الاستمتاع الجمالي والخلق الفني هما إرهاصات في حضارتنا تشير إلى الرؤية العصرية، التي قد تصبح عليها حياتنا المستقبلية، فعلى رغم وجود الفنانة أماني برديسي في المشهد التشكيلي حديثاً فإنها استطاعت أن تقارع فنانين مرّ عليهم ثلاثة قرون في المجال نفسه، إذ تألقت في طرحها أعمالها الفنية، واستطاعت إيصال رؤيتها وإحساسها الفني بكل جدارة، كان لها حضور لافت في معرض «ديكو فير» 2017 التاسع في جدة، إذ قدمت رسالة من خلال مجموعة لوحات تناولت روحانية المكان للكعبة المشرفة بيت الله الحرام، في صور جمالية، من خلال المدرسة التجريدية، بحيث تصور ازدحام المباني حول الحرم المكي في عصرنا الحالي، وتحيط به حياة سكانية مزدهرة، والتطور العمراني الذي تحيط به من كل مكان، لذا تنقلك إلى ذلك المكان الطاهر وسط ذلك الزحام المفعم بالروحانية. «الحياة» تحاورت مع الفنانة التشكيلية أماني برديسي، التي تحدثت عن تجربتها ورؤيتها الفنية. كيف تقومين مستوى الوعي الثقافي للمتلقي بمدارس الفن التشكيلي؟ نجد هناك توجهاً كبيراً من مجتمعنا السعودي إلى أن سقف قراءات المجتمع يعلو عما كان عليه في السابق، ونجد هالة الفرشاة واللون اتسعت حتى أصبح مجتمعنا يرتقي بإحساسه تجاه الفن التشكيلي. متى يقتنع الفنان بالناقد والناقد بمهنية الفنان؟ يوجد وعي ملحوظ جداً، وبما أن المجتمع ارتقت ثقافته بالفن التشكيلي فقد يكون النقد الأكاديمي مهماً جداً لمخرجات اللوحة الفنية، بحيث تتماشى مع ثقافة المجتمع، وبذلك لا يقبل النقد الأخطاء احتراماً لثقافة المجتمع واهتمامه بهذا الجانب. ما هي علاقتك بلوحاتك، وما هو المحرك الحقيقي لمخرجاتها؟ من المؤكد أن كل لوحة هي نتاج وخطوط تعنيني أنا بصفتي فنانة تشكيلية، أما عن القصة القصيرة ففي كل خط في لوحاتي قصة داخلية تحاكي أعماقي وإحساسي، وأبرزها من خلال الريشة واللون، ووجود الإحساس الصادق في أية لوحة من المؤكد أنه يجبر المتلقي على الوقوف والتأمل. لديك فلسفة مختلفة بطرح اللون وترجمته، ما هي الرؤية التي أوصلتك إلى هذا؟ السواد قد يختلف مفهومه من شخص إلى آخر، أما عني أنا فيعني لي الغموض والعمق الفكري. إن كان السواد يعني للبعض الحزن فلا بد من زرقة الأمل، الذي يتماشى مع الحزن بخطين متوازيين، وهذا ما عبرت عنه في إحدى لوحاتي، وأطلقت عليه «Refused to sink» بمعنى: «رفض الغرق»، وزرقة العين وصفتها بالأمل المنشود للنجاة من هذا الغرق. المحاكاة التي تقدمينها، أية شريحة من المتلقين تستهدفين؟ أنا فرد من هذا المجتمع، ولذا أحاكي إحساسي أولاً، أما بالنسبة إلى المتلقي فله نظرته الثاقبة وفق ثقافته بهذا الفن، وما قد ينطبق عليه من إحساس جسده عملي، لذلك دائماً أترك الرؤية الأخيرة للمتلقي، كونه له حرية المساحة في التدبر والتأمل، التي لا يستطيع أي أحد تحديدها له، وأخيراً أحاكي جميع أفراد المجتمع. على رغم حداثة عمرك الفني فإن لديكِ ثقافة عصرية في طرح أعمالك؟ بفضل الله لم أعش الحياة على هامشها، وأنتم تقولون إن ثقافتي عصرية، ما أسعدني حقيقة، أما عن المرحلة العمرية؛ فالفن والإحساس لا يقتصر على فئة عمرية معينة، وتحقيقي هذا النوع من الفن قد يكون إحساساً فائقاً بالذات، إضافة إلى أن الله منحني أسرة تهيئني لما أنا عليه اليوم، وما أقرأه في أعين كثيرين. كيف تجدين كثرة المعارض التشكيلية، هل هي من الظواهر الفنية الصحية؟ كثرة المعارض مدلول على توجه كثيرين إلى هذا الإحساس الرائع، وهذا يعني ثقافة عالية بهذا الفن، أما عن الفائدة التي تعود على الفنان؛ فهي إتاحة الفرصة بتجسيد أحاسيس جمالية تعبيرية يعبر عنها بطريقة مختلفة لم يكن مجتمعنا معتاداً عليها في السابق، إضافة إلى تفريغ الأحاسيس المحاكاة بداخل المتلقي في أن يرى نفسه في مساحة معينة بأنامل تجسيدية لفنان معين.