قال رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري إنه مؤمن بأن «جميع الأطراف السياسيين والأحزاب في لبنان مستعدون للعمل واحترام سياسة النأي بالنفس، وإدرك الصعوبات التي تواجه بعض الدول العربية بقبول التناقضات التي نعيشها في لبنان، لكن هذا هو الواقع ونحن مرغمون على القبول به». تحدث الحريري أمام حشد من السياسيين والباحثين والأكاديميين في مؤتمر نظمه أمس معهد «كارنيغي للشرق الأوسط» تحت عنوان «عالم مضطرب: آفاق العام 2018». وبدأ الحريري الحوار ممازحاً: «لن أبق البحصة». وحاورته مديرة المركز في بيروت مها يحيي، وأجاب عن أسئلة الحضور. ولفت إلى «أهمية تشجيع كل الأطراف السياسيين على التزام سياسة النأي بالنفس. وإذا لم يحترم الأفراد والأحزاب هذه السياسة سيكون اللوم عليهم. ويجب ألا يدفع الشعب اللبناني ثمن مغامرات يقوم بها بعض الأحزاب والأطراف مثل «حزب الله»، علينا أن نحترم سياسة النأي بالنفس. وبالنظر إلى ما يجري حولنا في المنطقة، وجدنا أن من الأفضل أن نضع جانباً الاختلافات ونعمل جميعاً لمصلحة لبنان». وعن خطوات منتظرة من «حزب الله»، توقف الحريري عند «الحملات في الإعلام التي هدأت بعد قرار النأي بالنفس، وسنلاحق هذه المسائل، وحصل بعض المسائل في جنوبلبنان وحصل تصريح آخر، واتخذت شخصياً وكذلك رئيس الجمهورية خطوات لنضمن تطبيق هذه السياسة حتى النهاية». وعما ينتظره لبنان من مؤتمرات باريسوروما وبروكسيل، قال: «نمر بظروف صعبة جداً. والطريقة الفضلى للمضي قدماً هي أن نحصل على الدعم السياسي لاستقرار لبنان، وحصلنا عليه في باريس. والهدف الثاني أن نضمن أنه ستكون لدينا كل الوسائل لمحاربة أي انتهاكات أمنية والإرهاب. لذلك سيكون هناك مؤتمر روما لمساعدة الأجهزة الأمنية والجيش ولتطبيق القرار 1701، وسنذهب إلى مؤتمر باريس للحصول على المساعدة الاقتصادية. لدينا 1.5 مليون نازح سوري، ولنتمكن من التعامل معهم حتى مغادرتهم، على المجتمع الدولي مسؤولية مساعدة لبنان عبر منح أو قروض لتحريك اقتصادنا. وعلينا أن نبدأ الاستثمار وإعداد البنى التحتية. أعددنا لائحة بالمشاريع تقدر كلفتها بين 12 و 16 بليون دولار للسنوات المقبلة. و40 في المئة منها ينجز من القطاع الخاص. لا نتطلع فقط إلى قروض سهلة أو منح بل نريد دعماً لمجيء الشركات الكبرى للاستثمار في مشاريع الطرق والمطار وغيرها». لقاء تيلرسون وعن لقائه وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون في باريس، والقرار الأميركي في شأن القدس قال: «هو قرار غير حكيم. القدس يجب أن تكون عاصمة فلسطين، وهذا القرار يعطي فقط هدية للمتطرفين في العالم لزعزعة الأوضاع. موقف الحكومة اللبنانية رفض القرار الأميركي ولن نغيّره». وأشار إلى أن موقف أميركا إزاء حزب الله واضح وكذلك موقف الاتحاد الأوروبي «لكن الجميع يدعون إلى حوار وطني ومسألة حزب الله أكبر من لبنان، فهي مسألة إقليمية ومشكلة المجتمع الدولي، وإن كان هناك من يريد أن يكون جدياً حولها عليه ألا يلوم لبنان». وقال: «أتفهم موقف دول الخليج ونتطلع لتحسن علاقتنا معها في العام 2018، وسنزور هذه الدول وستكون لدينا اجتماعات