية في بروكسيل عن مركل قولها إن «مبدأ التضامن ليس انتقائياً»، إذ تحصل الدول الشرقية على عشرات البلايين من اليورو هبات من موازنة الاتحاد لأغراض تنمية المناطق الفقيرة، فيما ترفض «رد الجميل» بالتضامن مع إيطاليا واليونان. وتحدثت مصادر القمة عن اتفاق حول إدارة ملف الهجرة من خلال التعاون مع ليبيا ودول المصدر. إلى ذلك، سجل الاتحاد الأوروبي، في غياب بريطانيا، خطوة تاريخية تمثلت في إطلاق القمة آلية «التعاون الهيكلي المشترك» التي تتركز حول توحيد جزء من القدرات العسكرية للدول الأعضاء على أساس طوعي، من أجل تأمين موارد مشتركة تمكن مجموعة من الدول الأعضاء القيام بمهمات التدريب العسكري وحفظ السلام، من دون حاجة إلى مشاركة سائر الأعضاء.