أكدت الكويت أن ثقافة السلام في العالم أصبحت مهددة أمام النزاعات بين الدول والمجتمعات والأفراد والمدعومة بالتعصب والتطرف والعنف والاحتقان الديني والطائفي. وأوضحت الملحقة الديبلوماسية الكويتية فرح الغربللي، في كلمة لبلادها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال72 أمس أن «الصراعات الفكرية ظهرت في أقبح وأبشع صورة حيث يعود أساس ما يشهده عالمنا اليوم إلى عدم تقبل الرأي الآخر وإشاعة لغة الإقصاء وقلة التوعية في التعايش مع الآخرين». وقالت - وفق وكالة أنباء الكويت - «إن ما نشهده اليوم يحتم علينا السعي وراء معرفة أسباب عدم التسامح وعدم تقبل الرأي الآخر واللجوء إلى التطرف والعنف كأساليب للتعبير، ما يوجب علينا تضافر الجهود محلياً وإقليمياً ودولياً من أجل تحويل ثقافة العالم من ثقافة كره وتعصب وحرب إلى ثقافة حوار وتعايش وجوداً وفكراً». وحذّرت من أن «العالم يواجه تهديداً خطراً متمثلاً في التطرف والإرهاب، فليس هناك مجتمع في مأمن من آفة التطرف والإرهاب اللذين يعتبران تحدياً لثقافة السلام والحوار، الأمر الذي يستدعي العمل على دحرهما وإعلاء رسالة السلام والتعايش السلمي والحوار والتفاهم والتعاون بين الأديان والثقافات». وأشارت إلى «أن أول عبارة نص عليها ميثاق المنظمة الأممية هي (نحن شعوب العالم) أي نحن الشعوب المختلفة التي أتت من بيئات متباينة ولنا ثقافاتنا وحضاراتنا ومعتقداتنا الخاصة بنا يجمعنا عالم واحد نتشارك فيه جميعاً لنشكل في النهاية معالم الحضارة الإنسانية»، مؤكدة أنه «من هذا المنطلق فإن الكويت تولي أهمية عظمى لمسألة تعزيز ثقافة السلام، وخصوصاً في الوقت الحاضر الذي تزايدت فيه موجات التطرف والتعصب والإرهاب الذي طاول عدداً من دول العالم، ومحاولاته خلق الفوضى وزرع الخوف في مجتمعاتنا». وشددت الغربللي على أن «السلام يؤسس العدل ويمكّن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وأنه لمن الطبيعي أن دعم السلام يساهم في تجفيف منابع الظلم وتمكين المظلومين من تقرير مصيرهم بأنفسهم وإعطاء كل ذي حق حقه، وأن بناء سلام مستدام يجب أن يكون على أساس فهم مشترك لقاعدته الأصلية، وهي أن السلام قبل كل شيء هو ثقافة أساسها التربية والتعليم». ولفتت إلى حرص بلادها على تعزيز ثقافة التسامح والتعايش، مبينة أن الدستور الكويتي رسخ هذه القيم والمفاهيم من خلال مواده التي نصت على الحقوق والواجبات لكل مواطن من دون تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين». وأضافت أن دستور بلادها أكد أن العدل والحرية والمساواة دعامات للمجتمع، وأن التعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين، وانطلاقاً من حرص الكويت على تعزيز أطر الوسطية، أصدر مجلس الوزراء قراراً بتشكيل اللجنة العليا لتعزيز الوسطية التي تهدف إلى نشر الوسطية الصحيحة في المجتمع ومحاربة التطرف والغلو والتعصب بصوره وأشكاله كافة. وذكرت أن «السلام ثقافة متأصلة في تاريخ المجتمع الكويتي قبل نشوء الدولة الحديثة، ونبع منها روح التسامح وتقبل الآخر والحوار مع مختلف الثقافات والأديان، إذ سطر تاريخ الكويت أمثلة عديدة عن التقارب والانفتاح مع مختلف الحضارات والشعوب». وتابعت أن «تلك القيم ترجمت في عصرنا الحديث بدستور كفل حرية الرأي والتعبير والاعتقاد والسماح بممارسة الشعائر الدينية بكل حرية وأمان».