في السعودية والإمارات قريباً». وأضاف: «على دول الخليج أن تدرك أننا أصدقاء ونريد العلاقة الجيدة، فترك لبنان بمفرده سيخدم الآخرين. العلاقة الجيدة والصحيحة بيننا وبين دول الخليج تقوي مؤسساتنا والجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي واقتصادنا. إن قمنا بعملنا كما يجب كحكومة، أعتقد أن كل الأحزاب ستضعف لمصلحة الدولة». وأشار إلى مناقشات لمجلس الوزراء «صريحة وواضحة ستحصل (اليوم) بشأن الاستثمارات النفطية»، معتبراً أن «العرض المقدم من الشركات جيد». وعن الخلاف مع إسرائيل على الحدود البحرية، قال: «نعمل مع أميركا في شأنه وأننا أنجزنا خطوات إيجابية، والمناقشات مستمرة، كي نصل إلى نهاية سعيدة». وعن العلاقات اللبنانية- السورية في حال بقي الرئيس بشار الأسد، أكد أنها «غير موجودة ولن أغير رأيي. وعلى العالم كله أن يدرك أن لدينا 1.5 مليون نازح سوري ونؤمن بضرورة عودتهم الآمنة والطوعية إلى سورية، وهناك وضع أمني مستقر في بعض المناطق في سورية، وعلى الأممالمتحدة أن تبدأ العمل فيها، وبمساعدة الأممالمتحدة وأميركا وروسيا، ليعود النازحون السوريون إليها. اضطر مسؤولون من الأمن العام للتعامل مع الأجهزة السورية، وهذه هي العلاقة الوحيدة التي نراها بين البلدين». وأكد أن عودة النازحين «تحتاج لموافقة الأممالمتحدة ولن نتخذ أي خطوات بمفردنا، ولا نمنع أي شخص يريد العودة إلى سورية. على العالم أن يدرك أن أي نزاع تبدأه إسرائيل ستكون له آثار على 1.5 مليون نازح . وفي حال غادر نازحون جدد لن يذهبوا إلى دول عربية بل إلى أوروبا». ولفت إلى أنه «في العراق الذي له علاقات جيدة مع سورية، نازحون سوريون، وكذلك في تركيا ومصر. ولم يعودوا إلى سورية. المسألة ليست علاقات جيدة مع النظام بل أمن النازحين وسلامتهم. ولا أعتقد أن الانفتاح على النظام سيعيد النازحين». وعن دور لبنان في إعادة بناء سورية، اعتبر «أن الاتحاد الأوروبي أو نحن أو أي دولة تريد القيام بأي جهد في هذا الشأن يجب أن تدرك ضرورة حل سياسي، وعلينا أن نبدأ بناء البنى التحتية في لبنان لتتمكن الشركات الراغبة بالذهاب إلى سورية من أن تعتمد على الخبرات اللبنانية. لم نقل يوماً أننا نريد أن نذهب إلى سورية قبل التوصل إلى حل نهائي. موقف الاتحاد الأوروبي هو الموقف المناسب، وسيشكل ضغطاً على النظام السوري للوصول إلى حل سياسي، وأي عملية سياسية في سورية يجب أن تشمل حلاً للنازحين». الانتخابات النيابية وعن التحالفات في الانتخابات المقبلة، أوضح أنه منفتح «ولدينا تحالفات أود التمسك بها وهناك التحالف الحالي مع رئيس الجمهورية الذي أثبت أنه جيد لاستقرار لبنان. علينا أن نتطلع إلى مصلحة حزبنا السياسي أولاً وستكون لنا تحالفات لتكون لدينا أكبر كتلة. ربما لا يعجبني طرف ما ولكن إن كان سيضعني في مركز جيد فلا مانع. وهناك أحزاب لا نستطيع التحالف معها للاختلافات الكبيرة بيننا». وعما إذا كانت نتائج الانتخابات المقبلة ستحفظ التوازن الحالي في البرلمان في ضوء توقع حصول «محور المقاومة» على أكثرية 71 نائباً، قال الحريري: «عام 2009 حين خضنا الانتخابات على أساس قانون 1960، توقعوا