هل هذه حقاً السعودية؟ إنها ليست مقدمة خبر صحافي، بل عنوان خبر صحافي نشرته صحيفة كورية، بعد إحدى حفلات الموسيقار من أصل يوناني ياني كريسماليس في السعودية، والذي أقام ثلاث جولات فنية في مدينتي الرياض، وجدة، وأخيراً شرق المملكة. وودع الموسيقار العالمي أمس، آخر لياليه في المملكة، في حفلة أقيمت بمدينة الملك عبدالعزيز الثقافية بمبنى إثراء، أحد أهم وأجمل مباني المنطقة الشرقية وأكثرها فخامة، بإمضاء جماهيري غير مسبوق في حضوره، فيما لا يبدو مستغرباً بالنسبة للسعوديين الذين اعتادوا حضور ما يليق بهم من أذواق فنية خارج أسوار بلدهم، وبيعت تذاكر الحفلة التي بلغت قيمته 200 ريال لأقل فئة، و900 ريال للفئة الأعلى، فيما شهدت الليلة الأولى من حفلة ياني في الظهران أمس، حضوراً باهراً، ضاقت به ساحة المدرجات. وأكد الأقبال الجماهيري للحفلة ملائمة الاختيارات الشفافة لهيئة المجتمع السعودي الذي لا يجامل في ما يحب وما لا يحب، إذ عبر أحد المغردين عن سروره البالغ بإقامة حفلة ياني خصيصاً في مدينة الظهران، فيما ذاع صيت نجاح الحفلة للحد الذي كتبت من خلاله وسائل أعلام كورية عن انبهارها بهذا النشاط بعنوان (هل هذه حقاً السعودية)؟ رجال ونساء يجلسون بجانب بعضهم بعض بكل هذا التنظيم. بينما غرد الموسيقار ياني بعد حفلته الأولى في الشرقية، مبدياً سعادته بليلة وصفها ب«المدهشة والملهمة»، إذ عبر ياني من خلال جميع تصريحاته عن سروره بلقاء الشعب السعودي، في تجربة تعد بالنسبة له استثنائية خلال مشواره الكبير. ولم تكن الصحف ووسائل الإعلام الكورية وحدها التي كتبت عن حفلة ياني في السعودية، بل كتبت أغلب الصحف الأجنبية عن الحدث الذي لم يصف حضور ياني فحسب، ذلك لأن أنشطة هيئة الترفيه السعودية قلبت دفاتر كثيرة في هذا الجانب، إذ أضوت على رؤية الشعب السعودي واهتماماته الفنية، وأشعلت أهل الفن أنفسهم في كل بقاع العالم وتطلعاتهم إلى إحياء حفلاتهم في أرض المملكة، حين بات الجمهور السعودي الصيد الذي يرمي أي فنان عالمي شباكة تجاهه، وبينما ظلت مصر منذ سنين يطلق عليها أم الدنيا، فإنه وبولادة هيئة الترفيه في المملكة، ستتسع رقعة هذه الأم الولادة للفن والمحتضنة، لتكون السعودية غير منافسة إنما ممتدة لتكون أمة فنية بجانب أمم نهض اقتصادها برقي الفن.