النتائج ذاتها، ثم تمكنا من الفوز. أعتقد أن المجلس النيابي في المستقبل لن يختلف كثيراً، كما أن رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد بك سيكون له دور «بيضة القبان»، وكل هذه المناقشات حول فوز 8 آذار أو غيرها تأتي ممن يخافون القانون الجديد ويريدون تأجيل الانتخابات. لا أعتقد أنه ستكون هناك أكثرية واحدة في البلد، فالمسألة لم تعد تتعلق ب14 آذار أو 8 آذار. المشكلة أن هناك من يريدون البقاء في مواقعهم، وهذا التحالف الجديد بيننا وبين رئيس الجمهورية لا يتعلق لا ب8 ولا 14 آذار بل هو تحالف من أجل مصلحة البلد. والعودة إلى الانقسام العمودي تمنع لبنان من المضي قدماً. حصلت بعض الإنجازات بالنسبة إلى 14 آذار، مثل المحكمة الخاصة بلبنان، لكن ماذا حصل عندما يتعلق الموضوع بالاقتصاد ومصالح الناس والأمان وتخفيف التوترات بين السنة والشيعة؟ علينا أن ندرك أننا لا نعيش في صندوق مغلق بل في منطقة متفجرة. مسؤوليتنا كقادة أن نتأكد من أن النار لن تصل إلى لبنان. وأحياناً علينا القيام ببعض التسويات. القانون الجديد صعب، وسيكون هناك دور أكبر للمجتمع المدني الذي سيصل بعض ممثليه، وهم لن يكونوا معنا ولا ضدنا، بل لهم برنامجهم الخاص، وهذا ما سيدفعنا إلى العمل بحماسة لتعزيز موقعنا». وشدد على أن موقف المملكة العربية السعودية من مسألة القدس «كان واضحاً جداً من خلال تصريح وزير الخارجية خلال اجتماع الجامعة العربية والحكومة السعودية. الطريقة الوحيدة لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين هي عبر تطبيق المبادرة العربية وحل الدولتين». وأكد أنه «لا يمكن لبنان أن يكون يوماً حيادياً مع إسرائيل مثلاً». «بق البحصة» وعما إذا حلفاء البارحة أصبحوا أعداء اليوم وأعداء البارحة أصبحوا حلفاء اليوم، وقوله إنه سيبق البحصة، قال الحريري: «قلت إنه في يوم من الأيام سأجري مقابلة مع مرسال غانم، ولم أحدد الموعد، وسأتحدث عن كل الأمور بصراحة. ومع كل وسائل التواصل الاجتماعي بات بإمكان كل شخص أن ينقل ما يريد عبرها. أما في ما يتعلق بتحالفات البارحة التي أصبحت عداوات اليوم، فلا أعتقد ذلك. مهمتي اليوم أن أجمع اللبنانيين، والتحدي الأكبر أنه خلال هذه الأزمة كل الأطراف اللبنانيين أرادوا عودتي، وهذا يرتب مسؤولية كبيرة علي. ولذلك لست شخصاً يريد أن يجعل له أعداء. وأؤكد أن قصة الحلفاء والأعداء ليست بالمسألة الصحيحة». الراعي من السراي: لإلتزام الجميع النأي عشية انعقاد القمه الروحية الإسلامية- المسيحية في بكركي اليوم، لبحث قضية القدس، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي السراي الكبيرة، واستقبله رئيس الحكومة سعد الحريري، وبحث اللقاء الأوضاع المحلية والإقليمية. وقال الراعي إن الزيارة هي «للاطمئنان على الرئيس الحريري بعد عودته من الخارج، ولتهنئته بالبيان الذي صدر عن الحكومة، وعودته عن الاستقالة والانطلاقة الجديدة، واجتماع مجموعة الدعم في باريس، ولأؤكد له أهمية وجوده في لبنان على رأس الحكومة، وكم يعطي ثقة للبنانيين، وعبّرنا له عن محبتنا وتأييدنا ودعمنا الدائم له من أجل لبنان». وأضاف: «كلنا مسؤول من موقعه، وليس فقط رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، كل الشعب اللبناني مسؤول في المساعدة لإعادة بناء مجتمعنا ووطننا»، معتبراً أن «على جميع مكونات الحكومة التي أخذت قرار النأي بالنفس الالتزام به، مع لفت النظر إلى استكمال ذلك بالاستراتيجية الدفاعية الوطنية المشتركة»، مؤكداً أن «على لبنان أن يكون بلداً حيادياً ليخدم جميع الدول العربية بالسلام والعدالة من دون دخوله في المحاور الإقليمية والدولية». وعما إذا كان النأي من طرف واحد، أجاب: «ما دام كل المكونات وافقت على هذا المبدأ فهذا كاف عندي حتى تطالب كل يوم بالتزاماتها. وكما نلتزم نحن النأي بالنفس نريد من الدول الأخرى أن تلتزم النأي عن شؤوننا اللبنانية، وألا تجرّنا إلى محاور نحن لسنا معنيين بها أصلاً. يمكننا لعب دور من دون أن نكون في المحاور». فوتيل للحريري: فخورون بحرفية الجيش عبر قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل عن فخر القيادة الوسطى الأميركية «بشراكتنا مع القوى اللبنانية المسلحة»، واصفاً عناصرها بأنهم «محترفون وفاعلون ويضعون مصلحة الشعب اللبناني نصب أعينهم، ونحن فخورون بأدائهم ويسرنا أن نكون شركاء لهم». وكان الجنرال فوتيل زار أمس رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي الكبيرة ترافقه السفيرة الأميركية إليزابيت ريتشارد التي قالت: «أجرينا محادثة ممتازة حول التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة. تحدثنا عن الكيفية التي يمكن بها الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي الأوسع، دعم لبنان في هذه الأوقات الصعبة. ففي الأسبوع الماضي،اجتمعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في باريس للاعتراف بدور الرئيس الحريري شريكاً رئيسياً في الحفاظ على وحدة لبنان واستقراره، ولفتت الانتباه إلى إعادة الحكومة تأكيد سياسة النأي بالنفس عن الصراعات والحروب الإقليمية، وأعادت إلى الأذهان التزامات لبنان السابقة بقرارات مجلس الأمن بما فيها 1559 و1701، ودعمت المجموعة قادة لبنان السياسيين ومن ضمنهم رئيس الحكومة، الذين يمثلون جميع اللبنانيين وتحدثوا بصوت واحد بأن ازدهار الشعب اللبناني واستقرار البلد يعتمدان على قدرته على تجنب الانخراط في الصراعات الإقليمية». وأضافت قائلة: «من جانبنا، نواصل التزامنا الطويل الأمد بشعب لبنان ومؤسساته، بما في ذلك الجيش. وناقشنا والجنرال فوتيل، مع رئيس الحكومة وقائد الجيش (العماد جوزف عون) في وقت سابق اليوم، ثلاثة برامج جديدة لوزارة الدفاع الأميركية نحن في صدد الإعلان عنها». وأوضحت أن «هذه الأنظمة التي تقدر قيمتها بأكثر من 120 مليون دولار، تشمل 6 طائرات هليكوبتر هجومية خفيفة من طراز MD 530G، و6 طائرات من دون طيار جديدة من طراز Scan Eagle، بالإضافة إلى أحدث أجهزة الاتصالات والرؤية الليلية. وستساعد الجيش في بناء قدراته الثابتة والقوية للقيام بعمليات حماية الحدود ومكافحة الإرهاب، والأهم الدفاع عن لبنان». ووصف الجنرال فوتيل المحادثات مع الحريري ب «الممتازة، وأعتقد أننا بدأنا خطوات للمضي قدماً في تمتين علاقاتنا».